جهود رئاسية مكثفة للتوصل لوقف دائم لإطلاق النار بفلسطين.. الحل في القاهرة

جهود رئاسية مكثفة للتوصل لوقف دائم لإطلاق النار بفلسطين.. الحل في القاهرةالرئيس السيسي والعاهل الأردني

حوارات وتحقيقات27-11-2023 | 17:48

كثفت الدبلوماسية الرئاسية المصرية جهودها لاحتواء التصعيد في قطاع غزة، ورفض سياسة العقاب الجماعي ومخطط تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأراضي المصرية، وجاءت الهدنة الإنسانية في القطاع كإحدى الخطوات الناجحة، التي تؤدي إلى تنفيذ سياسات الرئيس السيسي في إطار حل الصراع وخفض التصعيد العسكري بالقطاع، وإدخال المئات من شاحنات الإغاثة والمساعدات للأشقاء الفلسطينيين.

وجه الرئيس الأمريكي جو بايدن، الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي على الدور المصري فى الوساطة المشتركة، التي أدت إلى التوصل للهدنة الإنسانية بقطاع غزة، مثمنًا الجهود المصرية فى تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، مؤكدا رفض الولايات المتحدة القاطع للتهجير القسري للفلسطينيين من غزة إلى الأراضي المصرية.

وخلال اتصال تلقاه الرئيس السيسي من الرئيس الأمريكي، أكد الرئيس السيسي أن الجهود المصرية تأتي فى إطار حرص مصر على حقن الدماء وتحقيق الاستقرار فى المنطقة، مشددًا على ضرورة العمل على البناء على الهدنة الإنسانية الحالية للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإدخال الكميات المطلوبة من المساعدات الإغاثية والوقود لجميع مناطق القطاع، كما أكد الرئيسان أهمية العمل فى اتجاه الحل السياسي للقضية الفلسطينية استنادا إلى حل الدولتين.

وأكد الرئيس السيسي، ونظيره الأمريكي، قوة الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، والحرص على مواصلة تطويرها فى المجالات كافة، وأيضا أكدا أهمية العمل فى اتجاه الحل السياسي للقضية الفلسطينية؛ استنادا إلى حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمي بأن الرئيسين اتفقا - فى ختام الاتصال - على استمرار التنسيق والتشاور بين الجانبين؛ لتحقيق الاستفادة من الهدنة الحالية بما يدعم الأمن والاستقرار فى المنطقة.

إنفاذ المساعدات
فى الوقت ذاته، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمطار القاهرة الدولي الملك عبد الله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمي بأن الزعيمين عقدا جلسة مباحثات رحب خلالها الرئيس السيسي بأخيه العاهل الأردني، مؤكدًا الحرص على التنسيق المستمر بين البلدين لتوحيد المواقف فى ضوء الظروف الدقيقة التي تشهدها المنطقة.

وأضاف المتحدث الرسمي أن المباحثات شهدت ترحيب الزعيمين بالهدنة الإنسانية المعلنة فى قطاع غزة، وتأكيد الجانبين لرؤيتهما المشتركة إزاء ضرورة استمرار العمل المكثف للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإتاحة المجال لنفاذ المساعدات الإنسانية الكافية لأهالي القطاع دون إبطاء، وذلك تجسيدا للتوافق الدولي والمتمثل فى قراري مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة ذوي الصلة، مع رفض سياسات التجويع والعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، وكذا تأكيد رفض الدولتين التام لأي محاولات لتهجير أهالي القطاع داخل أو خارج غزة.

كما استعرض الزعيمان جهود البلدين للتواصل مع كل الأطراف من أجل تقديم الدعم الكامل للأشقاء الفلسطينيين، وأكدا ضرورة تحرك المجتمع الدولي لاستغلال الهدنة الحالية؛ لإغاثة أهالي غزة وتخفيف المأساة الإنسانية، التي يتعرض لها القطاع.

وأكد الزعيمان أن أي جهود لاستعادة الاستقرار فى المنطقة يجب أن تستند إلى إطلاق عملية سياسية متكاملة بهدف الوصول إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين، وحصول الجانب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وعلى رأسها دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

الأولويات المصرية
وفى كلمته خلال القمة الاستثنائية لمجموعة «البريكس» عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن الأولويات المصرية فى المرحلة الحالية تتمثل فى وقف نزيف الدماء فى قطاع غزة من خلال الوقف الفوري لإطلاق النار والنفاذ الآمن والمُستدام للمُساعدات الإنسانية وتجنُب استهداف المدنيين والمُنشآت المدنية فى القطاع، مشددا على ضرورة تسوية جذور الصراع والتعامل مع القضية الفلسطينية بمنظور شامل ومتكامل يضمن حقوق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وقال الرئيس السيسي: «إن قمتنا هذه تأتي فى توقيت حرج يشهد فيه الفلسطينيون تصعيدا مُستمرا، فى قطاع غزة والضفة الغربية، أودى بحياة آلاف المدنيين، ثُلثيهم من النساء والأطفال، كما تعرض القطاع بأكمله إلى عقاب جماعي وحصار وتجويع وضغوط من أجل التهجير القسري، وأتت هذه المشاهد الإنسانية القاسية لتكشف عجز المجتمع الدولي وجمود الضمير الإنساني».

وأضاف الرئيس «لقد رحبّت مصر بالجهود الدولية الرامية لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين فى قطاع غزة، وفى مُقدمتها قرار مجلس الأمن 2712، الذي دعا إلى التوصل العاجل إلى هدن وإنشاء ممرات إنسانية مُمتدة فى جميع أنحاء القطاع، وتدعو مصر فى هذا الإطار المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال من أجل الامتثال لتنفيذ هذا القرار».

وأشار إلى أن مصر عارضت وأدانت قتل المدنيين من جميع الأطراف، وتدين فى ذات الوقت، وبأشد العبارات، استهداف المدنيين والمنشآت المدنية، خاصةً المستشفيات، وتؤكد أن المجتمع الدولي يتحمل مسئولية إنسانية وسياسية؛ لإنقاذ المدنيين فى غزة ووقف هذه الممارسات اللا إنسانية، التي تجعل الحياة والمعيشة فى غزة مستحيلة مما يُجبر الناس على ترك بيوتهم وأراضيهم.

معبر رفح
وأكد أن مصر تبذل كل الجهود من أجل تخفيف مُعاناة الفلسطينيين فى غزة، حيث قامت بفتح معبر رفح الحدودي منذ اللحظة الأولى لإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع وخصّصت مطار العريش لاستقبال المساعدات من مختلف دول العالم، ولكن تتسبب الآليات الموضوعة من السلطات الإسرائيلية فى تعطيل وصول المساعدات لمُستحقيها، ومن ثم، فإن ما يدخل غزة من المساعدات أقل بكثير من احتياجات أهلها، وهو ما يتطلب وقفة من المجتمع الدولي؛ لضمان نفاذ المساعدات بالكميات المطلوبة لإعاشة أهالي غزة.

وشدد الرئيس السيسي، على أن مصر كانت ولا تزال تُعارض الضغط على الفلسطينيين فى قطاع غزة وتقف ضد محاولات إرغامهم على ترك أرضهم وبيوتهم سواء بشكل فردي أو جماعي، كما تقف مصر ضد أي محاولات لتهجير الفلسطينيين بشكل قسري، داخل أو خارج غزة، خاصةً أن ترك الفلسطينيين لأرضهم، مخالفة جسيمة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، كما أن أطروحات إعادة احتلال إسرائيل للقطاع لا تزيد الموقف إلا تأزيما وتعقيدا.

وتابع الرئيس: «كما أن المجتمع الدولي يقف صامتا كذلك أمام عُنف غير مُبرر من قبل المستوطنين إزاء الفلسطينيين فى الضفة الغربية، وأمام ما تشهده الضفة من اقتحامات عسكرية يوميا من قبل الجيش الإسرائيلي، وهي كلها سياسات مرفوضة تسهم فى إشعال المنطقة وزيادة مناطق التوتر بها».

وثمن الرئيس السيسي، الدعوة إلى هذا الاجتماع المهم، معربا عن خالص تقديره لقرار قمة البريكس بجوهانسبرج، بدعوة مصر للانضمام إلى التجمع، وهي الدعوة التي أؤكد ترحيب بلادي بها، معربا عن ثقته فى أن ذلك سيتيح لنا تعزيز التعاون والتنسيق المشترك على أساس مبادئ التضامن، والاحترام المتبادل، واحترام القانون الدولي.

الانتقائية الدولية
وفى القمة الافتراضية لمجموعة العشرين، طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة إصلاح سياسات وممارسات بنوك التنمية متعددة الأطراف؛ لتعزيز قدرتها على التمويل، وفقًا لأولويات الدول النامية، مؤكدا ضرورة احتواء إشكالية تنامي الديون السيادية للدول النامية، بما فيها الدول متوسطة الدخل.

وأعرب الرئيس، فى مستهل الكلمة، عن فائق امتنانه لرئيس وزراء الهند، على تنظيم هذه القمة، التي تنعقد فى خضم تصاعد حدة التوترات الجيوسياسية العالمية، فضلًا عن استمرار تداعيات الأزمات الاقتصادية الدولية المتعاقبة وتراجع وتيرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتفاقم تحديات تغير المناخ بالإضافة إلى حالة الاستقطاب والانتقائية التي تتفاقم فى النظام الدولي.

وأوضح أن أسلوب تفاعل المجتمع الدولي مع الحرب الدائرة فى الأراضي الفلسطينية، يعد تجسيدًا لهذه «الانتقائية»، فلا تزال آلة الحرب تحصد المزيد من الأرواح وتخلف الدمار والتشريد بالرغم من التحذيرات الدولية المتصاعدة بضرورة حماية المدنيين واحترام القانون الدولي بالإضافة إلى ضرورة حصول الشعب الفلسطيني على حقه المشروع فى إقامة دولته والعيش بسلام وأمن بجانب إسرائيل.

وأكد الرئيس السيسي أن ما يشهده العالم اليوم من أزمات - وإن كانت ذات وجه سياسي وعسكري - تتماس وتتقاطع مع الاختلالات الاقتصادية العميقة التي يشهدها العالم، التي تنعكس سلبًا بقوة على تلبية حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية، خاصة فى الدول النامية.

وقال الرئيس: إن الصمت لم يعد خيارًا، إزاء ما اندلع من أزمات، ولم يعد الانتظار والترقب حلًا لمواجهة السيناريوهات العالمية المحتملة، جيوسياسيًا واقتصاديًا.

واختتم الرئيس السيسي، كلمته، لرؤساء الدول والحكومات بالقول: «لا نملك رفاهية تأجيل العمل المواجهة، فالتحديات تفرض نفسها وتمتد وتتسع وتتشابك ولا بديل عن وقفة صدق مع الذات نحكم فيها الضمير الإنساني وقيم العدل والإنصاف والموضوعية والمصالح المشتركة وبما يتيح لنا التغلب على الأزمات الخطيرة الراهنة والانطلاق بجهود التنمية وتحقيق الأمن نحو مستقبل أفضل للإنسانية بأسرها».

إعادة الإعمار
على جانب آخر، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن انطلاق فعاليات النسخة الثالثة لأسبوع إعادة الإعمار والتنمية بالاتحاد الإفريقي تحت شعار «نحو مستقبل أفضل لإفريقيا من خلال بناء السلام» فى الفترة من 22 إلى 27 نوفمبر 2023.

وقال الرئيس السيسي فى بيان له بمناسبة إعلان بدء فعاليات نسخة عام 2023 من أسبوع إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد الصراعات على مستوى الاتحاد الإفريقي (22-27 نوفمبر 2023): «بصفتي رائد الاتحاد الإفريقي لملف إعادة الإعمار والتنمية بعد الصراعات، يسعدني أن أعلن عن انطلاق فعاليات النسخة الثالثة لأسبوع إعادة الإعمار والتنمية بالاتحاد الإفريقي تحت شعار «نحو مستقبل أفضل لإفريقيا من خلال بناء السلام» فى الفترة من 22 إلى 27 نوفمبر 2023، التي تهدف إلى تسليط الضوء على الأولوية التي نوليها جميعا؛ لجهود بناء السلام وإعادة الإعمار والتنمية فى إفريقيا، فى وقت تموج فيه القارة بتحديات جسيمة ومعقدة، وفى ظل أجواء جيوسياسية واقتصادية عالمية يسودها الاستقطاب، ما يتعين معه تبني رؤية إفريقية شاملة لمُجابهة تحديات السلم والأمن والتنمية.

وأضاف الرئيس السيسي «فى هذا السياق، أود أن أشيد بالتقدم المُحرز على صعيد تشغيل مركز الاتحاد الإفريقي؛ لإعادة الإعمار والتنمية بعد الصراعات، الذي تستضيفه القاهرة، وأن أعرب عن تطلعنا لسرعة التفعيل الكامل للمركز بما يخدم مصالح واحتياجات قارتنا، خاصةً فى ضوء حرص الحكومة المصرية على توفير كل سبل الدعم له لسرعة مباشرته لدوره الهام فى دفع جهود بناء السلام فى القارة».

وثمن الرئيس السيسي فى هذا الصدد التقدم المُحرز فى مراجعة السياسة الإفريقية لإعادة الإعمار والتنمية بعد الصراعات، بعد أن استضافت القاهرة ورشة عمل رفيعة المستوى لهذا الغرض فى مايو 2023، التي ساهمت فى تحديث وتنقيح السياسة الإفريقية؛ لمواكبة التطورات المفاهيمية والسياسية لمفهوم بناء السلام، بغية تطوير أدوات القارة فى الاستجابة للصراعات وتبني منظور أكثر شمولية فى التعامل معها، من منطلق وقائي يقوم على معالجة أسباب وجذور النزاعات ويحول دون اندلاعها بالأساس، ويعمل على ضمان استمرارية الاستجابة للصراعات فى مختلف مراحلها، إلى جانب تعميق الشراكة بين الاتحاد الإفريقي وكل الأطراف الدولية، وتنسيق جهودها؛ لتعزيز فعاليتها وأثرها على حياة شعوب القارة.

وأوضح الرئيس أنه فى ذات الإطار، استضافت القاهرة الخلوة رفيعة المستوى لمبعوثي تعزيز الأمن والسلم فى إفريقيا فى أكتوبر 2023 من أجل توفير مساحة مهمة للحوار ولتعزيز التعاون المشترك بين كل الأطراف الفاعلة فى إفريقيا وتحقيق التكامل المطلوب فيما بينها، كما يجري العمل على عقد النسخة الرابعة لمنتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، انطلاقا من حرص مصر على الاستمرار فى الإسهام فى النقاش القائم حول دعم جهود صون السلم والأمن وتحقيق الاستقرار فى ربوع القارة الإفريقية.

إقرأ العدد الجديد من مجلة أكتوبر، اضغط هنا

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2