"بعبع" معاداة السامية جعله يتراجع عن رأيه المناهض لمجازر غزة، ويعرب عن حق إسرائيل فى قتل من خطط لقتل المدنيين فى إسرائيل والدافع خوفه على مصالحه الاقتصادية، ويبدو أنها الورقة الرابحة فى يد المافيا الصهيونية المسيطرة على حركة الاقتصاد العالمي، وبسببها انكفأ ماسك بسرعة خلال ساعات، وتنازل عن رأيه خاصة بعدما طالبت المفوضية الأوروبية مؤسساتها بتعليق حملاتها الإعلانية على منصة "إكس" لمعاداة صاحبها للسامية.
وكما تراجع ماسك عن رؤيته حول أن قتل المدنيين فى غزة يزيد من عدد عناصر حماس، فقد تخلى من قبله جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة عن نفس التصريح أمام معبر رفح، وقال بجرأة غير مسبوقة إن هجوم حماس لم يأت من فراغ، وللأسف تراجع وقال جوتيريش للصحفيين: "صُدمت من سوء تأويل بعض تصريحاتي.. كأنني أبرر الأعمال الإرهابية التي قامت بها حماس وهذا غير صحيح"، ولكن مفكرين وسياسيين من مواطني أمريكا وأوروبا ثبتوا على مواقفهم المعارض لسياسة الصهيونية، برغم أنه صدر ضدهم تهمة معاداة السامية، ويذكر التاريخ الحديث توجيه هذه التهمة إلى المفكر الفرنسي ميشال أونفراي لانتقاده نظريات فرويد عالم التحليل النفسي لمجرد أنه يهودي، ولم يمس أونفراي ديانته بأي سوء، وإنما تناول من الناحية العلمية الأخطاء والخرافات المتضمنة فى نظريات فرويد.
ويبدو أن الحكومات الغربية لا تفرق بين توجيه تهمة معاداة السامية وبين من يعادي اليهود ومن يعادي الصهيونية، برغم أن فرقا يهودية وحاخامات من الداخل الأوروبي والأمريكي يرفضون الهجرة إلى إسرائيل، ويعود ذلك إلى ما تقر بها عقيدتهم بأن دولة إسرائيل فكرة صهيونية، ولذا الحكومة الإسرائيلية وحلفاؤها يروجون لفكرة أن معاداة الصهيونية هي ذاتها معاداة السامية، والعالم الإسرائيلي آفى شلايم أحد أشهر فريق"مؤرخون جدد" الذين يدعمون فكرة الفصل بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية.
غير أن حكومات فى الاتحاد الأوروبي تٌعمق لمبدأ الاختلاط بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، وبعد الحرب على غزة تدرس ألمانيا قانونا يمنع منح الجنسية لمن يعادي السامية، وينتقد أي مذابح إسرائيلية فى حق أهالي فلسطين، وكان آخرها اغتيال طفلين فى جنين بالضفة بدم بارد إسرائيلي.
وفى نهاية النفق، يظهر نور ليصرف "بعبع" معاداة السامية، فمازالت حركة "بي. دي. أس" ينضم إليها داعمون من حول العالم لمقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل، ويتضامن مع الحملة موسيقيون يرفضون الغناء فى إسرائيل مثل لورين هيل، وعلينا أن ننتظر ما يخفيه المستقبل القريب من مواقف دولية سوف تهوي بهذا "البعبع"، ونرى حاليا تغييرات فى المشهد العالمي أحدثتها السوشيال ميديا فى عقول الكثير من الشعوب وخاصة الشعوب الغربية، وبالتبعية يكون لها دور بالغ فى التأثير على الدوائر السياسية والاقتصادية وبشائرها بدت فى التصريح الحاد لرئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز ونظيره البلجيكي ألكسندر دي كرو أمام معبر رفح البري.