في ذكرى اكتشافه.. ما هو "تلسكوب جاليليو" الذي قاده إلى المحاكمة؟

في ذكرى اكتشافه.. ما هو "تلسكوب جاليليو" الذي قاده إلى المحاكمة؟محاكمة جاليليو

في مثل هذا اليوم الثالث من ديسمبر من عام 1610، كان العالم على موعد مع اكتشاف علمي أحدث ثورة في مجال العلم ألا وهو "التلسكوب" على يد العالم الإيطالي جاليليو جاليلي، فما هو "تلسكوب جاليليو" الذي قاده إلى المحاكمة!

ما هو تلسكوب جاليليو؟

اخترع جاليليو أداة بسيطة لمراقبة الأجرام السماوية ودراستها وتسجيل اكتشافاته واستنتاجته العلمية المتعلقة بها، وقد كانت هذه الأداة عبارة عن تسلكوب كاسر، يُكبر الأشياء بمقدار 8 أضعاف حجمها الأصلي (8x)، ثم تم تحسينه وتطويره ليستطيع تكبير الأشياء بمقدار 20 ضعف حجمها الأصلي ، وقد كان تلسكوب جاليلو يحتوي على عدسة موضوعية محدبة وعدسة مقعرة موجودتين في أنبوب طويل، أو أسطوانة طويلة مجوفة.

وعلى الرغم من وجود مشكلة غير بسيطة في تلسكوب جاليليو، وهي مجال الرؤية الضيق له، والذي لا يتجاوز نصف عرض القمر تقريبًا؛ إلا أن جاليليو استطاع تسجيل العديد من استنتاجاته وتأليف كتابه "الرسالة الفلكية".

لم يكن لدى جاليليو تقنيات متقدمة ولا مخططات وحواسيب دقيقة عندما صنع تلسكوبه، ولذلك فقد اعتمد على طريقة التجربة والخطأ للوصول إلى الوضع المناسب للعدسات، وقد كانت العدسة الموضوعية (العدسة الشيئية التي تكون في جهة الشيء المُراد رؤيته) التي استخدمها جاليلو محدبة، أما العدسة العينية (التي تكون في جهة العين) فقد كانت مقعرة.

عرف جاليليو أن الضوء المنعكس من جسم موضوع على مسافة معينة من عدسة محدبة يصنع صورة متطابقة على الجانب الآخر من العدسة، وأنه إذا استخدم عدسة مقعرة، فسيظهر الكائن على الجانب نفسه من العدسة؛ أي في مكان وجود الجسم؛ ومع معلوماته هذه، وبعد الكثير من العمل وتغير طريقة ترتيب وفصل العدسات ووضعها على مسافات مناسبة، تمكن من الوصول إلى نتائج جيدة ودقيقة، حيث أصبح تلسكوبه التلسكوب الأقوى والأكثر دقة لسنوات عديدة.

محاكمة جاليليو

بدأ جاليليو مراقبة السماء با لتلسكوب في أواخر عام 1609، وبحلول مارس 1610 تمكن من نشر كتاب "الرسالة الفلكية"، واصفا بعض اكتشافاته: مثل الجبال على سطح القمر، والأقمار الصغيرة التي تدور حول المشتري، واكتشاف أن الأشياء التي ظنها أقرانه كتلًا شديدة الكثافة في السماء (السدم) كانت مجموعات من النجوم الخافتة لدرجة لا تسمح بالتمييز بينها دون استخدام تلسكوب. تلت ذلك مشاهدات لاحقة، ومنها مراحل كوكب الزهرة واكتشاف وجود البقع الشمسية.

سببت إسهامات جاليليو العلمية أرقا لعلماء اللاهوت والفلسفة الطبيعية في ذلك الوقت، لأنها ناقضت الركائز العلمية والفلسفية المعتمدة على أفكار أرسطو وبطليموس، والتي تدعمها الكنيسة الكاثوليكية. بشكل خاص، واعتبرت ملاحظات جاليليو حول مراحل كوكب الزهرة، والتي أظهرت دورانه حول الشمس، بالإضافة إلى مراقبة الأقمار التي تدور حول المشتري مناقضة لنموذج مركزية الأرض لبطليموس، والذي آمنت به الكنيسة الرومانية الكاثوليكية ودعمته، وداعمة لنموذج كوبرنيكوس الذي روج له جاليليو.

بدأت قضية جاليليو في عام 1610، وانتهت بمحاكمة جاليليو جاليلي وإدانته من قبل محكمة التفتيش الرومانية الكاثوليكية عام 1633. وتعرض جاليليو للمقاضاة بتهمة دعمه لنظرية "مركزية الشمس"، وهي نموذج فلكي يقول بدوران الأرض وبقية الكواكب حول الشمس التي تقع في مركز المجموعة الشمسية.

في عام 1610،بدأ نشر كتاب الرسالة الفلكية، والذي يصف مشاهداته المفاجئة التي وصل إليها باستخدام تلسكوبه الجديد، ومنها أقمار جاليليو المحيطة بكوكب المشتري. بناء على هذه المشاهدات ومشاهدات لاحقة مثل مراحل كوكب الزهرة، تبنى غاليليو نظرية مركزية الشمس التي صاغها العالم كوبرنيكوس في كتاب عن دوران الأجرام السماوية عام 1543.

قوبلت اكتشافات جاليليو بالمعارضة والهجوم الضاري من قبل الكنيسة الكاثوليكية، وفي عام 1616، أعلنت محكمة التفتيش أن نظرية مركزية الشمس «هرطقة» رسميًا. حظرت الكتب التي تتحدث عن مركزية الشمس وطلبت الكنيسة من جاليليو التوقف عن الإيمان بهذه الأفكار أو تعليمها أو الدفاع عنها

مصير جاليلو

في الرابع والعشرين من فبراير، قدم المحكمون تقريرهم بالإجماع: افتراض كون الشمس ثابتة في الكون «أمر تافه وسخيف في الفلسفة، وهو هرطقة رسمية لأنه يناقض بشكل صريح وفي كثير من المواضع أفكار النص المقدس»؛ افتراض كون الأرض متحركة وليست مركزا للكون «يحصل على الحكم ذاته في الفلسفة؛ و.. بالنسبة إلى الحقيقة اللاهوتية هو أمر خاطئ من ناحية الإيمان على الأقل».

وأصدرت الكنيسة دليل الكتب المحرمة، وهو لائحة من الكتب التي حظرتها الكنيسة الكاثوليكية. بعد إصدار حكم محكمة التفتيش عام 1616، مُنعت أعمال كوبرنيكوس وجاليليو وكيبلر وآخرين لأنها تروج لمركزية الشمس.

في اجتماع مع كرادلة محكمة التحقيق في اليوم التالي، أشار البابا بولس الخامس إلى بيلارمن بتسليم النتيجة إلى جاليليو، وأن يطلب منه التخلي عن آرائه الكوبرنيكية؛ إذا قاوم جاليليو هذه التعليمات، يجب أن تتخذ بحقه قرارات أكثر صرامة. في السادس والعشرين من فبراير، دعي جاليليو إلى منزل بيلارمن ليطلب منه التالي: «الابتعاد كليًا عن تعليم هذا المعتقد والرأي أو مناقشته.. أن يترك بالكامل.. الرأي القائل إن الشمس تقبع ثابتة في مركز العالم والأرض تدور، وبالتالي الابتعاد عن الإيمان به أو تعليمه أو الدفاع عنه بأي شكل ممكن، إما شفهيًا أو كتابة».

دون وجود أي بدائل مناسبة، قبل جاليليو التعليمات التي تلقاها، وهي أكثر صرامة حتى مما قاله البابا. التقى جاليليو مرة أخرى ببيلارمن، لكن اللقاء التالي كان في ظروف ودية على ما يبدو؛ وفي النهاية، لم يتمكن جاليليو من إقناع الكنيسة بالابتعاد عن هذا الجدل، لكنه شهد حظر نظرية مركزية الشمس بشكل رسمي. ونعت المحكمون هذه النظرية مرارا بالهرطقة، وذلك لأنها تخالف التفسير الحرفي للنصوص المقدسة، مع أن هذا الموقف لم يكن ملزما للكنيسة.

أضف تعليق

خلخلة الشعوب و تفكيك الدول

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2