الانتخابات الرئاسية والتحديات

بدأت العملية الانتخابية للانتخابات الرئاسية 2024 بتوافد المصريين فى الخارج على اللجان الانتخابية داخل القنصليات و السفارات المصرية وفق ما حددته الهيئة الوطنية للانتخابات، وبدأ تصويت المصريين فى كل دول العالم لانتخاب الرئيس، الذي سيقود سفينة الوطن خلال الفترة من 2024 وحتى 2030، وتستمر الانتخابات فى الخارج حتى التاسعة من مساء غدٍ الإثنين وتكون آخر اللجان الانتخابية بالخارج إغلاقًا لأبوابها هي الدائرة الانتخابية فى مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، فيما كانت اللجنة الفرعية فى ولاية «ويلنجتون» بنيوزيلندا هي أول لجنة تفتح أبوابها للناخبين المصريين.

الماراثون الانتخابي هذه المرة يأتي فى ظل العديد من التحديات منها حالة عدم استقرار تضرب منطقة الشرق الأوسط وتحديات تواجه العديد من دول المنطقة وطموحات يرنو إليها الناخبون ورؤى قدمها المرشحون الأربعة خلال برامجهم الانتخابية.

أربعة مرشحون هم الرئيس عبد الفتاح السيسي رقم واحد ورمز النجمة، ومحمد فريد زهران رقم 2 ورمز الشمس، وعبدالسند حسن يمامة رقم 3 رمز النخلة، وحازم عمر رقم 4 رمز السلم.

يرتكز المرشح الأول الرئيس عبد الفتاح السيسي على القاعدة الشعبية دون الانتماء لحزب سياسي، لكنه ينتمي لقاعدة شعبية ضخمة خرجت تطالبه بالترشح للانتخابات؛ لإنقاذ الوطن فى 2014، ومنذ ذلك التاريخ ومع توليه رئاسة الجمهورية وما تم من إنجازات خلال الفترة الماضية، أما محمد فريد زهران فيأتي مرشحًا للحزب الديمقراطي المصري الاجتماعي، الذي يقف على رئاسته ويرتكز على التيار الاشتراكي، أما الدكتور عبد السند يمامة، المرشح الرئاسي ورئيس حزب الوفد، فيرتكز على القاعدة الحزبية للوفد وتاريخه السياسي، الأمر الذي جعله يحرص على اختيار الرمز التاريخي للحزب فى كل الانتخابات السياسية (رمز النخلة) أما حازم محمد عمر، الذي يرأس حزب الشعب الجمهوري، الذي تأسس فى سبتمبر عام 2012 واستطاع الحزب أن يأتي فى المرتبة الخامسة بين الأحزاب المصرية تمثيلا فى البرلمان.

اليوم وفى مشهد يعبّر عن درجة عالية من الوعي لدى الناخب المصري شاهدنا وحتى مثول المجلة للطبع، المصريين فى الخارج يتوافدون على اللجان الانتخابية المختلفة فى 121 دولة ومن خلال 137 مقرًا انتخابيًا.

ليقدم المصريون للعالم أحد أهم صور الديمقراطية، الاصطفاف الشعبي خلف الوطن للحفاظ عليه بات واضحًا فى مواجهة التحديات لما يمتلكه الشعب المصري من وعي جعله قادرًا على تخطي الصعاب والعمل من أجل النهوض بالدولة المصرية والثقة فى القيادة وإدارتها لكل الملفات فى ظل التهديدات والتحديات التي تواجهها مصر نظرًا للمحيط الملتهب.

(1) مع بدء الماراثون الانتخابي بدأت حملات ممنهجة حاولت تشويه المشهد أو النيل منه أو القفز عليه بالدفع ببعض العناصر المستخدمة لتلك المهمة، مستعينة بمواقع التواصل الاجتماعي لتقديم مشهد مكذوب على أنه الحقيقة، ومحاولة استغلال بعض التطورات والأوضاع الاقتصادية واللعب على مصطلح الأولويات وفقهها، الذي يتحدث عنه البعض دون الدخول فى تفاصيل قد يكون الحديث عنها كاشفًا لزيفهم، ، خاصة أن التجربة المصرية متفرّدة نظرًا لحجم التحديات وعدد المشكلات المتراكمة وضعف الموارد وتأخر التحرك فى إصلاح العديد من الملفات لسنوات، الأمر الذي تطلب العمل على كل الملفات بشكلٍ متوازٍ وهو ما يميّز التجربة المصرية.

لقد حاول البعض فى بداية الماراثون الانتخابي لرئاسة الجمهورية القفز على الإجراءات القانونية، بل محاولة الضغط عبر العالم الافتراضي لتقديم صورة غير دقيقة عن الواقع، لكن لأن الدولة المصرية دولة مؤسسات تعمل وفق الدستور والقانون استطاعت أن تواصل العمل وفق ما حددته الهيئة الوطنية للانتخابات والإجراءات القانونية للترشح، والجدول الزمني للعملية الانتخابية، وجاء المشهد الانتخابى، الذي بدأ بالمصريين فى الخارج يعبّر عن نضج التجربة المصرية فى الممارسة الديمقراطية والاصطفاف خلف راية الوطن، فى مشهد يؤكد استقرار الدولة وقدرتها على مواصلة مسيرتها رغم محيطها المضطرب، وهو ما يجعل العالم أكثر ثقة فى قدرتها على مواصلة النهوض.

فلم يكن فى مقدور الدولة إجراء هذا الاستحقاق الدستوري المهم فى ظل حالة التوتر التي تسيطر على المحور الاستراتيجي الشرقي أو حالة عدم الاستقرار فى الجنوب أو الغرب، لكن لأن الدولة المصرية دولة قوية استطاعت خلال الفترة الماضية إعادة بناء مؤسساتها، نجدها اليوم تواصل مسيرتها رغم محيطها المضطرب، فتعقد الانتخابات الرئاسية فى موعدها المحدد وتحت إشراف قضائي كامل، كما تشهد مصر العديد من الفعاليات من المعرض الدولي للصناعات الدفاعية والعسكرية إيديكس 2023 فى دورته الجديدة بمشاركة 400 عارض فى 22جناحًا وبحضور 100 دولة.

إنها قوة الدولة المصرية وقدرتها على استكمال مسيرتها رغم التحديات.

(2) تأتي الانتخابات الرئاسية هذا العام فى توقيت دقيق اكتشف فيه الجميع بشكل واضح حجم التهديدات والتحديات، التي تواجهها الدولة المصرية، وكما يقول المثل «رب ضارة نافعة» فقد خلقت الأحداث المتلاحقة وتطوراتها، خاصة فى الأراضي المحتلة كيف استطاعت القيادة السياسية المصرية إدارة الملفات بحكمة شديدة وصولاً إلى الهدف، وهو وقف إطلاق النار وتوضيح الصورة الحقيقية لما يحدث فى الأرضي الفلسطينية المحتلة من جانب الجيش الإسرائيلي، ومحاولات إسرائيل المتواصلة تفريغ القضية على حساب الغير ومحاولات خلق سيناريوهات لتنفيذ ذلك.

لقد خلقت تلك الأحداث وعيًا لدى الشباب بأهمية حكمة القائد فى إدارة الأزمات ومواجهة التحديات والتهديدات، وكيف يتم إدارة الملفات بحكمة شديدة للحفاظ على المشروع الوطني المصري وما تحقق من إنجاز خلال الفترة الماضية بجهد وعرق المصريين.

لقد كان الهدف هو الدفع بالدولة المصرية باتجاه الأزمة لتصبح فى المواجهة والدخول فى معركة تدرك الدولة المصرية أن المنتصر فيها فى النهاية مهزوم، لأن المواجهات العسكرية دائمًا لحل القضايا تكون نتائجها خسائر لدى جميع الأطراف على المستوى البشري والاقتصادي والاجتماعي على الأقل، الأمر الذي يجعل الدولة المصرية دائمًا ما تحرص على الوصول إلى حل سياسي لكل الأزمات والحفاظ على الحقوق وتحقيق العدل.

حالة الوعي تلك تجعلنا ندرك أن المصريين قادرون على رسم صورة حقيقية خلال المشاركة فى الانتخابات الرئاسية يقدمونها إلى العالم، تؤكد أن الشعب المصري هو من يرسم مستقبله وهو من يحدد بإرادته الحرة من يقود سفينة الوطن خلال السنوات الـ 6 القادمة.

(3) مع اصطفاف المصريين بالخارج لاختيار رئيس مصر القادم من بين المرشحين الأربعة لرئاسة الجمهورية، هناك طموحات لدى الناخب يطمح إلى قدرة الدولة وقيادتها خلال السنوات القادمة على تحقيقها، تلك الطموحات تعد تحديات يجب أن يواجهها الرئيس تحقيقًا لمطالب الناخبين من أبناء الشعب ممن أولوه ثقتهم خلال الانتخابات.

تأتي على رأس تلك التحديات:

ضبط الأسواق وتشديد الرقابة عليها خاصة أن معظم الأزمات التي ضربت العديد من السلع وعملت على ارتفاع أسعارها كان المرتكز الأساسي فيها هو ضعف الرقابة من جانب الحكومة على الأسواق، وعدم قدرتها على الضرب بيد من حديد على المتلاعبين حتى يعود للسوق استقراره، مما يؤثر بشكل إيجابي على المواطن وكذا يكبح جماح التضخم المتسارع.

أن تصبح الحكومة أكثر إيجابية فى التعامل مع القضايا الجماهيرية والتفاعل معها بشكل سريع، حتى لا تتضخم وتصبح مثل كرة الثلج، التي تزداد كلما تحركت على المنحدر مع ضرورة الحرص على جودة الخدمات، وهو الأمر الذي يخلق حالة من الرضا لدى المواطن فى ظل التطور الهائل الذي تحقق خلال الفترة الماضية من خلال ميكنة الخدمات، لكن لا يزال هناك خلل فى بعض النقاط يجعل المفردة سيئة السمعة وغير المرحب بها لدى المواطن تتردد فى بعض الدواوين وهي (السيستم واقع) بل إن الأمر لا يزال موجودًا حتى فى بعض المصارف الوطنية الأمر الذي يحتاج إلى متابعة وعلاج الخلل، خاصة أننا أصبحنا نمتلك بنية تحتية معلوماتية قوية.

ملف الأمن القومي.. ففي ظل المحيط الذي يعاني من حالة اضطراب مستمر يظل ملف الأمن القومي والحفاظ عليه هو أحد أهم أولويات الرئيس القادم.

الملف الاقتصادي والذي يرى الناخب أن على الرئيس اختيار حكومة أكثر قدرة على إدارة هذا الملف بشكل أكثر احترافية، ومحاولة حل الأزمات الاقتصادية واستغلال الفرص، خاصة أنه خلال شهر يناير القادم سيتم تفعيل عضوية مصر فى المجموعة الاقتصادية الواعدة «البريكس»، وهي أحد أهم الفرص لإحداث انتعاش فى الاقتصاد المصري وحل الأزمات، التي لحقت به خلال الفترة الماضية، إما متأثرًا بالأزمات الخارجية أو متأثرًا ببعض الإجراءات التي تسببت فى خلق أزمة.

التحدي المجتمعي وهو الملف، الذي تحقق فيه خلال الفترة الماضية العديد من المبادرات المجتمعية وعلى رأسها حياة كريمة، وكذا المبادرات الرئاسية فى القطاع الصحي والعديد من الإنجازات، لكن لا تزال هناك العديد من المطالب التي تحتاج إلى تحرك أكثر فاعلية لخلق حالة من الرضا المجتمعي حول الاستجابة لطموحات المواطنين.

إن ما تحقق خلال الفترة الماضية من إنجازات وما تم النجاح فى مواجهته من تحديات رفع من سقف طموح المواطن، وهو أمر طبيعي فى المجتمعات التي تحرص على النمو والنهضة المتواصلة، الأمر الذي يخلق معه مزيدًا من التحديات والتي تصبح مواجهتها تحتاج إلى تكاتف الشعب مع الحكومة، واصطفاف وطني للحفاظ على الدولة.

انزل شارك

في المرحلة الحالية يجب على الجميع أن يدرك أن المشاركة فى الانتخابات واجب يتطلب منا أن نكون أكثر إيجابية، فالقرار قرارك.. كما أن القرار مسئولية، وعلينا أن نكون شركاء فى بناء الديمقراطية، لأن الشعوب هي التي تصنع الديمقراطية وتصل بها إلى مرحلة النضج وليست الحكومات.

انزل شارك.. الاختيار قرارك.. القرار مسئولية

أضف تعليق