الدولار !

الدولار !عاطف عبد الغنى

الرأى3-12-2023 | 18:47

يمكن أن نحصى أكثر من سبب ل أزمة الدولار الحالية، والارتفاع غير المبرر لسعره فى السوق الموازية أو السوق السوداء كما يعرفها العوام، وأول وأخطر هذه الأسباب هى تعامل الناس، الذين حولوا الدولار إلى سلعة يضاربون عليها.. ويفعل هذا عدد غير قليل من المصريين فى الداخل والخارج، وهذه معلومة يعرفها الجميع رجل الشارع البسيط قبل أستاذ الجامعة ورجال البنوك.

وكثيرا ما كانت النقاشات عن الحلال والحرام فى التعاملات تدفعنى لأن أسال محدثى: لماذا أحل الله البيع (الإتجار فى السلع) وحرّم الربا؟.. وحتى أكثر رجال الدين لم يكن يصلوا إلى الإجابة التالية، التى أحرص أن أوصلها للجميع، وهى أن إعمار الأرض من أسباب خلق الله للإنسان، وجعل الله لهذا الأمر أسبابا ووسائل وآليات شرعها سبحانه، والمال وسيلة من هذه الوسائل وليس غاية فى حد ذاته.. والغايات هى الزراعة والصناعة والتجارة وتبادل المنافع، وأكثرها يتم من خلال المعاملات المالية، أما أن يتحول المال نفسه إلى سلعة، فمعنى ذلك أن الاتجار فيه سوف يحل محل الغايات، التى يتم من خلالها عمار الأرض ويعطلها، ومن هنا جعل الله الاتجار فى المال (الربا) حراما، فهل يدرك الذين يتاجرون فى الدولار أن ممارساتهم حرام؟!.

ما سبق ليس كل ما أريد أن أخبركم به عن الدولار، هوس العالم هو أحد أهم أسلحة الهيمنة الاقتصادية على بلادنا، وبلاد العالم النامى، وفقراء كوكب الأرض، البشارة أن مؤشرات عديدة تشير إلى أن الاعتماد على الدولار فى التعاملات التجارية (تنفيذ عمليات البيع والشراء) يتراجع، وبالتالى فإن حجم الاحتياطات النقدية لدى الدول من الدولار قد بدأ أيضا فى التراجع، وسوف يزداد هذا مع الوقت لعدة أسباب أهمها: تشجيع استخدام العملات المحلية فى التجارة بين البلدان ( اتفاقية مصر والسعودية مثالا)، وزيادة حجم الاحتياطات النقدية من العملات البديلة (زادت مصر والسعودية من حجم الاحتياطات النقدية من اليورو، والاسترليني، والين، فى السنوات الأخيرة)، أيضا الانضمام إلى تحالفات اقتصادية بعيدا عن الغرب، على سبيل المثال انضمام مصر إلى تكتل "بريكس" وهو ما يعنى تعزيز استخدام العملات البديلة فى التجارة بين دول التحالف، وبالتالى تقليل الاعتماد على أمريكا فى مجال التجارة والتمويل، ويعنى أيضا ازدياد النفوذ الاقتصادى لمصر ودول أخرى فى المنطقة، والقارة الإفريقية.

وأخيرًا هناك عوامل أخرى خارجية تشير إلى تراجع هيمنة أمريكا (السياسية والاقتصادية) مع تصاعد التوترات الأمريكية مع دول الشرق وعلى رأسها الصين القوة الاقتصادية الجبارة، أمور أخرى، لكن لا ينبغى أن نعوّل عليها، ولكن نعوّل على امتلاك قدراتنا الذاتية التى تتيح لنا المنافسة من أجل البقاء والاستمرار.

أضف تعليق