شهدت العلاقات بين مصر و قبرص طفرة كبيرة على المستويات كافة، لاسيما السياسية والاقتصادية خلال السنوات الأخيرة منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي قيادة البلاد في عام 2014؛ لتتحول إلى علاقات صداقة استراتيجية ونموذج يحتذى به في الروابط الثنائية .
وتعكس زيارة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس إلى (القاهرة) اليوم الثلاثاء حيث يستقبله الرئيس السيسي، الرغبة والإرادة المشتركة من القيادة السياسية في البلدين للارتقاء بالروابط بين (القاهرة) و(نيقوسيا) والدفع بها إلى آفاق أرحب وأكثر اتساعاً وعمقاً؛ بما يحقق مصالح الدولتين وتطلعات الشعبين الصديقين .
كما أن هناك تنسيقا وثيقا بين مصر و قبرص على المستوى السياسي حيال القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وتعاونا في المحافل الدولية والإقليمية خاصة في إطار الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي المتوسط، كما يؤكد مسئولو البلدين - في العديد المناسبات - تبادل التأييد في الترشيحات لعضوية اللجان الدولية المختلفة، فكانت مصر الوجهة الثانية على الإطلاق بعد اليونان، والأولى على المستوى الإقليمي التي يقوم الرئيس القبرصي بزيارتها في شهر أبريل الماضي بعد انتخابه لرئاسة بلاده.. زيارة عكست في توقيتها ومدلولاتها مدى الحرص المشترك على دفع العلاقات المتميزة بين الجانبين.. ورحب بها الرئيس السيسي خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مع نظيره القبرصي.
وقال الرئيس السيسي - خلال المؤتمر الصحفي في أبريل الماضي - إنه استعرض ونظيره القبرصي - خلال مباحثاتهما - مختلف مسارات أوجه التعاون الثنائي بين البلدين، وتم الاتفاق على أهمية الإعداد الجيد للجولة الثانية من اللجنة العليا المشتركة؛ بهدف تحقيق نقلة نوعية في كافة جوانب التعاون الثنائي، وعلى رأسها التعاون في قطاع الطاقة، بما يشمل مشروع الربط الكهربائي، ونقل الغاز القبرصي لمحطتي الإسالة في مصر أو التعاون في أطر جديدة، مثل مشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة، وكذا العمل على زيادة معدلات التبادل التجاري، دعم التعاون في جميع المجالات التنموية والاقتصادية، فضلًا عن استمرار العلاقات العسكرية المتميزة.
كما أشار الرئيس إلى أنه توافق مع الرئيس القبرصي، على استمرار التنسيق الوثيق على المستوى السياسي، إزاء كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك وفي هذا الصدد، مؤكدا على ثوابت رؤية مصر المبدئية، إزاء أهمية تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط عن طريق تأكيد التزام كافة الدول، باحترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، خاصة مبادئ عدم التدخل في الشئون الداخلية واحترام الحقوق السيادية والمياه الإقليمية لكل دول المنطقة.
وفي خضم الأزمة التي يشهدها قطاع عزة.. تلقى الرئيس السيسي اتصالاً هاتفياً من نظيره القبرصي، تناول الجهود الجارية لوقف التصعيد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، حيث توافق الرئيسان في هذا الصدد على أهمية تضافر جميع الجهود على المستويين الإقليمي والدولي؛ لحث الأطراف على تغليب مسار ضبط النفس، والابتعاد عن دوامة العنف لتجنيب المدنيين تبعات هذا التصعيد.
وأكد الرئيس السيسي - خلال الاتصال - مواصلة مصر لاتصالاتها الحثيثة مع مختلف الأطراف من أجل تحقيق التهدئة ووقف التصعيد المتبادل، مع التشديد على أهمية التعامل مع القضية الفلسطينية من منظور شامل يعالج جذور الأزمة ويحقق الاستقرار المستدام في المنطقة..وتطرق الاتصال الهاتفي إلى آفاق تعزيز علاقات التعاون الوطيدة بين مصر وقبرص، وكذا في إطار آلية التعاون الثلاثي مع اليونان.
كما شارك الرئيس القبرصي في قمة القاهرة للسلام التي دعا إليها الرئيس السيسي واستضافتها مصر بالعاصمة الإدارية الجديدة في الحادي والعشرين من أكتوبر الماضي.
تنسيق واتصالات متواصلة على كافة المستويات عكسته أيضا وتيرة الاتصالات والزيارات المتبادلة واللقاءات بين وزير الخارجية سامح شكري ونظيره القبرصي كونستانتينوس كومبوس، وكان آخرها على هامش أعمال الشق رفيع المستوى للدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، حيث أكد الجانبان على قوة ومتانة علاقات الصداقة الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين والرغبة المشتركة للارتقاء بها لآفاق أرحب، والرغبة المشتركة في مواصلة تعزيز أطر التعاون بين البلدين، سواء على المستوى الثنائي أو من خلال آلية التعاون الثلاثي التي تجمع بين مصر و قبرص واليونان، وكذلك استمرار التشاور المكثف بين البلدين تجاه مختلف القضايا والتطورات الإقليمية والدولية.
كما تركزت المحادثات على سبل تطوير التعاون الاقتصادي والاستثماري بين مصر وقبرص، والانتقال به إلى آفاق أرحب من خلال استشراف المزيد من المجالات الواعدة للتعاون المشترك.
وأكد الوزير سامح شكري أهمية ترجمة التقارب السياسي بين البلدين إلى مشروعات ملموسة على أرض الواقع لتحقيق مصالح البلدين وتطلعات الشعبيين الصديقين، وهو ما يتطلب بدوره العمل سوياً لتطوير أوجه هذا التعاون؛ بما يسهم في جعله نموذجاً يحتذى به في مجال العلاقات الثنائية.. منوهاً أيضاً إلى الأهمية التي توليها مصر لتعزيز الاستثمارات القبرصية في السوق المصري، والبناء على النجاح الذي تحقق في مجالات التعاون المختلفة لاسيما مجالات الطاقة من غاز طبيعي وربط كهربائي، والذي يمثل مجالاً استراتيجياً للتعاون بين الدولتين.
كما أكد الوزيران أهمية إزالة أية عقبات تواجه الإسراع في خطوات تنفيذ المشروعات المشتركة، وأهمية البناء على نتائج زيارة الرئيس القبرصي الأخيرة ل مصر في أبريل الماضي والتي أثمرت عن الاتفاق على تشكيل مجلس رجال الأعمال المشترك بين البلدين.. واتفقا على أهمية عقد الاجتماع الثاني للجنة العليا المشتركة بين البلدين في أقرب فرصة.
ومن جانبه، أعرب الوزير القبرصي عن اعتزاز بلاده بالروابط التاريخية والعلاقات الاستراتيجية التي تجمع مصر وقبرص، مؤكداً تطلع بلاده لتحقيق المزيد من الخطوات لترسيخ أطر التعاون الثنائي والصداقة القائمة بين البلدين، فضلاً عن مواصلة العمل على تعزيز آلية التعاون الثلاثي مع اليونان.
كما عبر الوزير القبرصي عن تقدير بلاده لدعم مصر للقضية القبرصية، وفقاً لمرجعيات وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما يعزز من أمن واستقرار المنطقة، مشيداً كذلك بالدور الذي تقوم به مصر كركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط وشرق المتوسط، فضلاً عن جهودها في إطار مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
العلاقات بين القاهرة ونيقوسيا على المستوى السياسي وصفتها سفيرة قبرص بالقاهرة بولي لانوو بأنها "وطيدة وتاريخية وقوية" وشهدت طفرة وتطورا كبيرا خلال السنوات الأخيرة.
وأشارت السفيرة - في تصريحات خاصة أدلت بها مؤخرا لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إلى وجود آليات للتعاون والحوار السياسي، فضلا عن مواقف الدعم المتبادلة بين الجانبين في مختلف المحافل الدولية والإقليمية.. مؤكدة على التنسيق السياسي بين البلدين حيال القضايا والملفات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
كما وصفت مصر بأنها "صخرة الاستقرار والأمن" في المنطقة.. معربة عن الشكر ل مصر لدعمها المستمر ل قبرص في مواجهة التهديدات التي تجابهها في أراضيها ومياهها.
وشائج تاريخية وقرب جغرافي وتمازج حضاري وثقافي بين الشعبين وحرص من القيادتين على مواصلة ترسيخ الشراكة الاستراتيجية والتعاون القائم بينهما بما يحقق مصالح الشعبين والبلدين.. وآفاق رحبة في انتظار العلاقات بين القاهرة ونيقوسيا.
وتأتى زيارة الرئيس القبرصي ل مصر اليوم ومباحثاته مع الرئيس السيسي؛ لتجسد الإرادة السياسية للجانبين في مواصلة مسيرة تطوير العلاقات الثنائية ودفعها خطوات أخرى للأمام لمصلحة شعبي البلدين واستقرار ورفاهية الشرق الأوسط وحوض المتوسط.