كنا نجلس ونتناول بعض الرمان ، فقال لي أحدهم : إن هناك حديثاً فيه أن في فاكهة الرمان حبة من الجنة ، وعليه فإن على من أكلها استصحاب النية الصالحة ، فهل هذا الحديث صحيح ، وهل هناك حديث في هذا الشأن ؟ في السطور القادمة سنعرف الحقيقة و الدلائل على أن الرمان فعلا من أكل أهل الجنة أم لا.
أولاً الإثبات في القرأن الكريم.. "الرمان" من ثمار الجنة
ذكر الله سبحانه وتعالى " الرمان " في ثلاث آيات من سورتي الرحمن والأنعام، وأخبر سبحانه وتعالى أن الرمان من فاكهة الجنة فقال عز وجل: (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) (الرحمن: 68)، وقال بعض العلماء: ليس الرمان والنخل من الفاكهة، لأن الشيء لا يعطف على نفسه إنما يعطف على غيره وهذا ظاهر الكلام.
وقال آخرون : إنما كررها لأن النخل و الرمان كانا عند العرب في ذلك الوقت بمنزلة رفيعة لعمومهما وكثرتهما عندهم فهما أعظم الثمار نماء، من المدينة إلى مكة إلى أرض اليمن، فأخرجهما في الذكر من الفواكه وأفرد الفواكه على حدتها.
وقيل: أفردا بالذكر لأن النخل ثمره فاكهة وطعام، و الرمان فاكهة ودواء.
ولا نظن أن رمّان الجنة مثل رمّان الدنيا فإنه لا يعلم حقيقة هذه الثمرة وحسنها ولذتها إلا من أدركها، الاسم هو الاسم، ولكن الطعم يختلف، وأخبر سبحانه وتعالى أن ثمار الجنة قطوفها دانية، إذا أراد أن يتناولها المؤمن فإنه سيتناولها بكل سهولة، ويتناولها قائماً وقاعدا كلما أخذ منها شيئاً خلفه آخر في الحال.
تفكر و تدبر
وإذا تأملنا في هذه النبتة المباركة لوجدنا فيها من الحكم والعجائب على قدرة الله وحكمته كما ذكر ذلك ابن القيم في كتابه مفتاح دار السعادة فقال : فَإنَّك ترى دَاخل الرمانة كأمثال القلال شحما متراكما فِي نَوَاحِيهَا وَترى ذَلِك الْحبّ فِيهَا مرصوفاً رصفاً ومنضوداً نضداً لا تمكن الايدي ان تنضده، وَترى الْحبّ مقسوماً اقساماً وفرقاً وكل قسم وَفرْقَة مِنْهُ ملفوفا بلفائف وحجب منسوجة اعْجَبْ نسج وألطفه وأدقه على غير منوال الا منوال {كن فَيكون}.
غشاء صلب
فَتَبَارَكَ الله احسن الْخَالِقِينَ ثمَّ انه لف ذَلِك الْحبّ فِي تِلْكَ الرمانة بِتِلْكَ اللفائف ليضمه ويمسكه فَلَا يضطرب ولا يتبدد ثمَّ غشى فَوق ذَلِك بالغشاء الصلب صونا لَهُ وحفظا وممسكا لَهُ بإذن الله وَقدرته فَهَذَا قَلِيل من كثير من حِكْمَة هَذِه الثَّمَرَة الْوَاحِدَة.
فوائد الرمان.
إن الفوائد الطبية التي أودعها الله في ثمرة الرمان تدل على أهميتها، ولا يعني أن أهل الجنة بحاجة للعلاج! ولكن الله أكرم هذه الثمرة وجعل فيها الشفاء لأهل الدنيا، وجعل فيها اللذة والمتعة لأهل الآخرة، ذُكر أن علياًّ رضي الله عنه كان يقول : كلوا الرمان بشحمه، فإنه دباغ المعدة والمقصود بدباغ المعدة أنه يصلحها.
وقال ابن القيم : حلو الرمان حار رطب جيد للمعدة مقوٍّ لها، والرمّان له فوائد عظيمة من هذه الفوائد أنه يعتبر معالجاً جيداً لآلام المعدة ويستخدم عن طريق طحن قشور الرمان وإضافتها إلى القليل من اللبن وتناولها كل صباح وقبل الخلود إلى النوم، يحمي الرمان أيضًا من التهابات اللثة والفم والقرحة.
ويعتبر قشر الرمان أيضًا علاجاً جيداً لمن يعانون من التهاب المريء، ويساعد قشر الرمان أيضًا على مكافحة التهاب اللوزتين، ويعالج قشر الرمان أيضًا الديدان الضارة بالبطن والمعدة.
كما يساعد الرمان على تقليل نسبة الكوليسترول في الدم ومن المعلوم أن الكوليسترول ضار جدًا للجسم ويسبب مشاكل جنسية للرجال ويسبب أيضًا أمراض تصلب الشرايين والقلب، وإضافة لذلك يعمل الرمان على تقليل خطر الإصابة بمرض القلب وأمراض الأوعية الدموية وتصلب الشرايين.
مضاد الأكسدة
يحتوي الرمان على نسبة جيدة من مضادات الأكسدة التي تعمل على حماية الجسم من السرطانات بنسبة كبيرة، فمضادات الأكسدة هذه تعمل على تخفيض خطر الإصابة بسرطان الجلد والبروستاتا والصدر، ومن فوائد الرمان أيضًا أنه يساعد على صحة العظام والغضاريف لاحتوائه على إنزيمات تمنع حدوث هشاشة في العظام او تآكل في الغضاريف، ويعتبر الرمان أيضًا فاتحاً للشهية بنسبة كبيرة، فإن كوباً واحداً من عصير الرمان قد يعمل على فتح الشهية.