أحمد عاطف آدم يكتب: راعوهم فى الصغر

أحمد عاطف آدم يكتب: راعوهم فى الصغرأحمد عاطف آدم يكتب: راعوهم فى الصغر

*سلايد رئيسى23-8-2018 | 13:46

إلي متي سنظل ضائعين وسط أكوام من الترهلات الإجتماعية والسلوكية المتناثرة من حولنا ! ؟ .
هذا هو السؤال المهم الذي تتذيلة علامة تعجب كبيرة يلاحقها إستفهام المحبط.
قبل وقفة عيد الأضحى المبارك بيوم واحد وقعت تلك الحادثة الفريدة من نوعها مقارنة بفطرة هذا الصغير البالغ من العمر ١١ سنه ، ويعيش بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، عندما أقدم علي الانتحار شنقا متدليا أسفل دولاب غرفته بطرف بنطاله بعد تثبيت الطرف الآخر بقمة الدولاب، والسبب هو وفاة خاله غرقا بعدما رباه واحتضنه منذ الصغر بعد طلاق أمه من أبيه .
“كريم” ترك رسالة قبل وفاتة تقول: ” ذهبت للعالم الآخر لمقابلة خالي ” ، تلك الجملة القصيرة والتي تحمل بين طياتها معانا عميقة لا يجب أن تمر مرور الكرام، فالطفل وكما صرحت والدته كان يمر بحالة نفسية سيئة للغاية بعد وفاة خاله، وكان أيضا قد حكي لوالدته تلك الرؤية التي شاهد خلالها شقيق والدته المتوفي في المنام وهو يطالبه أن يذهب إليه . للأسف الشديد لم تلفت تلك الرؤية نظر الأم إلى ما يعانيه العقل الباطن لصغيرها من صراعات ودوامات لن يقوي علي الخروج منها منتصرا في ظل حزنه الشديد لوفاة خاله الأب والصديق .
ربما تكون تلك القصة والأحداث المأساوية - عزيزي القارئ - تبدو لك طبيعية في ترتيب أحداثها عطفا علي مرور بطلها بتلك الأزمة النفسية العنيفة والصاعقة لنعومة أظفاره.
ولكن ربما نتفق أيضا أنه يجب ألا تفوتنا حقيقة هامة للغاية ربما تعد بمثابة ناقوسا للخطر يكاد يصيبنا بالصمم ، وهي أن تطور الأجيال اتصاليا اختلف تماما عن ذي قبل، وقد أصبحوا أكثر التصاقا بالميديا مع احتفاظهم بعقول العصافير التي يمتلكونها، وعدم قدرتهم علي تحليل وفهم بعض المصطلحات بمفردهم ودون مساعدة .
فمصطلح ” العالم الآخر ” قد يرتبط في أذهان بعضهم بالجن، أو العالم السفلي، أو الأرواح الشريرة، أو حتي الموت كهذا الطفل ، وكل حسب ما استنتجه من الميديا، دون تدقيق يذكر من الأهل وبصفة خاصة الوالدين.
ومن دواعي الإحباط الشديد أن “كريم” لم يجد ما يرمم بنيته النفسية الهشة عندما فكر في تقليد أحد أبطال الأفلام التي شاهدها ليبرع في عمل المشنقة التي أوصلته لخاله بالعالم الآخر، وذلك مع عدم إغفال أن قاموسه الفقير لم يحتوي علي بعض المفردات الهامة والتي لم يجد من يضيفها إليه ويصقلها بداخله كقيمة الحياة، وجرم الموت كفرا بالله، ومعني الصبر عند البلاء، والبداية الجديدة بعد أي نهاية ممنطقة بأحكام القدر النافذة .
أخيرا قد تكون مخطئا تماما إذا ما أعتقدت أن هذا الحادث فردي ولن يتكرر بالنظر لوفاة الأب وعدم وعي وكياسة الأم للتغيرات السلوكية والنفسية لابنها الصغير، ولكن ماذا تقول في تقليد لعبة ” الحوت الأزرق ” في غرف الأطفال وحتي المراهقين المغلقة ورقصة كيكي؟!، والنهاية واحدة حتي مع وجود الأسرة ولكن برعاية شكلية تفتقر للاحتواء والارتواء الفكري والتوعوي من أعز الناس.
وأتمني أن تكون رسالتي وصلت لكل أب وكل أم: ” راعوهم في الصغر يراعوكم في الكبر ” .
أضف تعليق