الضرورة القصوى

الضرورة القصوىسعيد صلاح

الرأى10-12-2023 | 17:05

جرى الحديث فى العدد الماضى حول مرشح الضرورة، والرئيس الضرورة .. فى الانتخابات الرئاسية 2024، وكيف أن المرشح الرئاسى عبد الفتاح السيسى كان مرشح الضرورة فى انتخابات 2014 لكونه القادم من المؤسسة العسكرية، تلك المؤسسة الأكثر أمانًا واستقرارًا وإلتزامًا بالحفاظ على أمن وسلامة الوطن، بالإضافة إلى قدرته على القيادة فى ظروف دقيقة مكنته من الإمساك بزمام الأمور فى وقت غاية بالدقة، ثم جرى الحديث عن تحول السيسى بعد ذلك من مرشح الضرورة إلى الرئيس الضرورة لكونه لديه مشروع وطنى بدأ فى تنفيذه وتستوجب المصلحة العليا للوطن أن يقوم باستكماله.

واستكمالا لهذا الطرح، يقودنا السياق إلى الحديث عن «الضرورة القصوى»، التى وبسبب الظروف الراهنة التى يمر بها الوطن فى الداخل والخارج تحتم علينا أن نضعها عنوانا للاختيار الذى تمتلكه أيدينا قبل ساعات من بدء عملية التصويت فى الداخل.

نعم بات الأمر «ضرورة قصوى» تحتم علينا جميعا أن ننحاز انحيازا كاملا للوطن، ضاربين عرض الحائط بأى مهاترات أو محاولات للتسطيح أو الاتهام بالانحياز الأعمى أو كما يقول الفارغون الموجهون «التطبيل».

هذه الضرورة القصوى، التى أتحدث عنها تفرض معطياتها وملامحها الواضحة ووجودها على كل محاولة للفهم والتفكير والإنصاف عند الاختيار، فمن منا لا يرى ويتابع ما يحدث فى محيطنا الإقليمى وكل دوائر الأمن القومى المصرى.

فهذا هو المحور الاستراتيجى الشرقى مشتعل إلى درجة الاقتراب من حرق الجميع، فقوات الاحتلال بعدما أفرغت شمال غزة تقريبا لجعله منطقة عازلة، تعمل على توسيع العمليات العسكرية فى جنوب القطاع ليزداد نزوح الفلسطينيين من شمال ووسط غزة إلى الجنوب، الأمر الذى قد يدفع قرابة مليون لاجئ إلى الحدود المصرية تحت ضغط القصف الإسرائيلى، وهذا المخطط الشيطانى مستمر رغم التحذيرات الدولية والأممية والفلسطينية وبالطبع مصر، التى أكدت أن ذلك "خط أحمر لن يتم السماح بتجاوزه".

وليس «مخطط اجتياز الحدود» هو الخطر القادم من الشرق والناتج عن انفجار أزمة غزة فقط وإنما يتطاير منه براميل بارود أخرى، منها ما تسعى إليه أمريكا وإسرائيل، التى أرسلت دعوات إلى دول بالفعل؛ لإنشاء قوة دولية لحماية الملاحة فى البحر الأحمر ، تنخرط فيها 40 دولة، وتشمل مساحة 3 ملايين ميل من المياه الدولية، متذرعة فى ذلك بما تقوم به جماعة الحوثى ذراع إيران من عمليات ضد السفن وإطلاق مسيرات وغيرها من الأعمال الطائشة، وأيضا ما قد تتسبب فيه القوات الدولية الأمريكية والبريطانية والفرنسية والإيطالية والروسية فى شرق المتوسط من حدوث نزاع عالمى بسبب ثروات هذه المنطقة من الغاز وغيره، كل هذا قد ينذر بإشعال حرب فى المتوسط وحرب أخرى أوسع فى البحر الأحمر، وهذا يمثل خطرًا كبيرًا على قناة السويس ويهدد الأمن القومى المصرى بشكل مباشر.

ذلك ما يحدث على المحور الشرقى أكثر المحاور اشتعالا الآن، لكنه ليس الوحيد المشتعل فهذا المحور الجنوبى لا يزال مشتعلا وتشير الأحداث الجارية مؤخرا إلى استمرار الخلافات والاتهامات المتبادلة بين الجيش السودانى وقوات «الدعم السريع»، التى تهدد بتعثر الجولة الثانية من «مفاوضات جدة»، مما ينذر بطول أمد هذا الصراع واشتعال الموقف فى الجنوب لفترة طويلة وهو ما يهدد بالطبع الأمن القومى المصري.

وعلى المحور الغربى لا يختلف الأمر كثيرا فقد انفتح المشهد السياسى الليبى من جديد على جملة من المتغيرات اللافتة والصادمة أيضاً، التى من الممكن أن تزيد الأمور تعقيدا بعدما كنا نلتمس فرجا قريبا، فموعد الانتخابات التى كنا نتوقعها قبل نهاية العام الحالي، بدا بعيدا، وذلك على وقع توتر جديد بين «الأطراف الفاعلة»، وهو الأمر الذى قد ينذر أيضًا باشتعال الموقف مرة أخرى فى ليبيا الشقيقة، وهو وبلا شك يمثل تهديدا كبيرا للأمن القومى المصرى.

وكما هو واضح فإن الوطن محاط بمناطق مشتعلة من كل اتجاه فضلا عن تأثر داخله بأزمة اقتصادية طاحنة ينفث فى نيرانها شياطين الداخل والخارج؛ لتأجيجها والنيل من تماسكنا لذلك بات من الضرورى بل ومن الضرورى جدا، أن نتماسك، ونحسن اختيار من يستطيع الاستمرار فى قيادة سفينة الوطن بحكمة واقتدار فى هذا البحر المتلاطمة أمواجه لدرجة مهلكة.

حفظ الله الجيش.. حفظ الله الوطن

أضف تعليق

حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2