عبقرية الإنسان والمكان

عبقرية الإنسان والمكانسعيد عبده

الرأى17-12-2023 | 19:03

عندما تقرأ هذه السطور غالبًا ما يكون قد تم إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية فى مصر بعد انتهاء العُرس الانتخابى الثلاثاء الماضى.

أجريت الانتخابات الرئاسية وسط تحديات جسام، داخلية وخارجية ليست بالسهلة أو البسيطة.. فالعالم يتغير من حولنا بسرعة كبيرة جدًا منها للأسوأ وقليل منها للأفضل وسط اختلال معايير وموازين القوى فى هذا الوقت.

خصوصية المواطن:

أعرف أننا شعب يظهر قدرات كامنة وقت الأزمات والتحديات الكبيرة.. ومصر دولة قديمة صاحبة حضارة.. حدودها ومعالمها مستقرة منذ زمن كبير عرفت معنى الدولة المستقرة ونظام الحكم منذ العصر الفرعونى وحتى الآن.. تعرضت للاحتلال لفترات ليست بالقصيرة ولكن لم تتأثر ثقافتنا وهويتنا أبدًا.

لذا عندما حدثت مشكلة غزة فى السابع من أكتوبر وبدأ العدوان الغاشم على شعب غزة الأعزل ولم تكن الحرب ردة فعل ولكن كانت ومازالت حتى كتابة هذه السطور حرب إبادة جماعية للشعب الفلسطينى لإنهاء القضية الفلسطينية، حرب مستمرة لأكثر من شهرين تذكرنا بألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية وكيف كان الانهيار التام.

ونحن خلال هذه الفترة نعد للانتخابات الرئاسية، ولذلك تعمل الدبلوماسية المصرية فى كل الاتجاهات من أجل وقف هذه الحرب.

وجاء إعلان الرئيس السيسي للشعب عن الخطة التى تتم لنقل شعب غزة إلى سيناء والعيش فيها لتفريغ قطاع غزة بالكامل والانتهاء من القضية وأيضا مع الضفة الغربية وانتقال شعبها إلى الأردن.

وكان ذلك مقابل إلغاء ديون مصر بالكامل وإعانة مصر على تقبل الوضع الجديد، فمصر لديها عشرة ملايين من مواطنى الدول العربية التى تعرضت لمشاكل مثل ليبيا والعراق وسوريا والسودان واليمن.. فماذا لو زاد العدد ثلاثة ملايين.

وكان موقف الرئيس واضحا وكاملا لرفض العرض وأن أرض مصر ليست للبيع أو التسكين ولكن ما لدينا من أشقاء يعيشون معنا على الرحب والسعة على أمل العودة إلى بلادهم بعد استقرار الأمور.. ويعاملون معاملة المواطن المصرى وهذا قدرنا.

وأيضًا أن قبول ذلك يعنى إنهاء القضية الفلسطينية بالكامل.. وهذا مستبعد من بلد حملت الملف أكثر من خمسة وسبعين عامًا ولم تمل.

وكانت وقفة الشعب مع الرئيس وقفة واضحة وإعلان خروج الجماهير لمساندة الرئيس فى موقفه والاستمرار فى الدفاع عن أرضنا وقضايانا الداخلية والخارجية.

وكانت هذه رسالة أولى للعالم فى هذه الأزمة ثم جاءت الانتخابات التى يتنافس فيها أربعة مرشحين على الرئاسة وسط أجواء انتخابية يغلفها القصف اليومى ل غزة والأزمات فى بعض السلع والتى يصنعها لاعبو الأزمات وآلاف الضحايا والنازحين والشهداء كل يوم وكل ساعة نراها ونسمعها ونتألم لها.

وكانت مفاجأة للبعض ولكن هى يقين لكل مصرى يعرف بلده وينتمى إليها أن هذه الوقفة وقفة اختيار واختبار ومنح ثقة لمن يستحقها وتفويض باستكمال مسيرة مصر.

نعم أعتقد أن الأرقام ستؤكد مدى الإقبال الشديد وغير المسبوق فى ظل تواجد أربعة مرشحين لاختيار أحدهم وأخذ كل مرشح حقه فى عرض برامجه فى كافة وسائل الإعلام بشكل نفتخر به ونوقشت البرامج وأعلنت المؤتمرات الانتخابية ونزل شعب مصر بكل طوائفه ليعبر عن حقه الانتخابى واختيار ما يريد وسط متابعة إعلامية داخلية وخارجية وعلى الهواء مباشرة من اللجان.

تنوع الناخبون من كل فئة رجال ونساء وشباب وشيوخ رأيتهم وشاهدهم الجميع وكان للهيئة الوطنية للانتخابات دور يشهد به وللقضاء المصرى فى الإشراف وتنظيم الانتخابات لتكون نموذجا يعبر عن مصرنا الجديدة وتنظيم من رجال الشرطة والمتطوعين من الشباب بل ولأول مرة الدفع بعدد إضافى من القضاة لاستيعاب الإقبال على العملية التصويتية.

فعلا كان المهرجان احتفائيا وديمقراطيا شاركت فيه أحزاب المعارضة بمرشحين، وأيضا أحزاب الموالاة بالدعم، فكل يعبر عما يراه.

تنافس شريف، وأيام جميلة عشناها ونحصد بإذن الله ثمارها من أجل أولادنا وأحفادنا ومن أجل مصر أولًا.

الاستفزاز الغربي:

غريب أمر السياسة فمن يتابع تصريحات الإدارة الأمريكية فى الفترة الأخيرة يجد كل المتناقضات وكل الدعم الغاشم لإسرائيل بل والإعلان عن الهوية فى بداية الصراع من قبل وزير الخارجية الأمريكى وإعلانه أنه يهودى متحيز لإسرائيل.. ثم يعلن بايدن أنه صهيونى ويفتخر بذلك.

وأيضًا يرفض القتل العشوائى للأبرياء فى غزة ويرسل فى نفس الوقت القنابل الفسفورية وأحدث الأسلحة لإسرائيل ليدعمها فى حرب الإبادة مع استخدام الفيتو.. ثم بعد كل هذا يختلف مع إسرائيل.

إذا كان هناك مكسب من حرب 7 أكتوبر فاعتبره تحريك القضية الفلسطينية وجعلها على رأس أولويات الأحداث السياسية فى العالم ولكن كان الثمن باهظًا من تدمير وقتل وتشريد الفلسطينيين فى غزة فى أعنف وأطول حرب دارت بينهم وبين العدو الإسرائيلى.

وأيضًا هناك مكسب آخر وهو توحد أكثر من مائة وأربعين دولة عربية وإسلامية وغربية فى الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد فشل مجلس الأمن بسبب الفيتو الأمريكى فى اتخاذ موقف إيجابى.

الحق فى النهاية سينتصر ولو طال الزمان، والعدل ثمنه صعب.

أضف تعليق