بدأ باللعب في شوارع قريته منذ سن خمس سنوات حتى ظهرت موهبته ويخطف أنظار أصدقائه ووالده، ويزداد حلمه وموهبته يوم بعد يوم، حتى وصل إلى عشر سنوات ويحلم كل يوم باللعب مع هؤلاء اللاعبين الذي يشاهدهم أمام شاشات التلفزيون ويرتدي قميص النادي الذي يحبه ويفوز معه بالكؤس والبطولات، ويطلب من والده البحث عن كيفية الانضمام للنادي الذي يشجعه، ويرسم الأب في مخيلته أحلام كبيرة لابنه ويبحث هنا وهناك عن مواعيد الاختبارات، ويضرب عشرات الكيلومترات حتى يصل بابنه إلى تحقيق حلمه، وبعد سنوات يسير الولد بخطوات ثابتة ويخطف أنظار الجميع في قطاعات الناشئين حتى سنحت له الفرصة المنتظرة للمشاركة مع الفريق الأول، مع من كان يحلم باللعب معهم، ويصبح من الأعمدة الأساسية للفريق في سن مبكرة، ويتعرض للكثير من الإغراءات المالية الخارجية، "ليضرب كرسي في الكلوب" ويطالب النادي الذي نشأ فيه ويحبه ويشجعه بأموال أكثر، وإلا فيتركه ويذهب لفريق أخر، وتتبخر معه أحلام أبن النادي.
أشهرهم التوأم.. و فتوح ليس آخرهم
أثير الجدل في الوسط الرياضي المصري حول موقف اللاعب أحمد فتوح مع نادي الزمالك بعد الأزمة التي نشبت نتيجة إثارته للمشاكل بعد تركه هو والثنائي محمد صبحي ومصطفى الزناري معسكر الفريق دون إذن من مدير الكرة والجهاز الفني في ليلة المباراة، مما أدى إلى فتح ملف أبن النادي في الكرة المصرية.
وتعود المشكلة بعد رفض اللاعب تجديد تعاقده مع النادي والمبالغة في مطالبه المالية نظرا للعروض المقدمة إليه من خارج النادي الذي نشأ في قطاعات الناشئين به وصنع نجوميته، ومر فتوح بالعديد من المحطات حتى أصبح الظهير الأيسر الأساسي لمنتخب مصر ونادي الزمالك، وانضم للنادي في الـ15 من عمره عندما كان يلعب لفريق إسكان مدينة مصر وحلم حياته اللعب للزمالك، وتدرج في فرق الناشئين حتى تمت إعارته لإنبي موسم 2016-2017 وهو في الـ18 من عمره، ثم إلى سموحة في يناير 2019، للحصول على فرصة للعب ومواصلة مرحلة التطور، وفي مارس من نفس العام لعب مباراته الدولية الأولى مع منتخب مصر بقرار من خافيير أجيري، وفي موسم 2019-2020 كانت إمكانيات فتوح قد تطورت للغاية، حتى انفجرت مع المنتخب الأوليمبي في بطولة أمم إفريقيا دون 23 عاما التي أقيمت في مصر.
ويأتي من قبله كلا من سيف فاروق جعفر ويوسف أسامة نبيه لاعبا الزمالك السابقان، بعد تصعيدهم للفريق الأول وظهورهم بمستوي متميز رفضا التجديد للنادي في أصعب الظروف التي مر عليها الفريق واحتياج لأبنائه وانتقلا إلى بيراميدز في صفقة انتقال حر تاركين حب الجماهير والكيان الذي تربا فيه.
ومن الأمثلة التي أثارت جدلا واسعا رفض رمضان صبحي الانتقال إلى ناديه الأهلي بعد قضاء فترة من الاختراق الخارجي وتفضيل عرض بيراميدز والانضمام إليه في صفقة من العيار الثقيل، وتدرج صبحي في ناشئين النادي حتى تم تصعيده للفريق الأول نهاية موسم 2014 /2013، وبدأ في المشاركة أساسياً مع الأهلي، وكان له دورا كبيرا في حسم بطولة الدوري الممتاز للأهلي، من خلال الدورة الرباعية، أمام الزمالك وسموحة وبتروجيت، وتألق في تلك الفترة وبدأ كتابة التاريخ ليدخل ضمن أصغر الهدافين في المسابقة بعمر 16 عامًا و122 يومًا، ولفت انتباه مسؤولي الجهاز الفني لمنتخب مصر الأول، بقيادة هيكتور كوبر، وشارك رمضان صبحي في مباراة مصر وتنزانيا بتصفيات كأس أمم أفريقيا 2017، قبل أن يكمل عامه الـ18 بأيام قليلة، وأصبح وقتها ثاني أصغر لاعب يشارك مع المنتخب الأول، بعمر 17 سنة، و11 شهرا و18 يوما، بعد أحمد حسام ميدو، وحصل على بطولة كأس الأمم الأفريقية للشباب (تحت 23 سنة)، والتي أقيمت بمصر 2019، وحصل على جائزة أفضل لاعب بالبطولة.
وبدأ صبحي مسيرته الاحترافية في الملاعب الإنجليزية، مع فريق ستوك سيتى في يوليو من عام 2016، بعد انتقاله مقابل 5 ملايين جنيه استرليني، كما انضم لصفوف فريق هيدرسفيلد تاون الإنجليزي، صيف 2018 بقيمة 5.7 مليون جنيه استرليني، وتوج مع الأهلي بـ9 ألقاب، الدوري المصري 4 مرات، كأس السوبر المصري في 3 مرات، دوري أبطال أفريقيا، وكأس الكونفدرالية الأفريقية كلا منهما مرة واحدة.
ومن النماذج التي المهمة في تاريخ الكرة المصرية عبدالله السعيد لاعب بيرميداز الحالي والأهلي والإسماعيلي السابق، وكانت بدايته في ناشئين الدراويش ووضع ضمن أفضل لاعبي الكرة المحلية بفضل المستويات الرائعة التي قدمها رفقة الإسماعيلي، وقرر اللاعب خوض تجربة جديدة رغبة في الحصول على البطولات خاصة في ظل التراجع التدريجي الذي عانى منه الإسماعيلي خلال هذه الفترة، وأبدى السعيد رغبة كبيرة في الرحيل إلى الأهلي ورفض مساعي الإسماعيلي لبقائه مع الفريق، بعد الدخول في مشاكل مع الإدارة وإثارة الجماهير بعد رمي قميص الدراويش على الأرض، وأصبح غير مرغوب فيه حتى قرر النادي بيعه للأهلي، وأصبح السعيد هو العنصر الأهم في تشكيل الأهلي نظرا لقدرته الكبيره، وحصد على 12 بطولة متنوعة بين الدوري المصري الممتاز ودوري أبطال أفريقيا والسوبر القاري والكونفيدرالية والسوبر والكأس على المستوى المحلي.
ويأتي أبن وكابتن نادي الزمالك طارق السعيد الذي تدرج في ناشئي الزمالك حتى صعد للفريق الأول وقضى 8 مواسم مع الفريق وتخللها موسم في أندرلخت البلجيكي، ضمن القائمة الأبرز بعد انتقاله للأهلي عام 2006، وقضى معه موسم ونصف، ليعلن اعتزاله في يناير 2008 بسبب تأثره بالإصابة، كما كانت صفقة انتقال أبن نادي الزمالك معتز أينو إلى الأهلي الأثر الكبير على الوسط الرياضي بعد أن تدرج في اللعب لفرق الناشئين والشباب حتى تم تصعيده للفريق الأول عام 2002، بعدما لفت الأنظار إليه بشدة، خاصة فيما يتعلق بأدائه الهجومي في وسط الملعب، وأصبح أحد الركائز الأساسية للفريق، وتوج ببطولة الدوري الممتاز موسم 2003-2004، وانضم لصفوف المنتخب المصري، حيث كان ضمن قائمة الفراعنة التي توجت ببطولة كأس الأمم الأفريقية عام 2006، وشارك إينو مع الفريق في 125 مباراة، أحرز خلالها 5 أهداف وصنع هدفين، واستمر مع الزمالك حتى عام 2007، وبعد نهاية تعاقده انتقل إلى الأهلي، ورحل في صيف 2011 ولم يشارك بشكل منتظم ورحل دون ترك بصمة واضحة مع الفريق.
وكانت أبرز الإنتقالات عام 2000 بانتقال أبناء الأهلي والأكثر حصدا للبطولات "التوأم" حسام وإبراهيم حسن إلى نادى الزمالك فى صفقة انتقال حر بعد الصدام مع الراحل صالح سليم وعدم التجديد لهم بعد أن حققا 23 بطولة على مدار السنوات التي شاركا خلالها، وسجل حسام حسن 142 هدفا في 300 مباراة ليصبح ثانى هدافى الأهلى فى تاريخه، بينما خاض إبراهيم حسن 292 مباراة سجل خلالها 33 هدفا، ولعب التوأم بصفوف الزمالك فى الفترة من 2000 وحتى 2004 ونجحا فى تحقيق الإنجازات والبطولات فى ظل مجلس إدارة الدكتور كمال درويش، حققا مع الفريق 10 بطولات شارك حسام حسن في 107 مباراة سجل خلالها 54 هدفا، بينما لعب إبراهيم حسن 82 مباراة وسجل 8 أهداف.
القيصر ابن الدراويش ملهم الوفاء والانتماء
يأتي حسني عبد ربه ضمن أفضل لاعبي النادي الإسماعيلي والكرة المصرية على مر العصور، ومن النماذج التي تمسكت بارتداء قميص الدراويش برغم كل الإغراءات المالية التي عرضت عليه داخليا وخارجيا، وبدأ مسيرته مع الإسماعيلى في الفريق الأول موسم2001-2002 وكان أصغر لاعب فى الدورى حيث لم يتخط عامه الـ17 عندما حقق مع الدراويش بطولة الدورى العام وقتها، كما تم اختياره أفضل لاعب فى مسابقة الدورى المصرى عام 2007، كما حصل عبد ربه على وصافة الدورى المصرى ثلاث مرات مع الإسماعيلى، وحصل على وصافة دورى أبطال أفريقيا عام 2003، كما حصل على وصافة بطولة دورى أبطال العرب عام 2004.
وحقق "القيصر" حسنى عبد ربه العديد من البطولات على مستوى المنتخبات، وفاز بأول الألقاب الأفريقية مع منتخب الشباب موسم 2003 تحت قيادة المعلم حسن شحاتة، كما انضم للمنتخب المصرى الأول فى أمم أفريقيا 2004 بتونس كأصغر لاعب فى تاريخ قائمة المنتخب المصرى، وشارك فى الحصول على الثلاثية التاريخية للكرة المصرية فى أمم أفريقيا 2006/2008 /2010، وتم اختياره أفضل لاعب فى كأس الأمم الأفريقية 2008 وثانى أفضل هداف بالبطولة، كما اختير فى الـ11 لاعباً لفريق كأس الأمم الأفريقية 2008.
الخبراء: الولاء والانتماء لمن يدفع أكثر
انتهى عصر انتماء اللاعبين بلا رجعه، هكذا بدأ الكابتن سيد عبد الرازق نجم الإسماعيلي الأسبق كلامه عن ما يحدث من انتقالات تثير الجدل في الوسط الرياضي من نادي تربى فيه اللاعب في قطاعات الناشئين واكتسب الشهرة في الفريق الأول، لينتقل بعد ذلك إلى نادي أخر تاركا كل تطلعات ناديه للوصول إلى رمز من رموز النادي في المستقبل، وأكد عبد الرازق على أن ولاء وانتماء اللاعبين إلى التعاقد مع النادي وقيمته المالية، ولذلك الأسعار المبالغ فيها التي يتم وضعها في تعاقدات اللاعبين أثرت بشكل كبير على ما يحدث في الساحة الرياضية من طلبات مالية مبالغ فيها لتجديد عقود اللاعبين.
وقد أشار سيد عبد الرازق إلى أن سياسة قطاعات الناشئين في الأندية الكبيرة بانضمام الأولاد نظير دفع مبالغ مالية للنادي دون النظر إلى الجوانب الفنية، أدى إلى تراجع المستوى الفني للاعبين واندثار اللاعب المهاري في الكرة المصرية، وأوضح بأن الاهتمام بقطاعات الناشئين هي السبيل الوحيد في ضخ لاعبين للأندية بعيدا عن الاهتمام بجمع المال في الاختبارات ووضع سياسة مالية واضحة بتعاقدات مالية غير مبالغ فيها.
وفي نفس السياق قال الكابتن حسام غويبة نجم المصري البورسعيدي الأسبق بأن الأسعار التي تضعها إدارات الأندية للاعبين في تعاقدتهم لا تناسب الإمكانيات الحقيقية والفنية التي يتم التقييم على أساسها اللاعب، مما يؤدي إلى حدوث ما نحن فيه من فوضى في الانتقالات بين الأندية، مع عدم وضع استراتيجية واضحة للفريق من جانب المتخصصين لسد احتياجات الفريق، وأكد على أن وكلاء اللاعبين في مصر عليهم عامل كبير في تصرفات اللاعبين وتحديد مستقبلهم وعدم النظر إلى جماهيرية النادي ومستقبلهم مع الفريق.
وكما أشار إلى أن ما يحدث ليس لها علاقة بالاحتراف لأن اللاعب عليه واجبات لدى ناديه الذي تربى فيه، ومن هذه الواجبات الالتزام داخل وخارج المستطيل الأخضر لأخر يوم في تعاقده، والعطاء حفاظا على مستقبله واحتراما لتعاقده وحب الجماهير له، وعدم اختلاق المشاكل حوله، وكل هذه الأشياء يكسب بها حب الجماهير واحترام الآخرين.