عاطف عبد الغنى يكتب: «خليهم يكلوا عيش.. ويموتونا!»

عاطف عبد الغنى يكتب: «خليهم يكلوا عيش.. ويموتونا!»عاطف عبد الغنى يكتب: «خليهم يكلوا عيش.. ويموتونا!»

*سلايد رئيسى31-8-2018 | 17:45

أستطيع أن أحصى - على الأقل - 10 مواقع فى شوارع رئيسية وفرعية أمر بها يوميًا فى طريق ذهابى وعودتى من العمل (من الهرم إلى ميدان عبدالمنعم رياض)، تنتشر فى هذه المواقع مظاهر الفوضى والإهمال فتتسبب فى خنق الشوارع ومضايقة الناس وتعطيل سير المركبات وما يترتب على هذا من نتائج سلبية على الموارد والبشر، من استهلاك الوقود والمركبات إلى خنق الناس وتعطيل مصالحهم والتقليل من هيبة الدولة واحترام قوانينها المنظمة.

(1)

فى دائرة الفوضى يفرض المخالفون وجودهم كأمر واقع، من الباعة الجائلين، إلى «التوك توك»، و«التورسكل» والدراجات النارية غير المرخصة، والسيارات السوزوكى «الفان» المرخصة ملاكى وتعمل أجرة، والتى تتحدى الجميع بخلق سائقيها لمواقف عشوائية أعلى وأسفل مواقف الكبارى على أمتار من الكمائن الثابتة للمرور، مثال: (منزل ومطلع الطريق الدائرى إلى ميدان لبنان).

وفى دائرة الفوضى ترتفع أكوام مخلفات البناء التى تلقى على جوانب بعض الطرق (رئيسية وفرعية) حتى تكاد تسدها، فلا تترك إلا أمتارًا قليلة تسمح بمرور سيارة فى اتجاه واحد فى طرق مزدوجة الاستخدام، مثال: (وصلة طريق المريوطية من كرداسة إلى منزل الدائرى فى الاتجاهين، والطريق الموازى له الممتد من كرداسة أيضا إلى منزل الدائرى).

والفوضى والاختناق هما السمة الدائمة التى تخنق مطلع الطريق الدائرى من امتداد شارع عرابى.

ومخارج الدائرى (مطالع ومنازل) عند قرية «المعتمدية» بالجيزة، تلك التى شقها الأهالى، أثناء فوضى ثورة 25 يناير، وتركتها الحكومة على حالها البدائى دون أن تطولها يد التطوير نسيانًا أو عقابًا.. وغيرها من مخارج (منازل ومطالع) أخرى اخترعها الأهالى ويستخدمونها، وتنتشر على جانبى الدائرى، فى الوصلة التابعة لمحافظة الجيزة، وهى أكثر بدائية وأكثر خطورة من مخارج «المعتمدية» ، ومنها – على سبيل المثال – مخرج ومدخل الدائرى على مدينة «منشية البكارى» قبل أمتار قليلة من مخرج المريوطية المخنوق بموقف للميكروباص مع وجود كمين متحرك، لكنه موجود بشكل شبه دائم فى الاتجاه الآخر.

(2)

أنا أحدثك هنا عن شوارع رئيسية فى محافظة الجيزة التى ولدت، وعشت، وأسكن فيها، ورأيت فيها بعضًا من عجائب العشوائيات التى تكفى أسماؤها لتدل عن حالها، وسؤالى: هل يزور المسئولون عن الإدارة المحلية بالمحافظة المنطقة المسماة « كفر المنفى» التابعة لحى الهرم، أو «عزبة فكيهة» أو «زرزارة» وهو اسم لأكثر من منطقة يطلقه العوام على منافى (جمع منفى) المحافظة العشوائية وريثة الغيطان والمناطق الزراعية، التى تم تبويرها والبناء عليها.

والذى يدعو إلى العجب أنه فى الوقت الذى تجتهد فيه الدولة على مدار السنوات القليلة الماضية فى القضاء على العشوائيات الخطرة على الحياة وتطوير الأقل خطورة، يغمض المسئولون فى المحليات أعينهم عن مناطق عشوائية أخرى توضع بذرتها يوميًا، فتنبت وتنمو وتتوسع أفقيًا، ويباركها المسئولون بتوصيل المرافق لها (على الأقل الكهرباء) !

(3)

الحديث عن الفوضى والإهمال فى الشوارع والأحياء لابد أن ينقلنا إلى الحديث عن الفوضى فى مرفق آخر صار عنوانا للموت والهلاك فى السنوات الأخيرة، وهو مرفق السكة الحديد، وأحدث الكوارث الناتجة عن الإهمال الذى يعشش فى هذا القطاع، نتج عنها سقوط 63 مصابًا من الركاب بعد أن خرجت 3 عربات من القطار المكيف القادم من قنا، وانقلبت بركابها الذين أصابهم الهلع والخوف غير الإصابات، عند مدينة «المرازيق بالجيزة».

وأصدرت النيابة الإدارية، نهاية الأسبوع الماضى، (30/8/2018) تقريرها عن الحادث، ويتضمن التقرير مساءلة 10 مسئولين أعلاهم وظيفيًا مدير عام الصيانة وإدارة صيانة الإشارات، وأدناهم مراقب الحركة، هؤلاء العشرة سوف تسألهم النيابة فى تهم: الإهمال فى أداء واجباتهم الوظيفية، وانعدام الرقابة، وتعريض حياة الركاب للخطر، ويتمثل إهمال الموظفين والعمال (كما تقول أوراق النيابة الإدارية) فى أنهم لم يخطروا (يبلغوا) عن أعطال فى تحويلة محطة المرازيق، لذلك بقت متعطلة على حالها حتى يوم وقوع الحادث!!

شىء مؤسف، لكن الداعى أكثر إلى الأسف، أن هناك من التهم أيضًا ما يمثل قمة السخرية المرة حين يكشف تقرير النيابة الإدارية أن إشارات التحويلات فى مثل هذه المحطات والمزلقانات معظمها «صورى» أى أنها بلغة العوام «منظر» فقط، ناهيك عن أن القائمين على هذه الإشارات يكتفون بتسجيل الأعطال يدويًا فى دفاترهم من باب تأدية الواجب وإخلاء المسئولية.

(4)

وخذ الكبيرة التى أشارت إليها - أيضا - أوراق النيابة الإدارية، وهى أن هناك 52 ألف عامل فى السكك الحديدية، يقوم منهم 6 آلاف فقط (واحد من كل تسعة تقريبا) بتشغيل القطارات، فأين يذهب الثمانية الباقون؟ وفى ماذا يعملون.. أو على ماذا يقبضون رواتبهم، وحوافزهم، ومكافآتهم، وأرباح نهاية العام؟!، ذوات القلوب الرحيمة سوف يعترضون غالبًا على السؤال إعلاء لثقافة «خليهم يكلوا عيش»، وإذا سألت عن الأرواح التى تذهب ضحية حوادث القطارات، فهناك أيضا من سيقول لك: « هذه آجالها».. أليست هذه هى الذهنية السائدة والثقافة التى تجد من يشجعها فى مجتمعاتنا التى تنحر نفسها بنفسها؟!.

..كلمة أخيرة أقولها للسيد وزير النقل بصفته، وليس بشخصه، وهى: إذا كان هو الذى بادر بإبلاغ النيابة الإدارية، طالبًا منها تحديد مسئولية المختصين بالهيئة القومية للسكة الحديد عن حادث المرازيق، وانتهت النيابة إلى تحديد المسئولية المباشرة، فالمسئولية السياسية يتحملها هو، أما الحكومة الحالية برئاسة د. مصطفى مدبولى فعليها أن تتحمل مسئولية تطوير هذا المرفق بأسرع ما تستطيع، وبأى كلفة، قبل أن يقع حادث آخر تذهب فيه أرواح بريئة ثم نحمّل المسئولية لعامل مزلقان لم يبلّغ عن إشارة «صورية» أو آخر نام فى التحويلة وترك القطارات تدخل فى بعضها.

    أضف تعليق

    رسائل الرئيس للمصريين

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2