كمال محمود مهدي* يكتب: المهور قصمت الظهور

كمال محمود مهدي* يكتب: المهور قصمت الظهور  كمال محمود مهدي* يكتب: المهور قصمت الظهور

* عاجل2-9-2018 | 13:26

إن كثيرا من الشباب اليوم قد لا يستطيع الزواج ، بسبب التكاليف الباهظة ، والإسراف في حفلات الزواج ، وهي مشكلة كبيرة أضرت بالناس وبالمجتمع ، وحصل بسببها من الظلم للفتيان والفتيات ما الله به عليم ، ولم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من أصحابه ، أو التابعين لهم بإحسان ، أنهم فعلوا ذلك ، وللأسف الشديد في زماننا هذا أصبحت تكاليف الزواج عقبة كؤود تَحول بين الشباب وبين الزواج، حتى صار الزواج عند الشباب من الأمور الشاقَّة أو المستحيلة بل أصبح الزواج كالحج (لمن استطاع إليه سبيلا) بل أصعب من الحج. وهذا يخالف شرعنا وديننا الذي دعا إلى اليسر وعدم الإسراف والتبذير والإسلام اعتبر أن المرأة كلما كان مهرها قليلاً كان خيرها كثيرًا، قال رسول الله : ((إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة))، وقال : ((يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها)). ولقد رغَّب النَّبي صلى الله عليه وسلم في تخفيف الصداق، فقال: ((خير الصداق أيسره)) وزوَّج صلى الله عليه وسلم امرأةً على رجل فقير ليس عنده شيء من المال بما معه من القرآن، بعد أن قال له: ((التمِس ولو خاتمًا من حديد)). ومهر الرسول عليه الصلاة والسلام لزوجاته أمَّهات المؤمنين،ومهر بناته، ومهر الصحابيات رضي الله عنهن - لم يتعدَّ اثنتي عشرة أوقية. فعن أبي سلمة بن عبدالرحمن، أنه قال: سألتُ عائشة زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم: كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: "كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونَشًّا، قالت: أتدري ما النَّشُّ؟ قال: قلت: لا، قالت: نصف أوقيَّة، فتلك خمسمائة درهم، فهذا صَداق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه". وعن أبي العجفاء السلمي، قال: خطبَنا عمر رحمه الله، فقال: "ألا لا تغالوا بصُدُق النِّساء، فإنها لو كانت مَكرُمةً في الدنيا، أو تقوى عند الله، لكان أَولاكم بها النَّبي صلى الله عليه وسلم، ما أَصدق رسولُ الله صلى الله عليه وسلم امرأةً من نسائه، ولا أُصدِقَت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية". وجاء عند النسائي عن أنس رضي الله عنه قال: "خطَب أبو طلحة أمَّ سليم، فقالت: والله ما مثلك يا أبا طلحة يُرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلِمة ولا يحل لي أن أتزوَّجك، فإنْ تُسلِم فذاك مهري، وما أسألك غيرَه، فأسلم فكان ذلك مهرها، قال ثابت: فما سمعتُ بامرأة قط كانت أكرم مهرًا من أمِّ سليم؛ الإسلام، فدخل بها فولدَت له" وروى أبو داود والنَّسائي - عن ابن عباس أن عليًّا قال: تزوَّجتُ فاطمة رضي الله عنها، فقلت: يا رسول الله، ابنِ بي - وهو الدخول بالزوجة - قال: ((أعطِها شيئًا))، قلت: ما عندي من شيءٍ، قال: ((فأين دِرعُك الحُطَميَّة؟))، قلت: هي عندي، قال: ((فأعطِها إياه)) فهذا كان مَهر فاطِمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيِّدة نساء أهل الجنة، هي بنت مَن؟هي زوجُ مَن؟هي أمُّ مَن؟ من ذا يساوي في الأنام عُلاها؟ أمَّا أبوها فهْو أشرَفُ مرسَلٍ جبريلُ بالتَّوحيد قد ربَّاها وعليُّ زوجٌ لا تسَل عنه سوى سيف غدا بيمينه تيَّاها أيها المسلمون: إن من أسباب المغالاة في تكاليف الزواج: التقليد الذي سلَب الناسَ تفكيرهم، فما فعله فلان، لا بد أن يفعله هو وزيادة.حتى وإن كانت ظروفه لا تسمح فيستدين ويقترض من أجل إقامة ليلة عرس لمدة ساعتين أو ثلاث تكلف الآلاف المؤلفة وبعد ذلك يظل يتألم ويعاني من الديون وتصير حياته ضنكا لأنه أعرض عن منهج الله قال تعالى(ومن أعرض ذكري فإن له معيشة ضنكا). وبالله عليكم من أين يأتي الموظف البسيط الذي لا يكاد راتبة الشهري يكفي طعامه وشرابه بمثل هذه الأموال بل وهناك من الناس من ليس له راتب يعمل يوما ويرقد أيام . أفلا يَقتدي هؤلاء بما عمله الرَّحمةُ المهداة صلى الله عليه وسلم؟ أفلا يتأسَّى هؤلاء بما فعله الصَّحابةُ الكرام رضوان الله عليهم أجمعين؟ إخوة الإسلام: إنَّ مشكلة غلاء المهور تَحتاج إلى نيَّة صادقة، وهمَّة عالية، ونبذ العادات والتقاليد، والانقياد إلى كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بالصَّحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين. وأختم حديثي بقول الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ . .................................................. * إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية
أضف تعليق