أحمد عاطف آدم يكتب: المنطق وإدمان التواصل الصامت

أحمد عاطف آدم يكتب: المنطق وإدمان التواصل الصامتأحمد عاطف آدم يكتب: المنطق وإدمان التواصل الصامت

* عاجل2-9-2018 | 13:41

" هو العلم الذي يدرس القواعد والقوانين العامة للتفكير الإنساني الصحيح "، هذا هو تعريف المنطق في أبسط صورة فمعظم العلوم ، هي بطبيعتها نتاج شرعي لجهود إنسانية من أجل تفسير الكثير والكثير من الظواهر والتفاعلات الإنسانية المحيطة بنا. وربما وجدت بعد تفكير عميق، أن من بين أهم المشاكل الحقيقية التي تعاني منها الشعوب العربية بصفة عامة هو " الانبهار دون المنطق" - بمعنى أننا نصل بإعجابنا بتجارب الآخرين لقمة الإيمان بها، مع إهمال إخضاعها لتجاربنا وتفحصنا ومدى صلاحيتها لنا أو الكيفية الصائبة لتطبيقها، ما يدفعنا في النهاية لخيال جامح لا يمت لأي حقيقة بصله تذكر . وينعكس كل ما سبق على أمور حياتنا بصفة عامة ، ومن ضمنها ما تتسم به الأجيال الآنية من إدمان التقليد الأعمى للغرب والولع بما يقدموه دون إخضاعه لمنطق أو عقل. وبالنظر لمواقع التواصل الاجتماعي المسيطرة على عقول وانتباه السواد الأعظم من مواطني الشعوب العربية بصفة عامة ، سنجد أن سمة خطأ ثابت يقع فيه روادها، وهو أن إدمان العادة والاستخدام المفرط للتواصل الصامت دفع الكثيرون للقفز فوق بعض العادات والسلوكيات الاجتماعية المعتادة من أجل أن يعيشوا في هذا العالم الافتراضي ، فتجد أن الأسرة العربية أصبحت لا تعبأ بتواجد أفرادها على المائدة المستديرة من أجل التواصل اللفظي والحديث الحي المشوق وتبادل الذكريات والخبرات مثلما كان يحدث في الماضي قبيل اختراع تلك المواقع الانفصالية. والسؤال الأهم هنا : كيف نتخلص من إدمان عادة التواصل الصامت؟ . والإجابة عن هذا السؤال تتطلب منا إعمال المنطق حتى في التعامل مع التكنولوجيا، وهي من أخطر تحديات عصرنا الحديث في جانبها السلبي ، وربما لعصور عديدة قادمة مع مزيد من الترهلات الاجتماعية وبصفة خاصة في العالم الثالث . اسأل نفسك وأنت على جهاز الكمبيوتر الشخصي أو منكب على تليفونك لساعات عن فائدة هذا الغول الذي يستنزف من صحتك وتركيزك وعاداتك اليومية ، وستجد في النهاية أنك لم تقوم بزيارة هامة لمريض أو قريب أو حتى لوالديك، وأول أمس ستتذكر أيضا هذا اليوم الحميمي الذي قمت ببتره من الوجود ببلادتك وفتورك عندما كنت جالسا بصحبة الأهل في تجمع موسمي وكنت مشغولا كل الوقت بإبداء تفاعلك وتواصلك الصامت مع أصدقاء ربما لا تعرفهم من قبل، واسأل نفسك أيضا لماذا لم يعد أقاربك يبتهجون لرؤيتك مثلما كانوا في السابق ! ، والإجابة أنك أصبحت كائنا صامتا بليدا وجافا أنت لم تعد صغيرا مثلما كنت منذ عدة أعوام ، بل أصبحت أبا مسئولا عن أسرة تنتظر منك مزيدا من التلاحم الوجداني . وأخيرا ، هل تتذكر ابنتك الصغيرة عندما كانت على وشك الانتحار بسبب لعبة " الحوت الأزرق " تلك اللعبة التي كادت أن تسوقها للموت في صمت، وكنت حينها جالسا تتابع معجبينك الهلاميين بالفيس بوك وانستجرام ، تبالغ في تضييع الوقت لساعات دون طائل . كل ما سبق هي مجموعة من بعض الصور اليومية التي تدعوك للتفكير بعقل وتوازن ، لدحض كل محاولات الفيروسات النشطة من سلبيات التكنولوجيا الحديثة لتفكيك مجتمعك الصغير . كن مسئولا ولا تنبهر دون منطق.
أضف تعليق