الرئيس يرسم ملامح المرحلة المقبلة

بعد أن أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات أوائل الأسبوع الماضي نتائج الانتخابات الرئاسية 2024، والتي كانت بمثابة أقوى رسالة قدمها المصريون إلى العالم، والتي انتهت بفوز المرشح الرئاسي عبد الفتاح سعيد السيسي بنسبة 89.6% وبلغت نسبة التصويت 66.8% والتي جاءت أعلى نسبة تصويت فى تاريخ مصر.

فقد بلغ عدد الذين أدلوا بأصواتهم 44 مليونًا و777 ألفًا و668 ناخبًا، من بين 67 مليون ناخب هو عدد من لهم حق التصويت فى الانتخابات.

المشهد الانتخابي الأكبر فى تاريخ مصر والذي لم يشهد أي خروقات تؤثر على صحة الانتخابات أو سير العملية الانتخابية كان بمثابة رسالة للعالم أن الشعب المصري قرر أن يستكمل مسيرته التي بدأها منذ عام 2014 وحتى 2030 محافظًا على الأمن القومي المصري، ومدافعًا عن قضاياه الوطنية.

المشهد الانتخابي الذي تناقلته كل وسائل الإعلام العالمية مشيدة بالتجربة المصرية فى انتخابات رئاسية تعددية، معبّرة عن إرادة المصريين الذين أعقبوا إعلان نتيجة الانتخابات باحتفالات كرنفالية فى كل محافظات مصر مهنئة الرئيس السيسي بالفوز، كان بمثابة رسالة قوية إلى العالم أجمع أن الشعب المصر قد اختار مسار دولته على مدى 6 سنوات مقبلة وأنه سيواصل ما بدأه منذ عام 2014.

كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي عقب إعلان النتيجة بمثابة رسم لملامح الطريق للمرحلة المقبلة وتشير إلى أهم الملفات التي سيجري العمل عليها وعلى تطويرها خلال المرحلة المقبلة.

وجاء فى صدارة تلك المهام المهمة الأكبر والأهم وهى الحفاظ على الأمن القومي المصري.

فالملف الأول الذي يواصل استمراره على رأس أولويات الدولة المصرية خلال المرحلة المقبلة هو ملف الأمن القومي المصري، نظرًا للتحديات التي تواجهها الدولة وحجم التهديدات التي تواجه المنطقة والاضطرابات التي ضربت العديد من دول الجوار مما جعل الحدود المصرية حدودًا ساخنة.

وهو ما عبّر عنه الرئيس خلال كلمته قائلاً: «أعبر عن عظيم تقديري وامتناني لكل المصريين.. الذين شاركوا فى هذا الحدث المهم، فى هذا الظرف الدقيق، والذي تواجه فيه الدولة حزمة من التحديات على كل المستويات، يأتي فى مقدمتها، تلك الحرب الدائرة على حدودنا الشرقية.. والتي تستدعي استنفار كل جهودنا للحيلولة دون استمرارها.. بكل ما تمثله من تهديد للأمن القومي المصري بشكل خاص.. وللقضـية الفلسطينية بشكل عام.. وكأن اصطفاف المصريين.. كان تصويتًا للعالم كله.. من أجل التعبير عن رفضهم لهذه الحرب غير الإنسانية.

فالحفاظ على الأمن القومي مهمة مقدسة فى ظل عدم استقرار الأوضاع فى المنطقة وتزايد حِدّة التحديات.

كما يأتي الملف الثاني الذي سيواصل الرئيس العمل عليه خلال الفترة المقبلة وهو ملف القضية المركزية للدولة المصرية والتي وصفها الرئيس عبد الفتاح السيسي من قبل بقضية القضايا وهي القضية الفلسطينية.

فالدولة المصرية تتخذها قضيتها المركزية حتى يتم إعلان الدولة الفلسطينية وإحلال السلام القائم على حل الدولتين، والحيلولة دون أي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية معتبرة ذلك حال وقوعه تهديدًا للأمن القومي المصري بشكل خاص وللقضية الفلسطينية بشكل عام، الأمر الذي تسعى الدبلوماسية المصرية من خلال تحركات مستمرة يقوم بها وزير الخارجية ولقاءات واتصالات رئاسية لعرض الرؤية المصرية لإحلال السلام فى الشرق الأوسط.

وكذا عرض حقيقة ما يجرى على أرض الواقع من جانب الاحتلال الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين العزّل، وهو ما يعد عملية إبادة جماعية تخالف القانون والمواثيق الدولية، الأمر الذي نجحت فيه مصر لتغيير وجهة النظر الغربية وكشف الحقيقة أمامها مما ساهم فى تغيير الموقف الغربي الداعم لإسرائيل إلى الموقف الرافض لما يقوم به جيش الاحتلال تجاه الفلسطينيين فى قطاع غزة.

الملف الثالث وهو الاستمرار فى بناء الدولة المصرية لتحقيق رؤية التنمية المستدامة 2023 والتي وضعتها مصر ونجحت فى تحقيق العديد من الإنجازات بها خلال الفترة الماضية، الأمر الذي يتطلب منا جميعًا مزيدًا من العمل والإنتاج لننشغل جميعنا بالعمل فقط ولا نضيّع الوقت، فالدولة المصرية أمام تحدٍ تاريخي خلال تلك المرحلة للانتقال من الدول ذات الاقتصاديات الناشئة إلى مصاف الدول ذات الاقتصاديات الكبرى، وهي ليست نظرة متفائلة بعيدًا عن الواقع، لكنها مبنية على واقع وتجربة استطاع خلالها المصريون أن يحققوا ما لم يتحقق خلال 50 عامًا فى 9 سنوات، لكن ما تبقى يحتاج إلى مزيد من العمل والإنجاز وهو ما قامت به العديد من الدول الكبرى ومنها الصين ذات التجربة الاقتصادية الرائدة.

إن حرص الشعوب على العمل يساهم بشكل كبير فى زيادة الإنتاج وجودة المنتج والقدرة على المنافسة العالمية، مما يحقق للدول ميزة تنافسية وهو ما تتمتع به الدولة المصرية من امتلاكها لأيدٍ عاملة كثيفة ولديها القدرة على التطور السريع واستيعاب التكنولوجيا الحديثة، وهو ما يجعلها سوقًا واعدة حال كان العمل والإنتاج منهجًا، فتكون بمثابة فرصة استثمارية واعدة لنقل الاستثمارات العالمية إليها، مما يؤثر على تحسين مستوى المعيشة وتوفير المزيد من فرص العمل.

وقد أكد الرئيس السيسي خلال كلمته أهمية استمرار العمل قائلاً: «لنستمر فى بناء الجمهورية الجديدة.. التي نسعى لإقامتها، وفق رؤية مشتركة تجمعنا دولة ديمقراطية.. تجمع أبناءها فى إطار من احترام الدستور والقانون».

الملف الرابع ملف بناء الإنسان والذي حرص الرئيس منذ عام 2018 على وضع ذلك الملف من الملفات المتقدمة لدى الدولة المصرية، وقد تحققت فيه العديد من الإنجازات خلال السنوات الست الماضية لكن خلال السنوات الست القادمة سيشهد طفرة كبيرة وفق الرؤية التي وضعها الرئيس فى ملف بناء الإنسان والحفاظ على هويته مع الاستفادة بما تحقق من تطور تكنولوجي لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطن وتحقيق حياة كريمة له.

وهو ما جاء فى كلمة الرئيس قائلاً: «دولة تسير بخطوات ثابتة نحو الحداثة والتنمية قائمة على العلم والتكنولوجيا.. محافظة على هويتها وثقافتها وتراثها تضع بناء الإنسان فى مقدمة أولوياتها.. وتسعى لتوفيـر الحياة الكريمة له تمتلك القدرات العسكرية والسياسية والاقتصادية.. التي تحافظ على أمنها القومي، ومكتسبات شعبها.. هذه مصر التي نحلم بها جميعًا».

لقد عملت الدولة المصرية على تطوير الخدمات الصحية خلال الفترة الماضية سواء بإطلاق مشروع التأمين الصحي الشامل بمرحلته الأولى والذي يعد استكمال مراحله المتبقية أحد أهم التحديات، بالإضافة إلى المبادرات الصحية الرئاسية والتي كان لها دور فاعل فى رفع مستوى جودة الخدمة الصحية المقدمة للمصريين منذ 2014 وحتى الآن.

وكذا العمل على مواصلة امتلاك القدرات العسكرية والسياسية والاقتصادية، وهو ما تحقق خلال الفترة الماضية وتواصل الدولة العمل فيه من خلال توطين الصناعات العسكرية والصناعات الكبرى وعمليات نقل التكنولوجيا بالتعاون مع الشركاء الدوليين والدول والحلفاء الاستراتيجيين، لتصبح مصر من الدول ذات الاقتصاديات الكبرى.

الملف الخامس تطوير وتوطين الصناعة ويعد مشروع توطين الصناعة وبناء المدن الصناعية المتخصصة هو أحد أهم أولويات المرحلة المقبلة فى ظل الحرص على زيادة الصادرات المصرية وتقليل فاتورة الواردات التي تمثلا ضغطًا كبيرًا على الاحتياطي النقدي.

وهنا لا بد أن نذكر أن حجم ما تحقق خلال الفترة الماضية من بنية تحتية وتعديل عدد من التشريعات كان بمثابة تجهيز لتلك المرحلة، فلم يكن من الممكن أن تنجح الدولة فى توطين الصناعة وتنميتها ما لم تكن تمتلك بنية تحتية قوية، وكذا تعديل التشريعات لتتوافق مع آليات السوق لإتاحة الفرص لجذب مزيد من الاستثمارات.

فخلال الفترة الماضية تم العمل على الصناعات الكبرى ومنها الصناعات النسيجية والتي شهدت تطورًا كبيرًا، حيث تم العمل على إحياء صناعة النسيج بمدينة المحلة الكبرى وتطوير المصانع بها لتتوافق منتجاتها مع متطلبات السوق العالمي، والاستفادة من ميزة تنافسية تمتلكها الدولة المصرية وهي جودة القطن المصري والذي حرصت الدولة المصرية على التوسع فى زراعته مما حقق زيادة فى حجم الإنتاج.

كما يجري العمل على توطين إنتاج الهيدروجين الأخضر وبما يتوافق مع رؤية مصر الوطنية للحفاظ على البيئة وإنتاج الطاقة النظيفة.

وكذا الاستفادة من القيمة التي تمتلكها مصر بموقعها الجغرافى الفريد من خلال تقديمها لصناعة الخدمات والتي تعد من أهم مصادر الدخل، فالخدمات اللوجستية تعد أحد أكثر الصناعات رواجًا والأعلى دخلاً، ولأن الدولة المصرية تعتبر منطقة التقاء التجارة العالمية فقد حرصت على الاستفادة من هذه الصناعة فى محور قناة السويس الذي يعد من المناطق الواعدة.

الملف السادس تطوير التعليم الجامعي وما قبل الجامعي، فما تحقق خلال المرحلة الماضية من تطوير للتعليم الجامعي ليتوافق فى مخرجاته مع متطلبات سوق العمل فى الوقت ذاته تطوير التعليم ما قبل الجامعي، يحتاج خلال الفترة القادمة لمزيد من الجهد فى ظل استمرار بعض التحديات فى مواجهة المشروع القومي لتطوير التعليم مما يتطلب رؤية قادرة على تلبية طموحات الدولة المصرية وما تستهدفه من مخرجات التعليم.

الملف السابع استكمال الحوار الوطني وهو ما يعد إحدى أولويات المرحلة المقبلة لما له من تأثير إيجابي على الحياة السياسية المصرية، ويخلق حالة من النضج السياسي التي تجعل من الاختلاف فى الرأي لا يفسد للوطن قضية واقعًا ويخلق بناءً ديمقراطيًا يرتكز على أن تعدد الرؤى يستهدف دائمًا خدمة الوطن، وليس الاختلاف من أجل الاختلاف.

فالجميع قضيته هي بناء الوطن، الأمر الذي يبني حياة سياسية قوية.

وهو ما أشار إليه الرئيس فى كلمته قائلاً: «سنستكمل حوارنا الوطني.. بشكل أكثر فاعلية وعملية مستفيدين من تلك الحالة الثرية، التي شهدتها العملية الانتخابية وهو ما أفرز تنوعًا فى الأفكار والرؤى.. ناتجًا عـن تنـــوع المرشحين واتجاهــاتهم السـياسـي»..وهو ما أكد عليه الرئيس بشكل عملى عندما التقى بمرشحى الانتخابات الرئاسية بقصر الاتحادية فى اليوم التالى لإعلان النتيجة.

وهنا لا بد للأحزاب المصرية أن تستفيد من التجربة الانتخابية الأخيرة التي جاءت لتؤكد أن الوعي لدى الشارع المصري يجعله أرضًا خصبة لتنوع الرؤى، لا لخلق حالة من الاختلاف الهدام، لكن لخلق حالة من البناء المرتكزة على تعدد الأفكار.

كما أنه على الأحزاب استغلال الفرصة لدمج العديد منها لتصبح كيانات حزبية قوية لها تأثير لدى المواطن.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

حقائق فى مواجهة الزيف

رغم أن المشهد الانتخابي الذي شهدته مصر فى 10 و11 و12 ديسمبر الجاري كانت تتناقله وسائل الإعلام على الهواء مباشرة، وتناقلته عدسات مصوري الصحف المحلية والعالمية إلا أننا فوجئنا ببعض أدوات قوى الشر التي تحاول ترويج صورة زائفة للمشهد من خلال ما يسمى «فحيح مصر» أقصد «صحيح مصر»، بل تقدم تحليلاً لا علاقة له بالواقع وكأنه كان يتابع مشهدًا انتخابيًا فى بلد آخر غير الذي كان يتابعه العالم من مصر فقد تجاهلت وجود 44 مليون ناخب كانوا أمام اللجان على مدى 3 أيام.

ولعلنا لا نستغرب تلك الفقرات التي ذكرتها «الجارديان» فى تقرير نقلته عن «رويترز» حاولت فيه تشويه المشهد رغم أن 90 بالمائة من التقرير يشهد أن الانتخابات الرئاسية تمت بلا خروقات، لكنها محاولات تشويه المشهد المصري المتعمّدة من قِبل الصحيفة لحساب من يدفع ثمن التقرير.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2