في ذكرى وفاة أمير الصحافة المصرية .. ما سر رسالة "التابعي" إلى عبدالناصر؟

في ذكرى وفاة أمير الصحافة المصرية .. ما سر رسالة "التابعي" إلى عبدالناصر؟محمد التابعي

حوارات وتحقيقات24-12-2023 | 18:53

كان محمد التابعي صحفيا وكاتبا اسثتنائيا فهو من الرعيل الأول من جيل الصحفيين الذي شهد بواكير النهضة الأولى لصاحبة الجلالة، ويرجع له الفضل في ازدهارها منذ تأسيسه لمجلة " آخر ساعة " وكان من المؤسسين الأساسيين لمجلة "روز اليوسف" مع الصحفية الكبيرة فاطمة اليوسف.

التابعي .. الذي عاش ألف عام

كانت حياة التابعي حياة زاخرة بالأحداث والشخصيات فلقد صاحب الملوك والصعاليك وصادق الأمراء والنبلاء، وكان له تلاميذ كثيرون من أبرزهم "محمد حسنين هيكل" ومصطفى وعلي أمين"، وقد بدأ محمد التابعي عام 1924 بكتابة مقالات فنية في جريدة الأهرام تحت توقيع "حندس". كما كتب في بداياته في روز اليوسف بدون توقيع، فقد كان يعمل موظفا في البرلمان المصري، وكادت مقالاته السياسية تحدث أزمة سياسية بين الدستوريين والسعديين. استقال التابعي من وظيفته الحكومية وتفرغ للكتابة في روز اليوسف وكان ثمنها في ذلك الوقت خمسة مليمات مصرية، وتسببت مقالات التابعي السياسية القوية في زيادة توزيعها حتى أصبح ثمنها قرش صاغ.

وقد قال عنه مصطفي أمين: «كانت مقالاته تهز الحكومات وتسقط الوزارات ولا يخاف ولا يتراجع، وكلما سقط على الأرض قام يحمل قلمه ويحارب بنفس القوة ونفس الإصرار".

رسالة التابعي إلى عبد الناصر

لم تكن حياة التابعي كلها في القمة فلقد انقلب حاله تماما أواخر أيامه عانى من ثقل الديون وانحسار الأصدقاء والأحبة من حوله.

فلقد روى محمد الدسوقي سكرتير عميد الأدب العربي طه حسين في كتابه "أيام مع طه حسين"، أن الكاتب الصحفي محمد التابعي، اتصل ب طه حسين في أبريل من العام 1969 ليحدد موعد للقائه، وبعد انتهاء المكالمة سأل طه حسين سكرتيره: "ما الذي يريده الأستاذ محمد التابعي مني؟ إنني لا أذكر أن التقيت به من قبل".

ويؤكد، الدسوقي أن التابعى، جاء في الموعد المحدد بادي على ملامحه الإعياء زائغ النظرات، ولما دخل الدسوقى على طه حسين عقب انصراف التابعي فوجئ به يردد: «أعوذ بالله.. أعوذ بالله»، ويؤكد الدسوقى، أنه آثر الصمت، ولم يسأل عن السبب، واللافت أن طه حسين وقتئذ لم يكن يشغل منصبا تنفيذيا رفيعا، لكن مكانته وقيمته الأدبية كانت عابرة للمناصب.

اتصل بعدها الكاتب طه حسين بالكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، وبحسب محمد الدسوقي فإن طه حسين أخبر هيكل بأن التابعي جاء يشكو من آلام صحية كثيرة، وعليه ديون للأخبار، ويرجو أن تعمل له شيئا، رد هيكل على ما قاله العميد نحو عشر دقائق، كان العميد يردد فى أثنائها: "مش معقول، هذا غلط، يا سلام"، ومع هذا طلب من الأستاذ هيكل أن يعمل ما يقدر عليه.

وقد ذكر سامي شرف سكرتير جمال عبدالناصر، في كتابه "سنوات وأيام مع جمال عبدالناصر" أن التابعي أرسل لعبدالناصر في مارس 1962، رسالة يطلب فيها إسقاط ديونه التي وصلت عشرة ألف جنيه مستحقة للبنوك ومؤسسة أخبار اليوم.

يقول التابعي في رسالته التي نشرها سامي شرف سكرتير عبد الناصر: "حاولت التماس سبل الخلاص لما أنا فيه فلم أوفق وانتهيت إلى أنه ليس أمامي إلا أن ألجأ إليكم لعلكم تجدون لي حلا لدى البنوك وأخبار اليوم.. يجب علي أن أعترف بمسؤوليتي بل بسوء تصرفي فقد كنت مسرفا كل الإسراف في شبابي فلم أقتصد شيئا، ولقد كانت إيراداتي تكفيني وكنت أنفقها كلها، ثم كان ما لم يكن في حسابي فتزوجت في سن متأخرة وورثت ابني وابنتي عني وعن أمهما أمراض الحساسية، ومرضت أنا في عامي 1956 و1657 وأجريت لي عمليات جراحية.. وكان يومئذ أول عهدي بالاستدانة".

ويستكمل قائلا: "لقد تنازلت في عام 1946 عن مجلة "آخر ساعة" بمقتضى عقد بيع جاء فيه أنني تناولت مبلغ ألف جنيه، وهذا غير صحيح لأنني لم أتناول قرشا واحدا واعتقد أن مصطفى وعلي أمين يعترفان بهذا".

ويتابع: "كنت أعتقد في عام 1946 أن حياتي لن تطول، ولكن قدر لي أن أعيش وأن أتزوج وأن تتضاعف نفقات وتكاليف الأمراض التي ابتليت بها أنا وأفراد أسرتي، ومن هنا كانت ديوني التي كنت أؤجلها، ومعظمها تستحق في مارس الحالي.. وصدقني يا سيدي الرئيس أنني أخجل، ولكن الدنيا ضاقت في وجهي فلم أجد أمامي سواكم".

أطلع عبد الناصر على الرسالة، وأمر سامي شرف بالاتصال بالتابعي وإبلاغه بأن كل ما طلبه سيتم تلبيته، وأن كل ديونه ستسدد، وأمر بإذاعة مقال له عبر إذاعة صوت العرب بمقابل مادي 25 جنيه عن المرة الواحدة.

وظلت حياة التابعي في مد وجزر وتقلبات ما بين القمة والقاع حتى وافته المنية في 24 ديسمبر 1976.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2