د. محمود محيى الدين !

الرأى31-12-2023 | 14:59

كان اللقاء لطيفا.. ومرحا، علي الرغم من أهمية المحاضرة، وجدية المحاضر والمنظمين.. والمكان أيضا.

فقد كانت "الروح المصرية" بطبيعتها المحيرة حاضرة بقوة، وحمل اللقاء الكثير من الدلالات، وبعث بالعديد من الرسائل.

بدأت الحكاية بما أعلنه النائب والكاتب الصحفي مصطفي بكري في برنامجه التليفزيوني؛ من أن هناك "شخصية ثقيلة" مرشحة لمنصب رئيس الوزراء !

وبعدها بأسبوع واحد دعا معهد التخطيط القومي – في صالونه الثقافي – د. محمود محيي الدين بصفته أستاذ اقتصاد بجامعة القاهرة ورئيس الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية لإلقاء "محاضرة" حول: الحروب والديون والعملات الصعبة، ولما كان عنوان المحاضرة، هو عنوان لمقال – ضمن سلسلة مقالات أخري – ينشرها د. محمود محيي الدين في جريدة الشرق الأوسط الدولية، فقد فهم البعض أن الموضوع "فيه إن" وأن ما قاله النائب مصطفي بكري قد يكون صحيحا، ومن ثم تأتي المحاضرة في إطار التجهيز والتلميع وعرض الأفكار محتملة التطبيق!

ولذلك كان "اللقاء" حاشدا، لدرجة أن القاعة الكبري بالمعهد لم تسع الحاضرين واضطر البعض لمتابعتها وقوفا بالطرقة أو عبر تطبيق زووم ZOOM.. حيث أنها كانت علي "البث المباشر"!

الغريب أن "الحشد" كان من جميع التيارات الفكرية والسياسية، والفئوية، ومن كل التخصصات، ناهيك عن مزاحمة حوالي عشر قنوات تليفزيونية لتغطية اللقاء وإجراء حوارات خاصة!

وقد بدت مهمة إدارة اللقاء صعبة، ولكن وزير التخطيط السابق د. أشرف العربي مدير المعهد أدارها باقتدار وذكاء، علي الرغم من هذا الزحام والرغبة في "الظهور" والاستعراض من قبل بعض الحاضرين لعل وعسي، وخاصة الأعضاء السابقين في الحزب الوطني المنحل .. من الوزراء ورجال الأعمال!

ولكن "فتي" كفر شكر كما وصفته مقال سابق، كان أذكي من الجميع ولم يلمح أو ينفي أي شيء سوي "استعراض" خبراته المتراكمة طوال السنوات الماضية، بداية من وزارة الاستثمار ثم البنك الدولي والأمم المتحدة، و صندوق النقد ومؤتمر المناخ، فضلاً عن أنه باحث وأستاذ في الاقتصاد، وأحد أفراد أسرة مصرية عريقة لها "باع طويل" في السياسة!

لقد صال وجال د. محمود محيي الدين في موضوع المحاضرة متحدثا عن كافة السياسات الاقتصادية؛ الاستثمارية، والمالية، والنقدية، والصناعية، والتأثير الاقتصادي للحروب، ومشكلة الديون الخارجية وكيفية سدادها، والعملات الدولية (الصعبة) المعبرة عن قوة الدولة وسيطرتها، موضوعات مختلفة ولكنه شرحها وعرضها بأسلوب سهل وبسيط مستخدما "الأفشات" المصرية المرحة!، موزعا التحيات والسلامات للحاضرين وكل أحد بإسمه!

وفيما يتعلق بالحروب وتأثيراتها الاقتصادية أوضح أن أيا كانت نتائج الحرب فالعبرة هنا بالمحصلة الاقتصادية، فقد دخلت بريطانيا العظمي حربين عالميتين، ولكنها خسرت اقتصاديا وانهار الإسترليني كعملة دولية، بينما ظهرت أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية وسيطرت عسكريا واقتصاديا وأصبح الدولار هو العملة الصعبة الأكثر تداولا وبنسبة 60% علي مستوي العالم.

وبالنسبة للديون الخارجية، أشار إلي ضرورة أن تكون خدمة هذه الديون (أقساط وفوائد) من حصيلة التدفقات الخارجية من النقد الأجنبي، كاشفا أن المؤسسات الدولية ومنها البنك الدولي لا يزيد حجم مساهمتها في التمويل علي 100 مليار دولار سنويا، بينما البنك المركزي البرازيلي يقدم أضعاف هذا المبلغ!

وكشف أيضا أن بريطانيا في عز مجدها كانت مدينة – وما زالت – لمصر بمبلغ 400 مليون جنيه أسترليني، وهو ما يعادل حاليا حوالي 22 مليار دولار ، وأن هناك أربعة اتفاقيات تمت لتسوية الموضوع لم ينفذ منها شيء حتي كان الاعتداء الثلاثي عام 1956، ومازال الموضوع معلقا!

وحول منافسة العملات الدولية الأخري للدولار، كشف أنه تعذر إصدار "عملة موحدة" لتحالف دول البريكس الاقتصادي، وأن الدولار ما زال هو "العملة المعيارية" للتبادلات التجارية التي تتم بنظام الصفقات المتكافئة!

وأوضح أن مسألة "الديون الخارجية" ليست مسألة مستعصية علي الحل، وضرب مثلا بدولة اليونان والتي كانت علي وشك الإفلاس منذ 12 عاما، ولكنها الآن في أعلي قائمة دول منظمة التعاون الاقتصادي وتسبق دولة كبري مثل بريطانيا التي تأتي في مؤخرة القائمة!

ولكن هنا لا بد من دراسة مدي اعتماد الدولة علي الخارج، وطريقة اتخاذ القرار الاقتصادي.

وأوضح أن "الوصفة" معروفة ومتفق عليها وهي؛ أهمية التعليم والابتكار، وحرية التجارة، وتشجيع المنافسة، مع منح القطاع الخاص قيادة عمليات التنمية الاقتصادية، أي أن القضية أولا وأخيرا، هي ناتج وإنتاجية واستهداف التضخم، مع انضباط المالية العامة، والأهم هو "الاستدامة" لكي يتحقق "التراكم" عبر الوقت.

ختامًا.. أصبح الآن لدينا "خبيرا" دوليا جديدا، وأعتقد أن المصريين والعرب يعتزوا بتمثيله لهم في المنظمات الدولية الكبرى.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2