أحمد عاطف آدم يكتب: الزوج الدخيل
أحمد عاطف آدم يكتب: الزوج الدخيل
هل تصدق عزيزي القارئ أن هذا العرض جاء علي لسان زوج لزوجته داخل مجتمعنا المتدين فطريًا ، وعلى الرغم أيضا من كل ما هو معروف عن الرجل الشرقي أنه غيور بطبيعته إلي أبعد حد علي زوجته ، للدرجة التي قد تدفعه للضيق الشديد إذا طلقها ثم تزوجها رجل آخر بعده ، ليأتي بعد كل ما سبق اليوم الذي نري فيه زوجًا من نفس هذا الوسط الاجتماعي المحافظ ومن قلب ريف مصر ليعرض مبادلة زوجته مع زوجة رجل آخر .
للأسف الشديد شهدت محكمة الأسرة بشبين الكوم عاصمة محافظة المنوفية وقائع تلك القضية الغريبة ، عندما وقفت " ل م " البالغة من العمر 35 عاما ، والمقيمة بإحدى قرى مركز شبين أمام القضاء ترفع دعوى خلع ضد زوجها " ن ك " البالغ من العمر 40 عاما ، بعد عرضه عليها مبادلتها مع زوجة أحد أصدقائه وطلاقها منه ليتزوجها صديقه ! . وتضيف الزوجة بأنها حاولت عدة مرات أن تقوِّم سلوك زوجها الذي ضبطته في وضع مريب مع زوجة نفس الصديق ، إلا أن الأمر قوبل منه بالرفض القاطع مع التعنيف الشديد ونهرها بسبب سعيها لإثنائه عن فكره الشاذ ، لافتة في الوقت ذاته أن صديق زوجها حاول أكثر من مرة أن يتقرب منها ولكنها كانت تقابل ذلك بالرفض الحاسم ، حتي فوجئت فى أحد الأيام بزوجها يحدثها قائلا : " ما رأيك بأن يتم استبدالك مع زوجة صديقي ، لتدخل الزوجة المسكينة في نوبة بكاء غير مصدقة من هول الصدمة أن زوجها المصون، هو زوج "ديوث"، لتطير بعد ذلك إلي أهلها وتقرر رفع دعوى خلع مسببة بخشيتها ألا تستطيع إقامة حدود الله .
- "ماذا حدث" ؟! .
لدينا أسئلة كثيرة مكبلة بعلامات استفهام كبيرة حول قدرتنا علي التماسك سلوكيا وقيميا ، تلك الأسئلة لها إجابات ولكننا أصبحنا نتغاضي عنها عمدا ، بعدما نزعنا ثوابتنا وقدَّسنا روافد التكنولوجيا بسلبياتها بدلا منها وليس بالعلم ، فأصبح ريفنا بالأقاليم والصعيد ليس هو معجمنا العتيق الذي طالما استمددنا منه مفردات أصالتنا المتجذرة ، بل اختلطت المفاهيم وتبدلت الأحكام ، لنعتبر تطاول الأبناء سرعة رد فعل وذكاء ، وعودتهم منتصف الليل حرية وانطلاق ، لا يهم مع من كانوا وماذا كانت أهداف سهرتهم وأدواتها، حتي مرادف التمدن عند فتيات ريفنا الجميل حادت بوصلتها عن المعني الحقيقي للتطور الاجتماعي والاتصالى للكون ، لتجد أن الكثيرات اقتنعن أن مجرد تملصهن من لكنات بيئاتهن التى نشأن فيها وتبرج بعضهن بما يفوق أهل المدن " الهاي كلاس " أنفسهم ، هو الدليل القاطع علي دورانهن مع فلك التحضر والتنوير .
في النهاية تبقي هناك حقيقة يجب أن يعلمها الجميع ، وهي أن صناعة الرجال ليست بالأمر الهين ، إنها بالفعل تشبه الصناعة عندما تتشكل خاماتها وتصبح معدنا أصيلًا قويًا علي يد صانع ماهر ، لذلك أري أن آباء الزمن الجميل بروحهم القوية وصوتهم المهيب وثقافتهم الحقيقية وذكائهم الفطري المعهود ، يجب أن نعمل علي إعادتهم ليحكموا ويسيطروا من جديد ، وذلك بتأصيل ما تربينا عليه في الأجيال الحالية والقادمة ، حتي لا نري الطفل الخاوي الذي أصبح شابا تافها ثم زوجا دخيلا ديوسا لا تعرفه الرجولة.