دراسة: صعود تيار الإسلام السياسي عامل قوي فى تنامي ظاهرة الإلحاد بالعالم العربي (1من2)

دراسة: صعود تيار الإسلام السياسي عامل قوي فى تنامي ظاهرة الإلحاد بالعالم العربي (1من2)دراسة: صعود تيار الإسلام السياسي عامل قوي فى تنامي ظاهرة الإلحاد بالعالم العربي (1من2)

*سلايد رئيسى18-9-2018 | 19:07

كتبت شيماء حسن
لم تعد ظاهرة الإلحاد من الظواهر المختفية أو المسكوت  عنها داخل مجتمعاتنا العربية فبفضل التحولات السياسية التي عصفت بالمنطقة العربية والتي تبعها رواجاً فكرياً برزت على السطح أصوات من ينكرون وجود الإله، ومما زاد الأمر تعقيداً هو وصول جماعات الإسلام السياسي للسلطة والتي اتخذت من الإسلام شعاراً لها والتي ما لبثت أن تمكث في الحكم إلا قليلا وسرعان ما خرجت الجماهير تطالب بعزلها عن السلطة،ويناقش هذا التقرير اثر انتشار جماعات الإسلام السياسي على تنامي ظاهرة الإلحاد في مصر.
أولا: الإسلام السياسي والإلحاد.... من التطرف إلى التطرف المضاد
يعتبر الإسلام السياسي مصطلح سياسي و إعلامي تم استخدامه لتوصيف حركات تغيير سياسية تصبو إلي تطبيق الشريعة الإسلامية منهجاً حياتياً،وبشكل عام،  ينطلق منظريه من فكرة شمولية الإسلام للحياة العامة والخاصة، وإنكار فكرة الفصل بين الدين والسياسية(عدم الفصل بين الدعوي والسياسي)، وضرورة توافر العمل الشعبي بقياده تنظيمية قوية، والمناداة بضرورة توحيد الأمة الإسلامية ، وضرورة إقامة الخلافة الإسلامية الواجبة شرعاً إلى القيادة من جديد والجهاد في سبيل لله حتى تكون كلمة الله هي العليا.
وعلى الرغم من تعدد وتنوع حركات الإسلام السياسي فمنها ما هو سلمي وما هو عنيف إلا أن واقع هذه الحركات يكشف أنها مهيئة ايدولوجياً و بسهوله لان تنتقل  بسهولة من الطابع السلمي الإصلاحي إلي الطابع الجهادي العنيف حيث يعتبر العنف المقدس مدخلاً للعنف الجسدي.
وعلى جانب آخر، يُعرف الإلحاد في  اللغة بأنه " الميل عن القصد، والعدول عن الشيء"  ومصدره لَحَدَ ، والمقصود به "كل من مال عن القصد والحقّ"،وأما الإلحاد اصطلاحاً هو " مذهب فكري ينفي وجود خالق الكون، واشتقت التسمية من اللغة الإغريقية (أثيوس atheos ) وتعني بدون إله"، وبشكل عام، فإن ظاهرة الإلحاد مصطلح فكري وفلسفي يتمركز حول فكرة إنكار وجود خالق أعظم أو أية قوة إلهية بمفهوم الديانات السائدة وبمعنى أخر فهو إنكار وجود الله لعدم توافر الأدلة على وجودة فمنطق الإلحاد هو إن ما لم تثبته التجربة العلمية يكون خطئاً وتافهاً ومنقوصاً فهم لا يؤمنون إلا بالعلم وبالمنهج العلمي.
وتجدر الإشارة إلى أن الملحدين أنواع فمنهم الربوي وهو الذي يؤمن بأن الإله قد خلق الكون، ولكنه ينكر أن يكون قد تواصل مع البشر عن طريق الديانات، اللاأدري وهو الذي يؤمن بأن قضايا الإلوهية والغيب لا يمكن إثباتها وإقامة الحجة عليها كما لا يمكن نفيها، باعتبارها فوق قدرة العقل على الإدراك، و المتشكك وهو الذي يرى أن براهين الألوهية لا تكفي لإقناعه، وفي نفس الوقت لا يمكن تجاهلها.
إذن،نحن أمام ظاهرتين متضادتان فمن جهة يؤمن الإسلاميون بوجود الله الواحد و يتمسكون بالدين الإسلامي كعقيدة وكمنهاج للحياة ، وعلى النقيض، يأتي الإلحاديون بعقيدة إنكار فكرة الدين وإنكار فكرة وجود اله لهذا الكون ، ويطرح هذا الوضع تساؤلاً مفاده كيف أثرت انتشار جماعات الإسلام السياسي على تنامي ظاهرة الإلحاد؟خاصة في ظل وجود تضارب ملحوظ حول أعداد ونسبة والملحدون في العالم العربي.
ثانياً: ظاهرة الإلحاد بعد ثورة 25 يناير2011
مما لاشك فيه، أن انفتاح المناخ السياسي والإعلامي بعد ثورة 25 يناير 2011 كان له اكبر الأثر في تصاعد ظاهرة الإلحاد حيث استغل هؤلاء الملحدون مطالبة الشعب بالحرية ليعبروا أكثر عن معتقداتهم واتجاهاتهم الإلحادية فبحسب احد الملحدين "فإنهم في حالة إنكار"، ويعبر أخر عن فضل ثورة 25يناير بأنها " نعمة ونقمة للملحدين، لكنها منحتنا مساحة أكبر للتحدث بعقلانية أكثر".
وفي الواقع، وفرت وسائل التواصل الإعلامي "الفيس بوك و توتيتر " ساحات إعلامية واسعة للملحدين من كل الأطياف والجنسيات لفتح الحوارات والنقاشات حول أفكارهم حيث أظهرت بعض  الدراسات أن الإلحاد – في السنوات الأربع الماضية –شهد نشاطا كبيرا ،وتعتبر صفحة "الملحدين المصريين" و"ملحدون بلا حدود" و"جماعة الإخوان الملحدون" و"مجموعة اللا دينيين" و"ملحدون ضد الأديان"، و"ملحد وأفتخر" و"ملحد مصري"، و"أنا ملحد"من ابرز الصفحات التي تعبر عن الملحدون المصريون.
 رابعاً:جماعة الإخوان المسلمون... وظاهرة الإلحاد
وعلى الرغم من رفع جماعة الإخوان المسلمون شعار "الإسلام هو الحل" ليعبر عن توجهات الجامعة الإسلامية، إلا أن الواقع اثبت عكس ذلك فلم تشهد فترة حكم الجماعة إلا مزيدا من الإخفاقات وهو الوضع الذي أعطى فرصة إلى الملحدين وضعاف الإيمان بان الدين الإسلامي هو الذي فشل وليس أشخاص وقيادات الجماعة هي التي فشلت في إدارة دولة بحجم مصر.
ولقد استغلت جماعات الإسلام السياسي فترة حكم الجماعة لنشر معتقداتها وأفكارها المغلوطة وهو ما أتاح الفرصة للملحدين ليجاهروا بإلحادهم علناً للترويج لفكرة أن الأديان السماوية ما هي إلا تراث ويجب التخلص منها لتحقيق التقدم والنهضة.
وعلى أية حال، ترجع انتشار ظاهرة الإلحاد- بحسب دار الإفتاء المصرية- لعدة أسباب منها:
• انتهاج جماعات الإسلام السياسي الخطاب الديني المتشدد الذي تصدره التيارات الإسلامية المتزمتة .
• تمسك  تلك الجماعات بالأمور الشكلية التي قد تبعد الناس عن الدين.
• دعوة الجماعات التكفيرية من خلال فهم مختل للولاء والبراء وكراهية الآخر لمجرد المخالفة في الديانة.
وفي الواقع، فلقد صاحب انتشار جماعات الإسلام السياسي في مصر والمنطقة العربية زيادة أيضا في نسبة الإلحاد حيث أدى تغلغل "الإسلام السياسي" في الحياة الخاصة والعامة لردة فعل ضد الدين كما رسخ سلوك تلك الجماعات صورة وحشية قاتمة للدين و صدر مفهومًا مشوهًا لتعاليم الإسلام، مما نفَّر عددًا من الشباب من الإسلام ودفعهم للإلحاد، وطبقاً لدراسة مركز "ريد سي" التابع لمعهد "جلوبال" الامريكي، أن مصر هي الأعلى عربيا في نسب الإلحاد، حيث بلغ عدد الملحدين 866 ملحدا، وفي ليبيا ليس 34 ملحدا، أما السودان 70 ملحدا فقط، واليمن 32 ملحدا، وفي تونس 320 ملحدا وفي سوريا 56 ملحدا وفي العراق 242 ملحدا.
ختاماً، فان  الفكر المتطرف لابد من مواجهته فواقع منطقتنا العربية والإسلامية يفرض علينا أن نتشبث بأصول ديننا الحنيف وان نتمسك بمنهج الإسلام الوسطي المعتدل الذي يمثله الأزهر الشريف في مواجهة الإلحاد والمتطرفين الإسلاميين .
أضف تعليق