عاطف عبد الغنى يكتب: تفكيك الفكر الإرهابى.. مرسى خليفة المسلمين (2 من 2)

عاطف عبد الغنى يكتب: تفكيك الفكر الإرهابى.. مرسى خليفة المسلمين (2 من 2)عاطف عبد الغنى يكتب: تفكيك الفكر الإرهابى.. مرسى خليفة المسلمين (2 من 2)

*سلايد رئيسى21-9-2018 | 15:22

لو قامت اليوم الخلافة الإسلامية كما يسعى لها جماعة الإخوان ومن يلف لفهم.. ترى من يتولى الحكم فيصير خليفة للمسلمين؟! هل تحب أن أقترح عليك أسماء؟.. رجب طيب أردوغان مثلاً؟! تميم بن حمد؟! أم محمد مرسى؟!

الإجابة لا أحد فيهم يستوفى الشروط التى تؤهله لبلوغ أو ادعاء هذا اللقب، لأن من هذه الشروط أن يكون الخليفة قرشيًا، أى ينتمى لقبيلة قريش، ومازال هذا الشرط موجودا فى الجماعات، والتنظيمات التى تعمل على إحياء دولة الخلافة، وغير الإخوان، على سبيل المثال فى دستور «حزب التحرير» وهو تنظيم منتشر فى عدد من دول العالم، أسسه فلسطينى يدعى تقى الدين النبهانى عام 1953 الذى نصَّب نفسه أميرًا للمؤمنين، أما أميره الحالى فيدعى عطا أبو الرشتة، ومن هذا التنظيم جاء صالح سرية ومجموعته التى خططت لانقلاب مسلح ضد الدولة المصرية، واغتيال الرئيس السادات، أوائل السبعينيات، فيما اشتُهر بقضية «الفنية العسكرية».

وقد ظهرت أعلام هذا الحزب فى ميدان التحرير خلال الأيام والشهور الأولى لثورة يناير 2011، وفى فلسطين موطنه الأصلى، أصبحت أفكار الحزب – كما يشاع – الأكثر شعبية بعد صراع فتح وحماس على السلطة ، وبات يهدد الحركة الوطنية الفلسطينية ويكاد يكتب نهايتها.

(1)

لا أحد – ولا حتى كاتب هذه السطور – يكره أن يجتمع المسلمون فى أمة واحدة قوية تواجه القوى الكبرى فى العالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية، أو الاتحاد الروسى، أو حتى يتكتلوا فيما يتفقوا عليه من نشاطات إنسانية تخدم الشعوب، مثل الاتحاد الأوروبى وقد وصل إلى صيغته الحالية بالاتفاق والتراضى بين الدول المنضمة له، وليس بالجبر والقوة، وقد اختار أعضاء الاتحاد المجالات التى تسمح بها ظروف واختيارات كل دولة تنفيذا لإرادة شعبها، ولم تتدخل القوة والغزو وهدم البلدان وتشريد أهلها، لتأسيس كيان سياسى تحت غطاء دينى، تنفيذا لنظرية أو فكرة متوارثة، عمرها أكثر من 14 قرنا، أحياها على مستوى التنظير، حديثا الهندى الباكستانى أبو الأعلى المودودى، وعمل من بعده حسن البنا على تحويلها إلى واقع، بالجبر والقوة الغاشمة، وامتد السلسال إلى زعيم القاعدة الحالى أيمن الظواهرى، وخليفة داعش أبو بكر البغدادى.

(2)

لقد أسس رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمة إسلامية، ولم يشأ وهو من هو، أن يضع نظامًا سياسيًّا لدولة الإسلام وهناك فرق كبير بين الأمة والدولة، فلما توفاه الله أطلق المسلمون على أبى بكر رضى الله عنه لقب خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يطلق اللقب على عمر رضى الله عنهما، حتى لا يطول المسمى (خليفة خليفة رسول الله) ومع عمر أمير المؤمنين بدأ ما يمكن أن نسميه عهد الدولة التى أخذت الشكل والطابع  المؤسساتي، وقد نقل المسلمون جلَّ نظامها من دولٌ وحضارات أجنبية، منها ما لم تكن تعرف دينًا سماويًا مثل فارس، ومنها أيضا الإمبراطورية الرومانية النصرانية (الروم).

وبعد انتهاء الخلافة الراشدة بإعلان الدولة الأموية41 هـ (662 م)، كان العرب قد تأثروا بثقافات الشعوب التى دخلت فى الإسلام، ونقلوا عنهم، مثل الفرس الساسانيين (إيران)، والروم البيزنطيين، وفى ميراث الروم الثقافى، أن الحاكم (الإمبراطور) شخص يجسد الإرادة الإلهية، وعلى الرعية ألا تعصى هذه الإرادة، أما الفرس فلهم معتقدات أسطورية تعود إلى ديانتهم السابقة على الإسلام وهى الديانة المانوية  تقول بفكرة الإمام (الحاكم) الذى يملك السلطتين الدينية والدنيوية، ولما نازع معاوية بن أبى سفيان على بن أبى طالب رضى الله عنه، الحكم وانتزعه منه بالجبر والخديعة، تكونت المعارضة الشيعية (شيعة الإمام على رضى الله عنه) وتطعمت هذه المعارضة بالعنصر الفارسى حين تزوج الحسين بن على رضى الله عنه، الأميرة الفارسية شهر بانو شاه بنت يزدجرد بن أنوشروان، ابنة آخر أكاسرة الفرس، ومع إحساسهم (الشيعة) العميق بالهزيمة والخسارة، لجأوا إلى فكرة الإمام (الحاكم) وجعلوا لهم حاكما فى الظل، يملك عليهم السلطتين الدينية والدنيوية، حتى وهو غير معترف به، وكان هذا الحاكم مقابل الخليفة (حاكم المسلمين السنة)، وظلت الإمامة متوارثة عند الشيعة الأوائل فى فرع من نسل الإمام على، حتى وصلوا إلى 12 إماما، قبل أن تنقطع السلسلة بدخول آخرهم (الإمام الثانى عشر) السرداب، واختفائه، والمعنى مما سبق أن الشيعة أيضا يؤمنون بدولة الخلافة (الإمامية) وينتظرون إلى اليوم خروج خليفتهم (المهدى المنتظر) المختفى منذ أكثر من 1100 عاما فى السرداب.

(3)

وبعد سقوط الخلافة العباسية بسنوات جاء الأتراك العثمانيون وغزوا البلاد الإسلامية وحكموها بالحديد والنار حتى سقطت دولتهم مع بدايات القرن العشرين، لكن فكرة أن يتحد المسلمون فى كيان سياسى تحت غطاء دينى حتى ولو كان فارغًا من قيم وأخلاقيات الإسلام تجددت مع حسن البنا فاعتنقها وراح يروج لها فى إطار دعاوى إصلاحية دينية، وتبعه فى ذلك كل من خرج من عباءة الجماعة، وقد آمنوا أن شكل دولة الخلافة، أيًّا ما يكون هو الوحيد المعتمد دينيًا للحكم الإسلامى، ويتوجب إقامته، ولو بالقتال (الجهاد)، لأجل ذلك ظهر التنظيم السرى المسلح للإخوان، وشرع ينفذ عمليات القتل، والاغتيال، وانتشرت جماعات العنف والقتل والدم، حتى وصلنا إلى الحال التى نحن عليها اليوم.

(4)

لقد تصدى - من قبل - علماء مسلمون أجلاء لنظرية الإمامة، من المنظور الدينى، فنفى العلاّمة أبو حامد الغزالى أن تكون من المعتقدات، مؤكدا: «أصول الإيمان ثلاثة: الإيمان بالله وبرسله واليوم الآخر، وما عداها فروع، والخطأ فى أصل الإمامة وتعيينها وشروطها وما يتعلق بها لا يوجب شيئًا من التكفير»  (فصل التفرقة بين الإسلام والزندقة)، وقال أبو حفص بن عمير فى مؤلفه (عقيدة التوحيد): «إن الإمامة مستخرجة من الرأى وليست مستخرجة من الكتاب والسُنّة»، وقال الجرجاوى فى (شرح المواقف): « إن الخلافة ليست من أصول الديانات والعقائد»، وابن تيمية المرجع السلفى الشهير، يوضح فى (منهاج السنة): «الإمامة ليست من أركان الإسلام الخمسة، أو من أركان الإيمان الستة (وهى الإيمان بالله والملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقدر) أو من أركان الإحسان التى هى أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.»

والخلاصة أن «الخلافة» مجرد نظام دنيوى من أنظمة الحكم، وليس نظاما إلهيًّا ثابتًا، وهو ليس النظام الوحيد، ويجوز الاجتهاد بشأنه، ويقى سؤال أخير: هل إقامة دولة تتسم بالصفات والقيم الإسلامية - التى هى أرحب وأعلى وأعظم قيم عرفها التاريخ ـ يجب أن نسميها دولة الخلافة؟!

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2