أيمن الغندور يكتب: حرية الصحافة والإعلام.. وحرية المجتمع والحفاظ عليه

أيمن الغندور يكتب: حرية الصحافة والإعلام.. وحرية المجتمع والحفاظ عليهأيمن الغندور يكتب: حرية الصحافة والإعلام.. وحرية المجتمع والحفاظ عليه                  

* عاجل22-9-2018 | 17:58

حرية الصحافة والإعلام كسائر الحريات ليست مطلقة ، فهى مقيدة بمجموعة من الضوابط اللازمة لحماية كيان المجتمع وأمنه واستقراره وصيانة حقوق الأفراد . ومن أجل الموازنة بين حرية الصحافة والإعلام وحماية حريات وحقوق الأفراد والحفاظ على الأمن القومى للدولة ، أوردت الوثائق الدولية التى تقرر حرية الصحافة والإعلام بعض القيود على ممارسة هذه الحرية  في نص المادة (29) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والفقرة الثالثة من المادة (19) للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وهو في مجموعها تحمي حقوق وسمعة الآخرين، والأمن القومي أو النظام العام أو الصحة والأخلاق العامة، وتعد حماية هذه الأغراض قيودا مشروعة على حرية الصحافة . حيث نصت على أنه " تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية : (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، (ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة." وكذلك الفقرة (2) من المادة (10) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان نصت على " يجوز إخضاع ممارسة هذه الحريات التي تتطلب واجبات ومسؤوليات لبعض الشكليات آو الشروط آو التقيدات آو المخالفات التي يحددها القانون والتي تعد في مجتمع ديمقراطي تدابير ضرورية لحفظ سلامة الوطن واراضيه، والامن العام وحماية النظام ومنع الجريمة وحماية الصحة والأخلاق وحماية الآخرين وسمعتهم وذلك لمنع إفشاء المعلومات السرية أو لضمان سلطة الهيئة القضائية ونزاهتها ".
كذلك أنشأ الدستور بمقتضى المادة 211 من الدستور( المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ) ؛ ليختص بتنظيم شئون الإعلام المسموع والمرئى، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية، وغيرها. ويكون المجلس مسئولاً عن ضمان و حماية حرية الصحافة والإعلام المقررة بالدستور، والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها، ومنع الممارسات الاحتكارية، ومراقبة سلامة مصادر تمويل المؤسسات الصحفية والإعلامية، ووضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها، ومقتضيات الأمن القومى . وقد صدر القانون رقم 180 لسنة 2018 بإصدار قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى للإعلام متضمنا النصوص المتعلقة بالمجلس فى الباب الخامس منه المواد من 68 حتى 96. ومن أجل مراعاة هذه الضوابط ألزمت المادة (4) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام الصادر بالقانون رقم 180 لسنة 2018 الصحفية أو الوسيلة الإعلامية أو الموقع الإلكترونى بعدم نشر أو بث أى مادة أو إعلان يتعارض محتواه مع أحكام الدستور ، أوتدعو إلى مخالفة القانون ، أو تخالف الالتزامات الواردة فى ميثاق الشرف المهنى ، أو تخالف النظام العام والآداب العامة، أو يحض على التمييز أو العنف أو العنصرية أو الكراهية أو التعصب.
 وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا فى أحكام عديدة على أن حرية الصحافة والإعلام ليست مطلقة ، وإنما هى مقيدة بضوابط لممارسة هذه الحرية ، على نحو لا يضر بحقوق الأفراد أو يمس الأمن القومى . فقضت بأن : " وحيث إنه لما كانت حرية التعبير عن الرأي لا يقتصر أثرها على صاحب الرأي وحده، بل يتعداه إلى غيره وإلى المجتمع، ومن ثم لم يطلق الدستور هذه الحرية، وإنما أباح للمشرع تنظيمها بوضع القواعد والضوابط التي تبين كيفية ممارسة الحرية بما يكفل صونها في إطارها المشروع دون أن تجاوزه إلى الإضرار بالغير أو بالمجتمع." وقضت أيضاً بأن : " .....، كما أكد الدستور بنص المادتين 207 و208 - المضافتين إليه ضمن مواد أخرى نتيجة الاستفتاء على تعديله سنة 1980- مبدأ حرية الصحافة واستقلالها في مباشرة رسالتها محددا لها أطرها التي يلزم الاهتداء بها، وبما لا يجاوز تخومها، أو ينحرف عن مقتضياتها فاستلزم أن تؤدي الصحافة رسالتها في خدمة المجتمع، تعبيرا عن اتجاهات الرأي العام وإسهاما في تكوينه وتوجيهه، في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام الحياة الخاصة للمواطنين ...."
كما قررت محكمة النقض أن هناك ضوابط يجب مراعاتها  لممارسة حرية الصحافة والإعلام ، فهى هى مقيدة بالحفاظ على حريات الآخرين ، حيث قضت بأن " المادة 14 من الدستور وإن كفلت حرية الرأي والاعتقاد إلا أنها عقبت على ذلك بأن الإعراب عن الفكر بالقول أو الكتابة ... يكون فى حدود القانون ذلك لأن حرية الإعراب عن الفكر شأنها كشأن ممارسة سائر الحريات لا يمكن قيامها بالنسبة إلى جميع الأفراد إلا فى حدود احترام كل منهم لحريات غيره ." وقضت فى المعنى ذاته بأن " حرية الرأى والفكر من النعم التى أنعم الله بها على الإنسان وبها امتاز على كثير من المخلوقات ، وهذه الحرية هى المدخل الحقيقى لممارسة الكثير من الحريات والحقوق العامة الفكرية والثقافية وغيرها كحق النقد والبحث التاريخى ، وأنه وقد كفل الدستور هذه الحرية إلا أنها ليست حرية مطلقة ذلك أنه قيدها بأن تكون فى حدود القانون أى فى حدود احترام حريات الآخرين وهى قيود تستلزمها الوقاية من سطوة الأقلام التى تتخذ من الصحف أداة للمساس بالحريات أو النيل من كرامة الشرفاء لأن هذه الحرية لا يمكن قيامها بالنسبة لجميع الأفراد إلا فى حدود احترام كل منهم لحريات غيره ."
أضف تعليق