أمل إبراهيم تكتب: 37 شارع البستان

أمل إبراهيم تكتب: 37 شارع البستانأمل إبراهيم تكتب: 37 شارع البستان

* عاجل23-9-2018 | 15:29

احيانا يسعدك الحظ أن تجلس مع شخص جديد تقابله لأول مرة ولكنك تشعر أنه يشبه اصدقاءك المقربون أو جيرانك الذين تربطك بهم عشرة طويلة  يمكنك أن تتحدث معه بكل بساطة وتلقائية وتستمع بالحوار وخاصة عندما يعرف كيف يجيد الحكى ويمسك بأطراف حكايته،، غالبا الجميع لديه تفاصيل حياة وتجارب مختلفة ولكن نادرون هم أصحاب الحكايات ومن يملكون قصة تبدأ بعبارة تقول "فجأة تغيرت الحياة من حولى ،فى لحظة قد تبدو بعض الأفكار بعيدة عن خيالنا ولكنها فى الحقيقة تكون لدى الباب تنتظر القبول ،،

اليوم تناولت الغداء انا وأبنتى فى أحد المطاعم الصغيرة الأنيقة فى شارع البستان وسط البلد ،والمكان يعرف من بابه ، عنوان القصيدة كما يقولون  ، تلك الأبواب القديمة التى تقع فى غرامها من أول وهلة لأنها تذكرك  ببيت جدتك و أفلام الأبيض والأسود ضلفتين قديمتين لم تشوههما محاولات تجديد ولكنهما على حالهما  مثل عجوزان  يتجاوران   ،أستدعاء الماضى حاضر بقوة فى المكان الصغير وكأنك تدخل بيت جدتك  لتناول الطعام وتسلم على أهل الدار ، لا أعرف لماذا أصبحت الأماكن الجديدة والكافيهات الفخمة  تثير مشاعر الغربة وهناك ميل محبب لكل ماهو قديم وكأننا نحاول التشبث بالماضى ولو للحظات ، مكان  حرصت صاحبته على أن تنقل روح الألفة والحميمية لكل ضيوفها القادمين لتناول وجبة من السمك .

السيدة" رندا الشاطر" صاحبة المكان مصرية لبقة جميلة تستقبل الزبائن وكأنهم فى زيارة إلى منزلها ولديها عبارة لطيفة تقول" تعالى فى أى وقت ليس المهم أن تأكل ولكن مر لنتحدث ونحن الآن اصدقاء "

الحقيقة أننى عرفت العنوان عن طريق أحدى صديقاتي التى لفت نظرها موقع مطعم للأسماك صغير مبهج بألوانه و ديكوراته وشباك واسع تحبط به الزهور حتى أن المارة فى الشارع يقفون فقط لالتقاط  الصور بجواره .

تحكى السيدة رندا عن تجربتها وتقول أنها كانت ربة بيت عادية وتحب الطهى ولديها مهارة خاصة فى طرق تقديم المأكولات البحرية وأن المطعم كان فى البداية مكان خرب لا ملامح له وأن زوجها ألقى إليها مفاجأة أنها المسؤولة عن هذا المكان بكل معنى الكلمة وفى البداية شعرت بالحماس مع الخوف من أين تبدأ ؟

كانت تقف وسط العمال وتشرف عليهم ولكن لا أحد منهم أستطاع أن يفهم الصورة  التى فى خيالها ، كيف يكون الشكل النهائى الذى تصورته هى ،فكان لابد أن تقوم هى بتصميم وتنفيذ كل تفاصيل المكان وتذهب للأسواق وتبحث بنفسها عن أجزاء الخشب التى اكتشفت أنها تعشقه وأن ألوانه الطبيعية وثمراته البادية تنقل أحساس الجمال ، بعض الأجزاء كانت تقوم  بطلاءها بنفسها   وحرصت فى كل خطوة  على اللمسة المصرية القديمة التى تقول أنها تتناسب مع موقع المطعم الصغير فى شارع البستان وأحدشوارع وسط البلد التى تمثل جزء مهم جدا فى حياتها كما هى بالنسبة لأغلبنا فأنا لا أتخيل أن تسير فى وسط البلد دون أن تقع فى عشق أماكنها وشوارعها ومحلاتها  ..الكتابة هنا ليست نوع من الدعاية لمطعم أسماك ولكنها نقل لتجربة واقعية لسيدة مصرية قضت حياتها فى البيت ولكن فجأة أصبحت صاحبة مشروع تديره وحدها وقادرة على صنع نموذج ناجح ومشرف .

أضف تعليق

خلخلة الشعوب و تفكيك الدول

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2