آلاف الشباب من عالمنا الإسلامي لا يعلمون شيئا عن العالم الأندلسي أبو قاسم الزهراوي، بينما ذاكرتهم مكتظة بمعلومات عن ألبرت أينشتاين عالم الفيزياء الألماني، وألسنتهم تتشدق عجبا بأديسون مخترع المصباح الكهربائي، وأدوات الزهراوي التشريحية موثقة ومعروفة لدي أطباء أوروبا باسم « الزهراوية في الجراحة ».
ولد الزهراوي في دولة الأندلس، وتوفي قبل ألف عام، وعلمه أبيه ابن عباس في صباه مهنته النقوش الخشبية، ووقت بلوغه عمر العشرين عاما طلب من أبيه ت علم الطب علي يد صديقه الطبيب عيسي بن إسحاق، وكان سبب إصراره علي ت علم الطب موت جارته أمام عينيه وهي تضع وليدها.
وقال لأبيه ناصحا إن علم الطب حياة الأبدان أما حرفة النقش لا ترقي كونها زينة علي الجدران، وطلب الطبيب عيسي الشاب زهراوي التجول في « البيمارستان » أو المستشفي، وتفقد أحوال المرضي، ويستمع لآلامهم، فقد يعدل عن رأيه، ولكن أنين المرضي زاده إصرارا علي مواصلة مشواره في دراسة الطب.
وتعلم علي يد أطباء بيمارستان قرطبة، ودرس المعارف الطبية ، ودرس الكيمياء بشكل عملي وتأثير الأعشاب في الشفاء، وتناول بالبحث والمعرفة جالينوس و أبقراط و ابن سينا و الرازي ، وأجري تجارب الدواء علي الحيوان قبل استخدامه في علاج الإنسان.
ووضع مصطلحات مشهورة في علم الطب ، ومن أفضل كتب « الزهراوي » موسوعته الطبية الخالدة «التصريف لمن عجز عن التأليف»، ويعترف الفيلسوف الكبير ابن حزم الأندلسي بعبقرية الزهراوي الطبية، برغم أن ابن حزم عاصره وهو شيخ كبير.
ولابد أن يعرف شباب عالمنا الإسلامي أن الزهراوي أول من استحدث رسوم الأعضاء والهيكل العظمي في مؤلفاته، وأول من رسم بالشرح الآلات الطبية، ووضح طريقة استخدامها، واهتم بعلم التشريح، ومهدت أبحاثه لفتح كبير في علم الجراحة، وخلافا عن كل ما سبق يعد أول طبيب مسلم تكلم عن زراعة الأسنان قبل ألف عام، وتناول علم طب الأسنان بصورة موسعة، وطرح إمكانية صناعة أسنان من عظام البقر وتركيبها.
وهل يعلم شبابنا أن العالم الأندلسي الزهراوي أجري عمليات جراحية ناجحة للحمية الأنف واللوز، وأزال أورام مختلفة بالحنجرة، وعالج السرطان ، و الزهراوي لا يختلف عن باقي أقرانه من علماء الطب بالدولة الإسلامية بالمعرفة والإبداع في علوم الفكر والأدب المشهود لهم والفلسفة، ولذا ينطبق عليه الوصف القديم للطبيب بالحكيم.