نظرية فرض الأمن بالقوة عقيدة إسرائيلية متجذرة، ولعل مقتل القيادي الفلسطيني البارز "صالح العاروري" نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في لبنان ينذر بتطور خطير لحرب الإبادة الوحشية في غزة.
نتنياهو يخوض معركة صفرية إما النجاة من المصير المشئوم والتساؤلات الصعبة بعد نهاية الحرب أو السجن على خلفية الفشل في معركة طوفان الأقصى، فضلا عن قضايا الفساد، ولعل انتهاج سياسة الهاوية هي المخرج الوحيد لإطالة أمد الحرب، وأيضا فتح جبهات أخرى قد تكون المخرج سواء مع حزب الله أو إيران.
الحقيقة أن حرب الاغتيالات التي بدأتها إسرائيل باغتيال نائب رئيس حركة حماس ستفجر الأوضاع، لاسيما مع حزب الله، الذي سوف يسعى لرد اعتباره من خلال هجمات متوقعة، فضلا عن تسخين جبهة الحوثيين أكثر، فقد فتحت أبواب الجحيم، لاسيما مع ما كشفته هيئة البث الإسرائيلية عن أبرز أسماء قادة حماس الذين تم وضعهم على قائمة الاغتيالات بعد تصفية صالح العاروري ، أمثال إسماعيل هنية، وخالد مشعل، وموسى أبو مرزوق، ويحيي السنوار، ومحمد دياب المصري، وأبو خالد والمُلقب بالضيف، ومروان عيسى، وعزالدين حداد، وغيرهم الكثير.
قادة الكيان المحتل لم يتعلموا من دروس الماضي، فقد اغتالوا العديد من رموز المقاومة الفلسطينية وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس، ومع ذلك لم تنطفئ جذوة النضال الوطني، وسبق وأن جربوا نفس السلاح الجبان ضد "جماعة أيلول الأسود" الفلسطينية في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، وغيرها من حركات المقاومة الفلسطينية، بما فيها حركة فتح.
فلم يجربوا يوما معنى الاستشهاد دفاعا عن الأوطان فهم سارقو تاريخ وجغرافيا.
وما فعله الاستعمار البريطاني في المحروسة، والمليون شهيد في الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي، وأذيال الخيبة لحليفتها أمريكا في فيتنام، وصولا إلى بريطانيا وتجربتها مع "الشين فين" في إيرلندا،ونظام "الأبارتايد" في جنوب إفريقيا وانتهاج سياسة الفصل العنصري، كلها تجارب أثبتت أن الأشخاص زائلون والأوطان هي الباقية.
فليس بالاغتيالات والأسوار الحديدية تعيش إسرائيل في أمان، فقد انهارت الأسوار الحديدية في دقائق بعد أن زعموا أنها منظومة ذكية صعبة الاختراق، كما انهار من قبلها خط بارليف الحصين، الذي زعموا أنه يحتاج إلى قنبلة ذرية.
الحماقات متجذرة في عقلية قادة الكيان المحتل، وبعد أن كانت هناك مفاوضات لترتيب هدنة جديدة من أجل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين ومبادلتهم بأسرى فلسطينيين، توقفت عجلة المفاوضات وانسحبت الأطراف الراعية لها بسبب الحماقات الإسرائيلية.
أوهام القوة تسيطر على عقلية قادة الكيان المحتل ولا يفهمون أنهم محتلون أرضا ليست لهم، ويساعدهم في ذلك الغرب" المتواطئ "بالدعم اقتصاديا وعسكريا وسياسيا، فهم فوق الشرعية، كما أن القوانين الدولية محرمة عليهم .
أعتقد أن الأيام القادمة مليئة بالمفاجآت الساخنة على مسرح الأحداث في حرب غزة، والاحتمالات مفتوحة على مصراعيها أمام المزيد من بحور الدماء.