أطول مسار ديني في العالم ينتظر " الفرما ودير المحرق "

أطول مسار ديني في العالم ينتظر " الفرما ودير المحرق "دير المحرق

تُعد المسارات الدينية واحدة من نقاط الجذب السياحي نظرًا لما تتضمنه زيارتها من مُتعة روحية وبصرية ونفسية، حيث السير لمسافات طويلة بين المواقع المُقدسة والطبيعة الساحرة، ويوجد في العالم العديد من المسارات الدينية التي يزورها الملايين ومنها علي سبيل المثال طريق «بيمونت» في فرنسا والذي يبلغ طوله 92 ميلاً .

ويربط بين مدينتي «سان جان بييه» و «لورد»، حيث كانت تسكن القديسة «برناديت سوبيروس» التي يُقال إن السيدة العذراء ظهرت لها 18 مرة، وأيضًا «قمة آدم» في سريلانكا ويبلغ ارتفاعها 7360 قدمًا ويُقال إن بها آثار قدم نبي الله «آدم».

ورغم أهمية المسارات السابق ذكرها إلا أنها لا تصل لأهمية المسارات التي تضمها أرض مصر والتي إما ذُكرت في التوراة مثل مسار خروج « بني إسرائيل من مصر» أو كتابات الرهبان مثل مسار رحلة العائلة المقدسة، والذي يُعد من أهم المسارات الدينية علي أرض مصر والعالم أيضًا، لهذا فقد بدأت مصر منذ سنوات في رفع كفاءة وتطوير وترميم نقاط هذا المسار المهم لقرابة الـ 2 مليار شخص علي مستوي العالم، وقد تم خلال الأعوام الثلاثة الماضية افتتاح عدد من نقاط المسار ولم يتبق سوي نقطتان هما «الفرما» بالقرب من مدينة بورسعيد و دير المحرق بمحافظة أسيوط الجاري العمل فيهما حاليًا.

ويبلغ طول مسار رحلة العائلة المقدسة في مصر 3500 كم، مقسمة إلي 25 نقطة في ثماني محافظات وهي شمال سيناء والشرقية والغربية وكفر الشيخ والبحيرة والقاهرة والمنيا وأسيوط، وقد شملت المرحلة الأولي من تطوير المسار كنيسة «أبي سرجة» بمصر القديمة والتي تم افتتاحها عام 2017 بعد الانتهاء من ترميمها هي والمغارة التي مكثت فيها العائلة المقدسة.

وأيضًا كنيسة السيدة العذراء بالمعادي وأديرة وادي النطرون الأربعة التي تم افتتاحها عام 2022 حيث بدأت أعمال ترميم وتطوير المنطقة عام 2016 بعد السيول العنيفة التي سقطت هناك عام 2015، ففي دير «الأنبا مقار» تم عمل ترميم لعدد من كنائس الدير أما في دير الأنبا بيشوي فتم ترميم القلالي الأثرية الملاصقة للسور إلي جانب الطاحونة الأثرية، كما تم ترميم الجزء الشرقي من السور الأثري لدير «البراموس» وكنائس «العذراء» و «الأربعين» بدير «السريان» إلي جانب قلالي الرهبان الملاصقة لسور الدير الشمالي، وشملت المرحلة الأولي أيضًا ترميم أديرة «جبل الطير» بمحافظة المنيا و«المحّرق» بأسيوط والجاري الانتهاء من أعمال رفع كفاءة المنطقة المحيطة به.

أما المرحلة الثانية فتضمنت منطقة «تل بسطا» التي تم افتتاحها عام 2021، وتضمنت أعمال التطوير بها إقامة برجولات سياحية ودورات مياه ووضع لافتات إرشادية وتطوير المسار السياحي للبئر الأثري التي فجرها السيد المسيح هناك، أما في سمنود فقد تم ترميم كنيسة السيدة العذراء والشهيد أبانوب وشملت التنظيف الميكانيكي للواجهة وترميم القباب وبرجي الأجراس وإزالة الإشغالات أمامها، إلي جانب تطوير المنطقة المحيطة مثل تبليط الأرضيات ودهان المحلات بألوان ملائمة وتوسعة ميدان «البدراوي» وإقامة نافورة به، كذلك ترميم وتطوير منطقة «شجرة مريم» بالمطرية في القاهرة والتي تم افتتاحها عام 2022 بعد أن تم وضع لوحات إرشادية وإعداد مطويات باللغتين العربية والإنجليزية بطريقة برايل، بالإضافة إلي رفع كفاءة الشوارع المؤدية للشجرة وتجهيز قاعة للعرض المرئي لعرض الأفلام التي تصور مسار رحلة العائلة المقدسة علي أرض مصر، إلي جانب إعداد بطاقات تعريفية للأيقونات الموجودة بالساحة الخارجية للمنطقة الأثرية، كما تم تمهيد الطريق المؤدي للموقع وتطوير ورفع كفاءة المنطقة المحيطة، وإعادة تأهيل الحديقة الأمامية للموقع الأثري.

وقال د. أحمد النمر، مسئول ملف مسار رحلة العائلة المقدسة في مصر بوزارة السياحة والآثار، إنه يجري حاليًا العمل في آخر نقطتين علي المسار، النقطة الأولي هي دير المحرق بمحافظة أسيوط، حيث أنهي المجلس الأعلي للآثار جميع الترميمات اللازمة الخاصة بالدير، أما المنطقة المحيطة والبنية التحتية لها فيجري العمل عليها بالتعاون مع المحافظة وهيئة التنمية السياحية، والنقطة الثانية هي «الفرما» حيث يتم حاليًا تجهيز الدراسات اللازمة لانطلاق مشروع ترميم المواقع الأثرية وتطوير المناطق المحيطة بها هناك لأن مدينة «الفرما» من النقاط المهمة جدًا علي مسار رحلة العائلة المقدسة، مؤكدًا أن وجودها بمحافظة شمال سيناء جعل البدء في تطويرها يأتي متأخرًا وذلك للظروف الأمنية خلال فترات سابقة، إلا أنه مع الاستقرار الأمني هناك بدأت الدراسات التي أفرزت عن مشروع متكامل ينطلق خلال الفترة المقبلة إن شاء الله، مُشيرًا إلي أن أعمال تطوير «الفرما» قد تتضمن ربط المدينة بمحيطها أي مدينة «بورسعيد» التي تُعد أقرب موقع لها بما يتضمنه من مواقع أثرية وتاريخية مهمة لذلك سيتم الربط بينهما.

وأضاف أن «الفرما» تضم عددا كبيرا من بقايا الكنائس والمواقع المسيحية المهمة وذلك لأن الرهبان كانوا يتبركون بهذا الموقع الذي مرت به العائلة المقدسة خلال رحلتها في مصر، كما تضم «الفرما» أيضًا بقايا قلاع من العصور الإسلامية ومسرح روماني وهذا يدل علي التنوع التراثي في هذه المدينة المهمة، مؤكدًا أهمية الترويج السياحي للمسار لهذا فقد قامت وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع هيئة تنشيط السياحة والكنيسة القبطية بتنظيم عدد من الزيارات التجريبية لعدد كبير من نقاط مسار رحلة العائلة المقدسة، وتتمثل تلك الزيارات في قيام مجموعة من الوفود - سواء مصريين أو أجانب – بزيارة عدد من المواقع التي تم تأهيلها مثل جبل الطير في المنيا ووادي النطرون بالبحيرة وكنائس مصر القديمة وشجرة مريم بالقاهرة، وتُعد كنيسة «العذراء مريم» بمنطقة جبل الطير في محافظة المنيا من أجمل نقاط المسار التي تم الترويج لها نظرًا لما يضمه الموقع من تباين تراثي سواء طبيعي أو ثقافي حيث المشاهد الخلابة والبانوراما الرائعة التي تشهد علي روعة وجمال التراث المصري.

وأكد النمر أن مسار العائلة المقدسة هو أطول وأضخم مسار ديني روحاني تراثي ثقافي في العالم، لذلك فإن الربط السياحي لنقاط هذا المسار بشكل كامل يحتاج لوقت طويل، وقد تم الانتهاء من قرابة الـ 90% من نقاطه من حيث البنية التحتية والتأهيل والربط والتطوير والترميم وهو أمر عظيم لأنه تم خلال فترة محدودة، وستبدأ خلال الفترة المقبلة مرحلة التشغيل وستتم بتقسيم المسار إلي مراحل يختار الزائر أو السائح المرحلة التي يريد زيارتها، مثلًا القاهرة تضم شجرة مريم بالمطرية وكنيسة أبي سرجة بمصر القديمة وكنيسة العذراء بالزيتون وكنيسة المعادي وحارة زويلة وهي نقاط مرتبطة ببعضها علي المسار في القاهرة، ولو اختار السائح زيارة منطقة الدلتا فهي تضم تل بسطا بمحافظة الشرقية وسمنود بمحافظة الغربية وكفر الشيخ وهكذا، مُنوهًا إلي أنه مع تشغيل مسار العائلة المقدسة ستبدأ مصر ولأول مرة الترويج لسياحة لها علاقة بالعقيدة والجانب الروحي وهو أمر شديد الأهمية لأنه يوجه الدفة السياحية لنقطة تتيح تنوعا سياحيا وثقافيا قويا جدًا لأنه يتم حاليًا أيضًا التجهيز لمسار آل البيت الذي سيجذب هو الآخر أعدادا كبيرة من السائحين من كل العالم ما يعد نقلة كبيرة ونوعية للسياحة المصرية.

وعن منطقة شجرة مريم قال إنه قد تم تأهيلها ورفع كفاءتها ووضعها بصورة لائقة علي الخريطة السياحية، حيث تم افتتاحها عام 2022 م بعد تأهيلها لاستقبال الزوار، مُضيفًا أنه يجري حاليًا الانتهاء من مشروع ربط المنطقة الأثرية والمنطقة المحيطة بها وذلك بالتعاون مع محافظة القاهرة وهيئة التنمية السياحية من خلال رفع كفاءة شارع «المطراوي» وتأهيله وربطه بمنطقة المسلة الأثرية، وكانت شجرة مريم قد رُممت عام 1998 م ومع تعاقب السنوات ظهرت الحاجة لعمل مشروع لتوثيق وتأهيل وترميم منطقة شجرة مريم إلي جانب عمل درء خطورة وصيانة للشجرة، منوهًا بأن شجرة مريم تضم ثلاثة أجيال جميعهم موجودون وقد تم ترميم وتأهيل شجرة الجيل الثالث وعمل عرض بانورامي لها وأيضًا للبئر التي فجرها السيد المسيح وشربت منه العائلة المقدسة ، إلي جانب عمل مركز زوار ولوحات إرشادية وخرائط رقمية، واستراحة للزوار بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية إلي جانب إعادة تأهيل شبكة الطرق وتطويرها من أجل تسهيل الوصول للموقع، ورفع كفاءة الشارع وتوسعته لأن منطقة شجرة مريم والمسلة مع هذا التطوير ستكونان مصدرًا مهمًا للدخل القومي وستمثلان نقلة كبيرة لمنطقة المطرية

أضف تعليق