ميلاد السيد المسيح .. ميلاد الحب والسلام

ميلاد السيد المسيح .. ميلاد الحب والسلامد. جرجس صالح

الرأى7-1-2024 | 17:47

لعل من حكمة الأعياد أنها ينبوع لا يتوقف عن العطاء.. إنها تحمل في ثناياها الفرح والبهجة، فضلًا عن المعاني السامية التي لأجلها رتبت تلك الأعياد، في عالم يئن تحت وطأة الآلام والضيقات والأحزان. إن الأنظار تتجه اليوم إلي قرية بيت لحم في فلسطين ، التي باتت في ظلال النسيان وظلام التاريخ، حتي ولد فيها السيد المسيح ، الذي أحدث تغيرات جذرية في حياة البشر وأفكارهم، بما حملت رسالته من مبادئ روحية وفكرية، لعل أهمها الحب والسلام.

والمحبة هي أولي المبادئ التي جاء السيد المسيح له المجد ليرسي دعائمها في قلوب البشر، وتجسيدًا لذلك المبدأ أعلنت المسيحية أن "الله محبة".. جاء السيد المسيح ليعطي البشر فكرًا جديدًا أسسه علي المحبة، كأساس قوي، ووحيد لكل الروابط بين البشر.. لقد دعا إلي أخوة البشر، ولخص التوراة وتعاليم أنبياء العهد القديم الذين أتوا قبله في وصية واحدة "تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل فكرك ومن كل قدرتك وقريبك كنفسك".

ونظرًا للنعرات القومية، والحواجز بين الشعوب توقف السيد المسيح عند كلمة «قريبك»، مفسرًا من يكون القريب وأبان أن القريب ليس هو من تربطني به قرابة جسدية، بل هو أخ في الإنسانية، ولتوضيح ذلك ضرب مثلًا هو مثل السامري الصالح ، ومن هذا المثل أخرج السيد المسيح قاعدة سامية واضحة، وهو أن القريب هو من يسلك بالمحبة مهما كان جنسه أو دينه.

ونأتي إلي المبدأ الثاني من مبادئ المسيحية الأساسية وهو السلام.. في وقت ميلاد السيد المسيح ظهر جمهور من الملائكة السمائيين لجماعة من رعاة الغنم ينشدون أنشودة الفرح "المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة".. نعم بمولد السيد المسيح كان " علي الأرض السلام ".. إن السيد المسيح كان ولم يزل وسوف يظل دوما ملك السلام ورئيس السلام .

هكذا تنبأ عنه أشعياء النبي قبل مولده بسبعة قرون قائلًا: ويدعي اسمه عجيبًا مشيرًا أبًا أبديًا رئيس السلام.. ونحن نتساءل من من الناس زفته الملائكة يوم مولده، كما فعلت ليلة ميلاد السيد المسيح في بيت لحم؟! أليس هذا بينة علي طبيعته وطبيعة الرسالة التي جاء يغزو بها عقول الناس وقلوبهم، وهي رسالة هادفة صافية طاهرة، رسالة عميقة نافذة وفاعلة، أحدثت علي الرغم من هدوئها ثورة حقيقية قلبت مفاهيم وحطمت مبادئ.

و السلام الذي أتي به السيد المسيح للعالم ليس مجرد شعار، بل هو سلام حقيقي.. سلام مع الله بالابتعاد عن الخطأ والشر، وسلام مع النفس بالطاعة الكاملة لله، وسلام مع كل الناس بالود والمحبة.. لقد ترك المسيح للعالم أعظم تركه يمكن أن يتمتع بها البشر وهي السلام.. "سلامي أعطيكم.. سلامي أترك لكم".

ليتنا في هذه المناسبة المجيدة نصحح مسار حياتنا، وندخل في شركة عميقة مع الله لننعم بثمار الحب وثمار السلام.

فطلب من الله أن يعم بسلامه الحقيقي علي البشرية المتناحرة المتقاتلة ليحل السلام محل الاقتتال والحب بدل العداوة.

وليذكر السيد المسيح أرض فلسطين حيث ولد وليحل بسلامه عليها.

أضف تعليق