مريم الأسطرلابية نجمة الحضارة الإسلامية

مريم الأسطرلابية نجمة الحضارة الإسلاميةحسين خيري

الرأى14-1-2024 | 16:25

لم يحتكر رجال الحضارة الإسلامية مقاليد العلم، ولم يستحوذوا على كرسي العلماء، حسب إدعاءات مدعى الحضارة الغربية التى ترتوي من دماء الشعوب، تتبنى افتراء فاضح باضطهاد المرأة المسلمة وسحق حقوقها فى ظل الحضارة الإسلامية ، فلدينا عالمة الفلك مريم الأسطرلابية التى بزغ نجمها من مدينة حلب فى القرن الرابع الهجري أو العاشر الميلادي ، ويطلق على هذا القرن بالعصر الذهبى للعلوم الإسلامية.

اسمها مريم بنت أبى الحسن كوشيار الجيلى، وكان أستاذها والدها عالم الفلك والهندسة كوشيار الجيلى، ويشار إليها بالبنان فى الأوساط العلمية بجامعات ومحافل عالمية، ونبغت مريم بنت الحضارة الإسلامية فى حل المعادلات الرياضية المعقدة، ورشحها نبوغها للانضمام إلى بلاط الأمير سيف الدولة الحمدانى كأحد العلماء وباحثة فى علوم الفلك.

ويعود لقبها إلى جهاز الأسطرلاب وجهودها العلميـــة فى تطويـــره، ويســـميه العـــرب "ذات الصفائح"، وبفضلها صار جهازا متناهى الدقة، يتمكن من تحديد مواقع النجوم وحركاتها، وقياس اتجاهات الملاحة البحرية، وكذلك قياس للمساحات والارتفاع والآبار ومدى ارتفاع الجبال.

وأبدعت مريم فى النسخة الثانية من آلة الأسطرلاب، وأطلقوا على نسخته المطورة على يد أستاذتنا مريم " الأسطرلاب المعقد"، ويعد نموذجا ثنائى البعد للقبة السماوية، ويظهر فيه وجهة السماء عند نقطة محددة فى وقت معين، وساهمت العالمة السورية تحت وهج الحضارة الإسلامية فى نهضة فضائية ورياضية غير مسبوقة.

وينتسب علم الأسطرلاب، لمن لا يعرف، إلى أحد فروع علم هيئة السماء أو علم الفضاء، ويتناول دراسة الأجرام السماوية البسيطة ومواقعها، ويدرس حركتها الظاهرة بالقبة السماوية وضبطها، ويقول عنه حاجى خليفة أشهر مؤرخى الحضارة الإسلامية فى كتابة "كشف الظنون" أنه علم يبحث عنكيفية استعمال آلة توضح كثير من الأمور النجومية بصورة يسيرة.

وللأسف أغمض التاريخ كثيرًا عن تفاصيل مؤلفاتها العلمية، ولم يكشف عن مسيرتها الفكرية والدينية، ويذكر المؤرخون أنها تتلمذت على مؤلفات والدها عالم الرياضيات كوشيار الجيلى، وأحدثت لديها طفرة فكرية مع أولى خطواتها العلمية، من أهمها "رسالة دلالات الكواكب" و"المجمل فى صناعة النجوم"، وتحتفظ مكتبة الإسكندرية بنسخة من كتاب بخط يد والدها بعنوان "الريح الجامع والبالغ"، ولم تكن مريم ولدا ليحرص الأب على تعليمه ونبوغه، لكى يرث مقعده وعلمه، إنما برهان وواقع تاريخى يوثق عظمة الحضارة الإسلامية كفكر تنويري، فى وقت كانت المرأة مجرد متاع فى حضارات أخرى.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2