ما أعلنه د. رضا حجازي، وزير التربية والتعليم في مجلس الشيوخ منذ أيام قليلة عن إعداد نظام جديد للثانوية العامة يستهدف القضاء علي "بعبع" الثانوية لرفع الأعباء عن كاهل الأسر المصرية.. وتتضمن أهم ملامحه تعدد محاولات الامتحان وإمكانية التحول بين المسارات.. وأنه سيطرحه للحوار المجتمعي قبل الأخذ به وتنفيذه.. وهو كلام جميل.. وأثلج صدورنا.. ونؤيده.
ولكن ما هو ليس جميل.. وطبق علي صدورنا".. ونرفضه هو أن كل "سنتين تلاتة" نفاجأ بنظام جديد للثانوية العامة.. مما يعني عدم الاستقرار للعملية التعليمية وهي مصيبة كبري.
فكل وزير يتولي حقيبة التعليم يضع نصب عينيه تغيير نظام الثانوية العامة وفقا لما يترأه.. علي هواه وكأنها "لعبة".. هذا "العك" هو نتاج عدم وجود استراتيجية للتعليم واضحة المعالم يسير عليها أي وزير يتولي وزارة التعليم.
فخلال الـ 35 سنة الأخيرة شهدت الثانوية العامة العجب.. وعدم الاستقرار فمرة ثانوية إلكترونية – دراسة وامتحانات – بنظام التابلت ومرة ورقية لوقوع "السيستم".. ومرة تراكمية من 3 سنوات ومرة من سنتين دراسيتين ومرة بنظام التحسين ثم العودة لنظام السنة الواحدة، ثم من سنتين دراسيتين.. وكأننا "بنلف" حول أنفسنا مما يعني أن العملية التعليمية تعيش التخبط وعدم الاستقرار.. فهل هذا ينفع؟
ولا نزال لا نتعظ من أخطاء الماضي.. فكلنا نتذكر عندما تم إلغاء الصف السادس الابتدائي في الثمانينات فحدثت السنة الفراغ ثم تم إعادتها للسلم التعليمي مرة أخري في التسعينيات فحدثت الدفعة المزدوجة، التي أرهقت الجامعات بالأعداد الطلابية الكبيرة.. وغيرها، وكلها نتاج قرارات تمت دون دراسة فكانت هذه المشاكل التعليمية التي لا تعد ولا تحصي.
هذا لا يعني أنني ضد ما يقوم به د. رضا حجازي؛ لتطوير الثانوية ولكن ما أتمناه أن يكون وفق استراتيجية ورؤية جماعية للخبراء وليس وفق رؤية فردية ممثلة في معالي الوزير وحده.
عمومًا.. إذا كنا نريد إصلاح التعليم فلابد من وضع استراتيجية سواء خماسية أو عشرية السنوات يشارك في وضعها خبراء التعليم والتربية وكبار المفكرين والمنظمات الدولية.. تراعي وتتناسب مع إمكانياتنا ويتحدد فيها الشكل المطلوب أن تكون عليه العملية التعليمية وشكل الثانوية العامة والقبول بالجامعات وغيرها.. وتلزم أي وزير تعليم بالسير علي نهجها حتي يحدث الاستقرار التعليمي.. ولا يتم تغييرها إلا بعد انتهاء المدة المحددة لها.. ويمكن بعدها تحديثها أو الإبقاء عليها وفقا لمتطلبات العصر.
وبالبلدي كدا.. إننا نحتاج من وزارة التربية والتعليم سياسة تعليمية مستقرة مستمرة لا تتغير بتغير الوزير منبثقة من خطة الدولة 2030.. وهذا ما ننتظره.