ناشطة فلسطينية لـ"دار المعارف": ارتفاع إصابة الفلسطينيين بالعمى لاستخدام إسرائيل الغاز والفسفور الأبيض

ناشطة فلسطينية لـ"دار المعارف": ارتفاع إصابة الفلسطينيين بالعمى لاستخدام إسرائيل الغاز والفسفور الأبيضصورة أرشيفية

عرب وعالم26-1-2024 | 19:44

لم تترك آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية الطائشة أحدا في قطاع غزة إلا واستهدافته، أطفالا ونساء وشيوخ، ووسط هذا الهجوم الوحشي ضد المواطنين العزل، تتفاقم معاناة الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين يعانون من صعوبة في تلبية احتياجاتهم في الظروف العادية، وفي ظل وجود حرب وانقطاع عنهم كافة الوسائل المساعدة من أجهزة وأدوات طبية والمساعدات الإنسانية التي هم في أمس الحاجة إليها، إلا أنهم يواجهون مشكلة أكثر رعبًا وهي عدم قدرتهم على الفرار من القذف الشرس الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي أشكالا وألوانا مع الثواني والدقائق فوق رؤوس كافة المواطنين، دون أن يراعى ذوي الإعاقة الفئات الأكثر هشاشا، التي يجب حمايتها أثناء المعارك العسكرية، فهؤلاء الأشخاص يتذوقون مرارة ومعاناة الحرب أضعافا، فالقتل والشتات والعنف بلا وازع هو سيد موقف الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، فكيف أثرت هذه الحرب العمياء عليهم، وإلى أي مدى أدت إلى تنامي أعداد ذوي الإعاقة بفلسطين، وكيف يواجهون الهجمات اليومية؟

طرحنا هذه الأسئلة وغيرها على حنين رشيد الأخصائية والناشطة الفلسطينية في مجال تأهيل وتعليم ذوي الإعاقة، ومسئول لجنة ذوي الاعاقة بمجلس المرأة.

في البداية.. كيف أثرت الحرب في غرة على الأشخاص ذوي الإعاقة؟

قوات الاحتلال الإسرائيلي لا تفرق بين الشخص ذو إعاقة وغيره، فـ يوم الخميس 28 ديسمبر، حدثت واقعة مؤسفة جدا في شمال غزة، فهناك رب أسرة لدي خمسة أطفال من ذوي الإعاقة الحركية والسمعية والبصرية، حاول أن يوضح لجنود الاحتلال حالة أولادة الصحية والتي لا تسمح لهم التنقل أو الفرار إلى أي مكان آخر؛ لأنهم كانوا يأمرون بإخلاء المنازل، وعلى الفور قامت قوات الاحتلال بإطلاق عليه الرصاص مما أدى إلى استشهاده على الفور لـ مجرد إنه حاول يوضح صعوبة حالة أولاده الصحية، رفض بكل غطرسة أن يفهم معاناة هذا الأب ومشكلة هؤلاء الأطفال، وبكل بسهولة أطلقوا عليه الرصاص بدمًا بارد أمام أطفاله، وحتى اللحظة لم نتمكن من معرفة أي معلومات عن باقي الأسرة؛ بسبب انقطاع الانترنت وخدمات الاتصال عن جميع مناطق قطاع غزة، وبالتالي ازدات هذه الأسرة هشاشا بعد موت أبيهم الذي كان يراعهم، الوضع مأسوي فـ أثناء الحرب يصعب على الشخص دون الإعاقة الحصول حتى على غذاء يومه، فالأشخاض ذوي الإعاقة في غزة تتضاعف عليهم معاناة الحرب.

وكيف أدت هذه الحرب إلى تنامي عدد حالات ذوي الإعاقة في فلسطين؟

الممارسات الوحشية الإسرائيلي ضد جميع أبناء قطاع غزة؛ أدت إلى أضرار كارثية، من قصف وتدمير منازل فوق رؤوس قاطنيها وإطلاق الرصاص بشكل مباشر من مسافات قصيرة جدا على المدنيين؛ كل هذا فاقم نسب الإعاقات الحركية بشكل كبير داخل قطاع غزة؛ ناجمة عن إصابات الأطراف لدي الأشخاص خاصةً الشباب والرجال، كما ارتفعت نسب الإعاقات السمعية بصورة كبيرة؛ بسبب أصوات الانفجارات العالية فالشخص عندما يتعرض لصوت عالي جدا يصبح لدي مشكلة في السمع، فما بال من يسقط عليهم قذائف وصواريخ على مسافات قريبة، «فمن ينجو من الموت لا ينجو من الإصابة بإعاقةً ما».

كما ازدات نسب الإعاقة البصرية؛ بسبب الغاز والفسفور الأبيض الذي يسيله الاحتلال على المواطنين، وهذه الأضرار المآساوية ليست منحصرة داخل القطاع، فما يحدث بالضفة الغربية أيضا ليس ببعيد عن ما يحدث داخل قطاع غزة، هناك اعتقالات بالجملة وإطلاق نار وإلقاء قنابل الغاز بصورة متكررة، فنسبة الإعاقة تتضاعفت في جميع المناطق وليس داخل قطاع غزة فقط.

كيف يواجهون ذوي الإعاقة يوميات الحرب في غزة؟

يواجه الأفراد ذوي الإعاقة في فلسطين تحديات كبيرة؛ نتيجة ما يخلفه القصف الإسرائيلي، من دمار في القطاع وما يصاحب ذلك من ظروف غير صحية ونقص في الأدوات المساعدة والرعاية الصحية، وعدم قدرة ذوي الإعاقة على الوصول للخدمات الصحية، «إن وجدت»، فـ مواجهة يوميات الحرب في غزة لدى الأشخاص ذوي الإعاقة متفاقمة ومتزايدة بشكلٍ أكبر عن غيرهم؛ هم يواجهون صعوبة في الحركة في التنقل، يواجهون صعوبة في إرسال ما يريدون إرساله بالنسبة لذوي الإعاقة السمعية؛ لأن النزوح والشتات والاستشهاد أدي إلى أبعادهم عن مترجمي لغات الإشارة الذين كانوا يتواصلون معهم قبل الحرب، وعن كل ما يرعاهم.

والمعاناة تتضاعف على النساء من ذوي الإعاقة يعانون معاناة قاسية؛ لأن المرآة تكون مسئولة عن أسرة وفي ذات الوقت تعاني من إعاقة، ولم يعد هناك منازل ولا غاز وماء، فـ كيف ستقوم بالبحث عن الحطب لتشعل النار لكي تطعم أطفالها، ولم تتمكن من الذهاب إلى الأماكن البعيدة المتوفر بها المياة الصالحة للشراب، والاصطفاف في التوابير لاحضار الماء، فـ تأدية الأعمال المنزلية في الظروف العادية تكون غاية في الإرهاق بالنسبة لهن، وكل يوم تزداد الأوضاع سوءً.

كذلك الرجل عندما يكون رب أسرة ومسئول عن أطفال وإذا كان من ذوي الإعاقة كيف سيقوم بتلبية احتياجات أسرته اليومية، العالم بأسره يعلم أن لا يوجد طعام كافي في قطاع غزة، والمساعدات لا تصل إلى جميع المناطق بسبب ممارسات الاحتلال وتعنتهم وإصرارهم على تجويع الشعب، الوضع صعب لذوي الإعاقة قبل الحرب، وأحوالهم ومعاناتهم الآن تدمي القلوب.

وماذا عن ذوي الإعاقة الحركية الذي يصعب عليهم الفرار من الهجمات خاصةً في ظل نقص الأجهزة المساعدة لديهم؟

ذوي الإعاقة الحركية يواجهون صعوبة بالغة في التنقل، ولم يعد هناك أجهزة تساعدهم على مصابهم، فعندما يحدث إخلاء وتتعرض منازلهم للتهديد، أو قذف أحدالمنازل القريبة، ويريدون أن يخلوا منازلهم؛ للنزوح يتطلب منهم جهد غاية في الصعوبة، وقوات الاحتلال الإسرائيلي في حال أرادت أن تمهل أصحاب البيت للإخلاء إذا لم تتساقط القنابل والصواريخ دون أي إنذار مسبق، تكون مدة التمهل «دقائق»، وهذه الدقائق لا تنجز لمساعدة الأشخاص من غير الإعاقة؛ للفرار بأنفسهم من الهجمات، فمعاناة الأشخاص من ذوي الإعاقة كارثية؛ لأنهم لا يحتاجون لجهد كبير منهم ومن ذويهم فقط، بل تحتاح إلى وقت لكي يتمكنوا من الفرار، وأن لم يتمكنوا فالموت هو مصيرهم.

وذوي الإعاقة السمعية يواجهون معاناة وآلالام صعبة؛ لأنهم لا يسمعون أصوات الهجمات ولم يتمكنوا من معرفة ما يحدث إلا عندنا يروون الأشخاص يفروون هنا فقط يعلموا بأن هناك خطرا ما.

وماهو حال مؤسسات رعاية وتأهيل ذوي الإعاقة في ظل الأزمة الحالية؟

منذ الأيام الأولى بل الساعات الأولى للعدوان الإسرائيلي قطاع غزة، قامت القوات بتدمير جميع المراكز الخاصة برعاية وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة، وتدمير المخازن الخاصة بالأدوات المساعدة لهؤلاء الأشخاص، طائرات الاحتلال دمرت كل شئ يمكن أن يساعد ذوي الإعاقة؛ أصيب معظم المراكز أن لم يكن جميعها بشللٍ تام عن تقديم الخدمات لهؤلاء الأشخاص، فكما هو لا يفرق بين شخص ذوي إعاقة وغيره، لا يفرق أيضا بين مؤسسة دولية ومحلية، فـ حتى المؤسسات الدولية العاملة في مجال الإعاقة تم تدمير مبانيها بالكامل، كما منعت قوات الاحتلال دخول الأجهزة المساعدة والمعدات الطبية اللازمة لهؤلاء الأشخاص عن طريق معبر رفع وكرم أبو سالم، فحتى المساعدات الإغاثية اللازمة والضرورية للحياة لم تعد متوفرة.

فلم يعد هناك سبيل لتقديم لهم الخدمات والرعاية؛ وبسبب نزوح العديد من منازلهم إلى مناطق أخرى كذلك انقطاع الطرق والمواصلات بين المدن داخل القطاع غزة، بالإضافة إلى انقطاع الإنترنت والاتصالات، فلم يعد هناك تواصل مع هؤلاء الأشخاص ومعرفة المشاكل التي كانت تواجهم والتي ازدادت وتزداد سوءً خلال الفترة الحالية.

ماهو رأيك في دور مصر في دعم القضية الفلسطينية؟

الموقف المصري واضح ومشرف، وكل الحب والشكر لجمهورية مصر العربية رئيسًا وحكومةً وشعبًا على دعمهم المتواصل للقضية الفلسطينية، وهذا ليس بجديد عليها، فالتاريخ خير شاهد ودليل على الدور المصري الداعم لفلسطين ولقضيتنا العادلة على مر الزمن، حيث تجسد هذا الدعم خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، من جوانب عدة، أولها الجهود المصرية الرامية إلى وقف إطلاق النار في غزة، من خلال المباحثات والوساطة بين المقاومة وإسرائيل.

ثانيا رفض الرئيس عبد الفتاح السيسي التهجير القسري للفلسطينيين من غزة إلى سيناء.
ثالثا استقبال جرحى ومصابين الحرب؛ للعلاج في المستشفيات المصرية، بالإضافة إلى إرسال المساعدات الإغاثية والطبية لسكان قطاع غزة عبر معبر رفح البري.

عقب مرور 111 يوم على الحرب.. تختاري المعاناة والألم في وطنك أو الأمان والغربة في أي بلد أخر؟

بالطبع نختار الخوف والمعاناة في وطننا فلسطين، فلن نقبل عنها بديل، ولو طوبت لنا الدنيا بما فيها، وبكل تأكيد القصف الإسرائيلي للبيوت وتدميرها فوق رؤؤس ساكينها لن يزيدنا إلا تمسكًا في الارض والبقاء فيها، «فخبز الوطن خيرٌ من كعك الغربة».

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2