حرب إسرائيل على غزة أثبتت ضعف وهشاشة القيادة العسكرية والسياسية في إسرائيل، وإذا أخذنا في الاعتبار أن أي حرب معلنة تكون لها أهداف محددة تكتيكية واستراتيجية، فقد أعلنت إسرائيل أهدافها من الحرب على غزة وحددتها في ثلاث مراحل الأولى تدمير الأنفاق ومحاصرة مقاتلي حماس.
والثانية تحرير الأسري والهدف الثالث والأهم هو تدمير سلاح حماس والفصائل المتعاونة معها وقتل قياداتها الميدانية وأسر مقاتليها أو تصفيتهم، هذا ما أعلنه مجلس الحرب الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي.. فهل نجحت إسرائيل في تحقيق أي من هذه الأهداف؟!
الحقيقة أن كل المحللين العسكريين أجمعوا أن الجيش الإسرائيلي لم يحقق أي من هذه الأهداف على الإطلاق بل مُني بخسائر كبيرة في صفوف نخبة جنوده، خاصة لواء جولاني، الذي حوصر في شمال غزة وتم تدمير آلياته العسكرية من دبابات ميركافا وهي أقوى مدرعات الجيش الإسرائيلي وفخر الصناعة العسكرية الإسرائيلية.
مما اضطر رئيس الأركان إلى سحب قوات لواء جولاني إلى خارج حدود قطاع غزة بل تم سحب أغلب قوات فرق المشاة إلى معسكراتها في وسط وشمال إسرائيل، يذكر أن إسرائيل كانت قد حشدت ثلاث فرق عسكرية بكامل عتادها وزجّت بها داخل قطاع غزة لمدة شهرين كاملين ولم تحقق أي هدف من الأهداف المعلنة رغم التدمير الهائل، الذي أحدثه القصف العشوائي على منازل المدنيين والبنية التحتية لكل مدن غزة ولم يبقَ شيء لم يصبه تدمير الآلة العسكرية الإسرائيلية.
وقد استهلك الجيش الإسرائيلي معظم ذخيرة المدفعية والقذائف الذكية وصواريخ القبة الحديدية ولم يبق لديه إلا الذخائر العشوائية أو ما يُعرف بالقذائف الغبية.. كل ذلك رغم استدعاء ٨٠% من قوات الاحتياط وما تبع ذلك من خسائر في الاقتصاد الإسرائيلي.
وقد حاولت إسرائيل أن تدفع بسكان غزة تحت ضغط القصف والقتل العشوائي ناحية الجنوب ضمن خطة خبيثة لتهجير سكان القطاع إلي سيناء، لكن تبخر كل ذلك بعد أن أعلنت القيادة المصرية رفضها القاطع لكل خطط التهجير مما حدا بالقيادة الإسرائيلية إلي التراجع مرغمة تحت الضغط المصري، وبذلك تكون إسرائيل قد خسرت الحرب عسكريًا.
أما من الناحية السياسية فقد تغيرت خطط الدعم السياسي الأمريكي وأصبحت الإدارة الأمريكية تضغط علي إسرائيل بقبول وقف الحرب وبدء عمليات التفاوض للخروج من مستنقع غزة بأفضل الحلول السياسية المناسبة، لكن غطرسة وغرور القيادة الإسرائيلية جعلتها ترفض أي تسوية قبل تحقيق أهدافها المعلنة والتي فشلت في تحقيقها رغم الخسائر الفادحة، وبذلك تكون إسرائيل قد خسرت الحرب سياسيًا أيضا خاصة بعد أن فقدت الدعم السياسي الأمريكي والأوروبي.