الصانع لأول روبوت لم يخذله الغرب

الصانع لأول روبوت لم يخذله الغربحسين خيري

الرأى28-1-2024 | 17:10

خمسون اختراعا أهداها الجزري للإنسانية، ساهمت في نهضة الهندسة الحديثة، فهو أول من صنع الإنسان الآلي، اخترعه حين طلب منه حاكم ديار بكر صناعة آلة تغنيه عن الخدم كلما رغب في الوضوء، وعكف المهندس بديع الزمان أبوالعز بن إسماعيل بن الرزاز الجزري علي اختراع روبوت علي شكل صبي يمسك في يده أبريقا وفي الأخري منشفة وعلي رأس الصبي طائر، وفي وقت الصلاة يصفر الطائر، ويتقدم ال روبوت الخادم نحو الحاكم ليصب له الماء بمقدار لكي يتوضأ، ثم يقدم له المنشفة، ويعود إلي مكانه.

وصنفه العالم "مارك إي ريتشمان" أنه أول من قدم للبشرية فكرة الإنسان الآلي، وذكره في كتابه "تاريخ تطور الإنسان الآلي"، وأشار مارك إلي عبقرية الجزري في محاكاة الإنسان الآلي لأول مرة علي شكل فرقة موسيقية تطفو علي سطح الماء، ويعد المهندس العربي بديع الزمان الجزري من أوائل صُناع آلات ذاتية الحركة، أي تعمل بدون قوة دفع بشرية، وأشهر اختراعاته مضخات الماء، والساعات المائية التي فاقت توقعات علماء أوروبا، بسبب قدرة العالم العربي الجزري علي تضمين الساعات تنبيها ذاتيا، أو ما يسمي حاليا ساعات الـ "ستوب ووتش"، وكانت أعظمها "ساعة الفيل" الأسطورية، ويحتوي متحف الأردن علي تمثال يشابه تلك الساعة ومذيل أسفله شرح يوضح كيفية تشغيلها.

ولا يخجل علماء أوروبيون في الاعتراف بفضل الجزري في إطلاق الثورة الصناعية الأوروبية، ويعتبرون مؤلف الجزري "الجامع بين العلم والعمل نافع في صناعة الحيل" أحد المراجع للهندسة الحديثة التي اعتمدت عليها حضارتهم الصناعية، واستخدم بديع الزمان الجزري الماء كمحرك لتشغيل وتدوير آلاته قبل أن تعرف البشرية الوقود كمحرك، ولخص نظريته في كتابه الحيل قائلا: إن الحركة الدائرية يمكنها توليد قوة دافعة إلي الأمام، وتلقفت أوروبا نظريته واخترعوا محركا يسير بالبخار، فكان عصر القطارات البخارية.

وكتاب الجزري المعروف بـ "الحيل" أشاد به الكثير من علماء الغرب، وأهمهم لين وايت والمستشرق البريطاني دونالد هيل، والأخير يعتبر كتاب المهندس العربي العبقري وثيقة لم تعرف الحضارة الإنسانية مثيلا لها حتي الآن، وأرجع هؤلاء الفضل إلي اكتشافات الجزري واختراعه لعمود "الكامات" يدور بفعل ضغط مكابس المحرك، ينتج عنه قوة دافعة إلي الأمام، كما يحدث في محرك السيارة، واستخدم الجزري نفس الفكرة في صناعة مضخات مياه دافعة وساحبة.

وللأسف خذل العرب والمسلمون أبو الروبوتات في عصرهم الذهبي، ولم يخلدوا ذكراه، ولم يتندروا به في قصصهم لأطفالهم، ولم يتناولوا اختراعات بديع الزمان الجزري في منتدياتهم العلمية أو حتي الأدبية، بينما تذخر المراجع العلمية في مكتبات أوروبا وجامعاتها بالاحتفاء بابتكاراته التي سبقت عصره، وهذا يوضح أن الحضارة الإسلامية مازالت تخفي بين طياتها كثيرًا من الكنوز.

أضف تعليق