استضافت القاعة الرئيسية لـ معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ55، حوارًا فكريًا للدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، وأستاذ علم الاجتماع، تحت عنوان "قضايا الحداثة"، أداره الدكتور أنور مغيث.
وأكد الدكتور أحمد زايد، خلال اللقاء، أننا نعيش اليوم في منظومة حداثية واحدة تتمثل فى مشروع عالمى يتشكل من خلال "العولمة"، ورغم ذلك فالمنظومة الحداثية الحالية ليست هي المنظومة المثالية، فرغم وجهها المشرق في مجالات العلم والفن والفكر، إلا أنها من ناحية أخرى فيها مشكلات تتمثل في تهميش وتلكؤ يظهر في تعاملها مع مشكلات العالم العربي من صراعات وما أسموه بالفوضى الخلاقة.
وأضاف الدكتور أحمد زايد، أن الحرب على غزة أثبتت بالدليل القاطع أن الحداثة العالمية ليست هي النموذج الأمثل، وأن الحداثة على أرض الواقع كانت تعني قتل قيم الحق التي نادى بها "كانت" في مقابل إحياء المصالح السياسة والإقتصادية، واستعمار الشعوب ممثلة قيم "ميكافيلي".
وأضاف أن، الحرب على غزة أظهرت لنا أن هناك وجهان للحداثة، وجه سائل تبرىء من خلاله نفسها وذمتها بأشياء مثل حقوق الإنسان وحقوق المرأة ومشروعات التنمية البشرية وغيرها، وآخر لزج يتمثل في مماطلة الغرب فى حل مشكلة فلسطين، أو في القضاء على الجماعات المتطرفة ومواجهتها كما في جماعة الحوثيين، مشيرًا إلى أن الإنسانية في حاجة إلى حداثة مؤنسنة.
وتناول الدكتور أحمد زايد، بالشرح ما يسمى بالمشروع العربي في الحداثة، وكيف يرجعه البعض إلي عصر محمد علي باشا والبعض الآخر إلى الحملة الفرنسية أو إلي حسن العطار، حيث استقبلنا الحداثة في العالم العربي على بنية تقليدية غير متجانسة، وأصبحنا أمام شكل حداثي، ولكن في قلبه تقليدي تعلو فيه مثلًا صوت القبيلة.
كما أضاف الدكتور أحمد زايد، أن من مظاهر الحداثات العربية التوجس من الغرب والحداثة نفسها، بأن نأخذها ونحاول أن نعربها أو نؤسلمها، كذلك فاننا نملك عقل الحداثة ولكن دون أن نفكر به، وعندما تصطدم قيم الحداثة بالتقاليد فان الأخيرة هي التي دائمًا تنتصر، وهو ما يعني أننا في عالمنا العربي أمام مجتمع حديث، ولكنه لا يملك قيم الحداثة.
واستهل الدكتور أحمد زايد، بالشرح للدور المهم الذى يمكن أن يلعبه التعليم في نشر وخلق قيم الحداثة، ولكن هذا مشروط بأن تكون منظومة التعليم نفسها حداثية، كما كانت في بداياتها أيام أحمد لطفى السيد، حيث يتعلم الطلاب قيم العقل القائمة على التعدد، وليس على التقليد الذى يزحف ويوقف عمل العقل، مشيرًا إلى أن التباين يخلق نماذج قابلة لأن تعمل مع بعضها البعض مثل الخلية، بعكس التعدد الذي يخلق أنماطًا غير قابلة للتكامل والعمل الجماعي.
كما تناول الدكتور "زايد"، مفهوم ما بعد الحداثة، وأكد أنه ليس هناك من تناقض بين الدين والحداثة، كما يعتقد البعض، وأنه يمكن التوفيق بينهما، وأن التناقض في التفسير للدين، وهل هو تفسير "بن تيمية"، أم الامام المجدد محمد عبده.