الدولار " الإسود "

الدولار " الإسود "سعيد صلاح

الرأى4-2-2024 | 16:38

السوق السوداء.. أصبحت هذه الكلمة، فى الآونة الاخيرة،"بعبع" كبيرًا، يخيف كل من يسمعها، لأننا وباختصار شديد بات تسعير كل شىء فى مصر يعتمد على "دولارالسوق السوداء"، الذى يزيد على سعر الدولار فى البنوك الحكومية الضعف.

لذلك يتساءل الكثير طالما أن السلع والمنتجات تسعر بدولار السوق السوداء، فلماذا لا يتم الخفض الرسمى، حتى يتم القضاء على السوق السوداء، ومن ثم يعود الدولار للبنوك مرة أخرى؟، فى حين يرد البعض الآخر وماذا لو أن السوق السوداء أشعلت الأمر أكثر وزادت على ما فعلته الحكومة وأشعلت من جديد سعر الدولار؟.

هذا هو الحال الآن فى ظل تلك الأزمة الطاحنة.. طرف يتحدث عن خفض لقيمة الجنيه، وطرف يتحدث عن بقاء الوضع مع إجراءات أخرى خوفا من اشتعال الدولار أكثر، وبين الطرفين مواطن تحرقه الأسعار ويكسر عظامه غول التضخم.

الوضع صعب، لا شك، وهو ما يتطلب معه تحركات سريعة وعاجلة من الحكومة الحالية، وإن عجزت تتنحى وتأتي حكومة أخرى تستطيع أن تدير الأزمة وتضع حلولا ناجزة، سريعة وعادلة.

أظن أن ما يزيد الأمر صعوبة على المواطن العادى حاليًا -غيرالأسعار وتغولها - هو عدم وضوح الرؤية بشكل مبسط سواء له كمواطن عادى من حقه أن يعرف ماذا يحدث وما هو سبب الأزمة وكيف سنخرج منها، أو كمتخصص أو صاحب أعمال واستثمار.

وربما يقلل من تداعيات الأزمة ويعطى المواطن بعضا من القدرة على التحمل لو كانت الحكومة أكثر وضوحا وشفافية وتواصلا مع المواطن بأن تقول وتشرح وتفسر ما يحدث وتعرض حلولها وخططها للخروج من الأزمة، ربما ذلك يساعدنا جميعا على تجاوز الأزمة، أو على الأقل تحمل تبعاتها، فكلنا فى مركب واحد، وطن واحد، يهمنا جميعا المصلحة العامة ويهمنا جميعا ألا يتأذى الوطن وألا ينال منه أحد محاولًا استغلال هذه الظروف فى دفع المواطن البسيط نحو حالة من اليأس والرفض.

يتحدث بعض الخبراء عن إجراءات متوقعة بعد الاجتماع الأخير للجنة التسعير فى البنك المركزى تتضمن تحريك سعر الصرف على مرحلتين الأولى أن يتم تعديل قوى أولي للجنيه بما يرفع سعر الدولار فى البنوك إلى مستوى بين 40 و45 جنيها، ثم بعد ذلك يحدث تعديل دورى له بنسبة مئوية مثلا كل شهر حتى يندمج مع مستويات السوق الموازية، والعمل على تقليل الفجوة بين سعر الدولار فى السوقين الرسمية والموازية من أكثر من 100% حاليا إلى نحو 10% مع نهاية العام الجارى، وبالتوازى يتم ضخ دولارى، سواء من صندوق النقد الدولى أوعبر طرق أخرى أو شركاء آخرين فى إطار الاتفاق، مع إعادة جدولة مستحقات الصندوق لدى مصر عن السنوات الأربع المقبلة، وأيضا إحداث تقدم قوى وسريع ضمن برنامج الطروحات الحكومية سواء عبر طروحات فى البورصة أو لمستثمر استراتيجى.

إن كانت هذه بعض التصورات لسيناريوهات ما بعد اجتماع اللجنة وإتمام اتفاق الصندوق، فإننا نأمل جميعا أن يتحسن الوضع عما هو عليه الآن وأن تتحرك الحكومة بشكل أكثر قوة وسرعة فى طريق إنهاء الأزمة، وفى نفس الوقت تطلع المواطن بكل شفافية ووضوح عما يحدث ويجرى، كما أن المواطن تقع عليه مسئولية كبرى وهى أن يبقى واعيًا لحقيقة مهمة مفادها أن الأزمات مؤقتة ولها حلول قد تصعب أو تتأخر قليلا ولكنها سوف تحل وتذهب، ولا يبقى سوى الوطن الذى حاربنا ودفعنا من أجل استقراره وأمنه وحاضره ومستقبله الكثير والثمين.. فكلنا شركاء فى الأزمة وفى المسئولية.

حفظ الله الجيش .. حفظ الله الوطن

أضف تعليق