كان أدبه مرآة لحياة المعذبين والمهمشين من الطبقات الفقيرة التي عانت كثيرا كمعاناته عندما كان صغيرا، فحياة كانت عبارة عن طفولة معذبة وبائسة سرعان ما تحولت إلى شباب متوهج ناجح وانتشر أدبه في كل بقاع الأرض وبلغات متعددة
مولده ونشأته
ولد تشارلز جون هوفام ديكنز في (لاندبورت بورتسي) في جنوب إنجلترا عام 1812 م. لأبوين هما جون وإليزابيث ديكنز وكان ثاني أخوته الثمانية، وعاش طفولة بائسة لأن أباه كان يعمل في وظيفة متواضعه ويعول أسرته كبيرة العدد لهذا اضطر إلى السلف والدين ولم يستطع السداد فدخل السجن، لهذا اضطر لترك المدرسة وهو صغير وألحقه أهله بعمل شاق بأجر قليل حتى يشارك في نفقة الأسرة، وكانت تجارب هذه الطفولة التعسة ذات تأثير في نفسه فتركت انطباعات إنسانية عميقة في حسه والتي انعكست بالتالي على أعماله فيما بعد. فأنتج أدبا أنار العالم بصدقه.
أدبه
كان أدب "ديكنز" مرآة لحياته التي عاشها، فجاءت صادقة لمست قلوب الناس.
وقد كتب تشارلز عن هذه الانطباعات والتجارب المريرة التي مرَّ بها في أثناء طفولته في العديد من قصصه ورواياته التي ألفها عن أبطال من الأطفال الصغار الذين عانوا كثيرا وذاقوا العذاب ألوانا وعاشوا في ضياع تام بسبب الظروف الاجتماعية الصعبة التي كانت سائدة في (إنجلترا) في عصره، ونجد أن شخصيته الرائعة تجلت بوضوح فنجده بالرغم من المشقة التي كان يعاني منها في طفولته إلا أنه كان يستغل أوقات فراغه من العمل الشاق، فينكب على القراءة والاطلاع على الكتب كما كان يحرص على التجول وحيدا في الأحياء الفقيرة بمدينة الضباب المصنوع (لندن) حيث يعيش الناس حياة بائسة مريعة وخارجة عن القانون في بعض الأحيان. وكان قد تأثر بالقوانين الليبرالية في عصره فوصف بيوت العمل التي نشأت وفق قانون الفقراء الإنكليزي لسنة 1834 في روايته الشهيرة "أوليفر توست" وفي العديد من القصص والروايات التي كانت من إبداعاته.
وصف ديكنز هذه الأحياء الفقيرة بكل تفاصيلها وبكل المآسي التي تدور فيها، وعندما وصل إلى سن العشرين تمكنت الأسرة أخيرا من إلحاقه بأحد المدارس ليكمل تعليمه. وفي نفس الوقت كان يعمل مراسلا لإحدى الجرائد المحلية الصغيرة لقاء أجر طفيف أيضا، ولكنه لم يهتم بالأجر فلقد تفانى في هذا العمل الصحفي الذي كان بمثابة أولى خطواته لتحقيق أحلامه فقد كان بمثابة تمرين له على حرفة الأدب، ولقد أتاح له هذا العمل الصحفي أن يتأمل أحوال الناس على مختلف مستوياتهم الاجتماعية والأخلاقية فخرج بالعديد من التجارب الإنسانية والأخلاقية التي وسعت آفاقه ومداركه الأدبية والحياتية.
أثره
يمكن تقدير مدى شعبية وتأثير أعمال ديكنز بحجم التكريم العالمي الذي حصل عليه بعد وفاته، مثل إنشاء العديد من المتاحف وإقامة العديد من الفعاليات التي تحتفي بحياته وأعماله، خصوصا في الأماكن التي ارتبطت بذكراه، مثل منزله التاريخي الذي كتب فيه روايات شهيرة منها "أوليفر تويست"، والذي تحول إلى متحف يحمل اسمه في لندن، كما أن منزله الذي ولد فيه في مدينة بورتسموث تحول إلى متحف يدعى "متحف مسقط رأس تشارلز ديكنز".
ويحتفظ متحف فيكتوريا وألبرت في لندن بالمخطوطات الأصلية للعديد من رواياته، بالإضافة إلى مسودات الطبعات الأولى، والرسوم التوضيحية التي كان يمتلكها صديقه جون فورستر، كما يقف تمثال برونزي بحجمه الطبيعي بعنوان ديكنز ونيل الصغير (Little Nell)، والذي نُصب في عام 1890 في مدينة فيلادلفيا بالولايات المتحدة، ويوجد تمثال آخر بحجمه الطبيعي في مدينة سيدني الأسترالية، كما زينت شخصيات من كتبه مبنى المكاتب الذي تم بناؤه في موقع منزله السابق في لندن.