كتب : عبدالرحمن صقر
عقب ثورة 25 يناير، طفت التيارات الإسلامية على سطح المشهد السياسي بشكل ملحوظ، ولم تكن جماعة الإخوان فى هذا وحدها، بل ظهرت جماعات مثل «الدعوة السلفية» و«الجبهة السلفية» وأحزاب تدعي سلفية المنهج، وكانت الخلافات بينها ظاهرية، وليس كما يتوقع البعض أنها خلافات متعمقة وجوهرية، إذ تبلور معظمها فى إطار توزيع المناصب، ونسب التمثيل البرلماني.
وتبقى أي خلافات بين «الإخوان« و«الدعوة السلفية» سطحية، وتكون على الأولويات في بعض القضايا، وعلى رأسها على سبيل المثال رفض التيار السلفي هيمنة «الإخوان» على الحياة السياسية فى فترة من الفترات، إذ اعتبر السلفيون هيمنة الإخوان على الأوضاع السياسية وإمساكها بالقوة، سبب خلاف رئيسي بينهما.
البدايات متفقة
لم يكن الاتفاق بين الإخوان والسلفيين على التصويت على الإعلان الدستوري الأول فحسب، بل اتفقوا أيضًا في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية عام 2012، التي جرت بين الفريق أحمد شفيق، والمرشح المنتمي لجماعة الإخوان محمد مرسي، فدعمت السلفية «مرسي» في ذلك الوقت.
وكذلك كان هناك اتفاق، داخل اللجنة التأسيسية للدستور الذي وضعه الإسلاميون، خلال عام المعزول محمد مرسي، على تحويل الدولة من «مدنية» إلى «ثيوقراطية»، تدعم رجال الدين في السيطرة على نظام الحكم في البلاد.
وبالعودة إلى جذور نشأة بعض قادة التيار السلفي، نجد على سبيل المثال أن نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي تربى على منهج إخواني بحت، فقد كان والده وعمه من الذين ألقى القبض عليهم خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بحكم انتمائهما لجماعة الإخوان.
وقبل تأسيس «الدعوة السلفية»، بالإسكندرية خلال سبعينيات القرن الماضى، عمل الكثير من أعضاء الدعوة السلفية ضمن صفوف الإخوان داخل السجون، حتى وصلا الى مرحلة الصدامات التي شهدتها جامعة الإسكندرية، عام 1980 إذ بدأ الطلاب السلفيون فى الخروج من تيار الجماعة الإسلامية الطلابى لهيمنة طلاب الإخوان عليه خلال تلك الفترة.
توقير الشيطان
السلفيون عامة ورموزهم يقدرون «حسن البنا» مؤسس الإخوان (1928)، فيتردد دائمًا على ألسنتهم قول «ناصر الدين الألباني» حين تحدث عن «البنا»: «إذا كانت للأستاذ حسن البنا أخطاء فهي مغمورة في بحر حسناته ولو لم يكن لحسن البنا حسنة إلا تجديد شباب الدعوة لكفاه ذلك».
والمراقب لأساليب السلفية يجد أنها تتبع أساليب متلونة سريعة الوثوب والقفز من حالة لحالة، ومن خطاب إلى خطاب، بغرض الحفاظ على أرضيته ومكتسباته.
وما يتعلق بإنشاء الدعوة السلفية بنيتها الهيكلية وتنظيمها المغلق أو نجاحه في خلق ذراع سياسية له، يعتبر بمثابة الغطاء السياسي لممارساتها والذي يحميها من الكثير من الصدمات وتقلبات الواقع السياسي، ويُستخدم في تسهيل الحصول على مميزات وتحقيق مصالح أعضائه.
الإقصاء صورة واحدة
وجاءت استقالة خالد علم الدين، القيادي بحزب النور السلفي، والمستشار السابق للمعزول محمد مرسي، من الدعوة السلفية في أغسطس 2017، لتحدث زلزالًا داخل التيار السلفي، وحالة من الهياج لقيادات وعناصر الدعوة السلفية وذراعها السياسية حزب النور، خاصة عقب مطالبة «علم الدين» بالتزام الأدب وعدم التجاوز ضده، وهي التي شابهت ما حدث مع القيادي الإخواني عبدالمنعم أبوالفتوح، حين أعلن استقالته من جماعة الإخوان عقب ثورة 25 من يناير، فانقلب عليه مكتب الإرشاد، وهو التشابه في المواقف الذي يؤكد التقارب في كل شيء، حتى في الخلافات.
ويقول أحمد زغلول شلاطة، الباحث المهتم بشؤون الجماعات الإسلامية، في تصريحات خاصة لـ«دار المعارف» إن جميع الأحزاب الإسلاموية تتشابه في الفساد الداخلي في المناصب، والعلاقات و«البزنس» الداخلي المتبادل بين القيادات، بمعني التسكين في أماكن على حساب فتح مساحة في مكان آخر، وهذا الأمر ينطبق على حزب «النور» السلفي و«الحرية والعدالة» الإخواني.