لبى نداء الوطن بعد أسبوعين من الزواج ..حكاية أول شهيد فى حرب العزة والكرامة

كتب: هيثم بطاح

حرب السادس من أكتوبر معجزة حقيقية بكل المقاييس العسكرية والتى أظهرت  قوة وبراعة  الجيش المصرى الذي قهر العدو الإسرائيلى وحطم أسطورة خط بارليف المنيع  الذى أقامه العدو الصهيوني على طول الضفة الشرقية للقناة وتكمن المعجزة الحقيقية لحرب أكتوبر المجيدة في الفرد المقاتل ضباط وصف وجنود وسطر الجندي المصري ملاحم وبطولات حمل السلاح على ظهره وفدى الوطن بدمه ولا يمكن أن ننسى أول شهداء القوات المسلحة في حرب 6 أكتوبر 1973 وفقًا لإشارات التبليغ من الوحدات الفرعية التابعة للجيش  إنه البطل الشهيد " محمد حسين محمود مسعد" ابن قرية سنديون مركز قليوب بمحافظة القليوبية.

 " عبدالحميد حسين  " شقيق الشهيد حكى  قصة استشهاده  قائلا :  ولد شقيقي " محمد " فى منزل بسيط كنا نسكن فيه مع والدنا المزارع  بقرية سنديون التابعة لمركز قليوب وحصل على بكالوريوس الزراعة والتحق بالقوات المسلحة لأداء الخدمة العسكرية وتم توزيعه على سلاح الاستطلاع بالجيش الثانى الميداني بالإسماعيلية وكلف بالاستماع إلي الاتصالات اللاسلكية بين وحدات العدو الإسرائيلى لمعرفة اتجاهاتها وأوضاعها وإبلاغ القيادة بذلك ورصد الوضع الموجود فعليا  .

ويتابع شقيق الشهيد حديثه  لـ بوابة دار المعارف  : عقب إنهاء تجنيده خرج " محمد "  إلى الحياة المدنية وعمل باحثا اجتماعياً بوحدة طوخ لمدة شهر وتزوج  لمدة  15 يوما  ثم استدعته القوات المسلحة فى رمضان عام 1973 وبعد مضى أيام قليلة  تم السماح له بزيارتنا قبل الحرب  وكانت زيارة سريعة وسافر فى نفس اليوم إلى كتبيته وكانت الزيارة بمثابة اللقاء الأخير بيننا وبينه .

وتلتقط شقيقة الشهيد طرف الحديث متحدثة عن آخر زيارة لأخيها   " محمد "  قبل ما يسافر يوم الزيارة خرج من البيت  ومشي شوية فى الشارع ولقيته رجع تاني وقعد يقبلنى ويحضنى بقوة ويقبل يد والدتنا وقال لها "ادعيلي يا أمي أنا وزملائي علي الجبهة"  وكأنه حاسس  أنه بيودعنا ومش هنشوفه تاني " وزمايله قالولنا لما قابلونا أنهم قعدوا ينادوه يومها عليه "تعالا أفطر معانا يا محمد وكان يرد عليهم " مفيش داعي أنا هقابل رب كريم بعد شوية وهاكل في الجنة وظل يبكى وزملائه يسألوه عن السبب ويقول لهم  أنا مش خايف اني استشهد أنا  بس مش عارف أمي هيجرالها ايه لما تعرف ؟  .

وتتوقف لتسترجع ذكريات مضى عليها 44 عاما وتكمل : انقطعت أخبار " محمد "  حوالى عام ومش عارفين نوصل لحاجة ولما أخويا " عبدالحميد " وكان جنديا وقتها بالقوات المسلحة  راح سأل  فى مكان خدمة " محمد "  أخبروه أنه أول شهيد سقط على الجبهة وتم دفنه فى مقابر الشهداء بالإسماعيلية وقعدنا نزور قبره على مدار  3 أشهر  لحد ما فى يوم  لقيت أمى تقول لى " أخوكى جالى فى المنام وبيقولى "أنا محمد يا أمي ويا ريت الغريب يرجع بلاده "  وطالبنا بضرورة نقل جثمانه  من هناك ودفنه فى مقابر القرية وبالفعل قدمنا طلب والقوات المسلحة وافقت و ساعدتنا  وأشرفت

على نقل الجثمان حيث دفن بمقابر القرية .

ويفجر شقيقه مفاجأة أنه عندما أحضروا شقيقه من مقابر الشهداء كان جثمانه وكأنه استشهد حديثا رغم مرور حوالى 14 شهر على وفاته  مستطردا : لقينا الجثمان سليم زي ما هو كأنه لسة ميت فى نفس اليوم  وبدلته وحذائه ومعداته زي ما هى  حتى الناس فى القرية  مكنتش مصدقة وبعضهم راح يتحسس جسده بعد تكفينه عشان يتأكد  وتم تشييع جنازته من المنزل ودفنه بمقبرة بمفرده كما أوصت القوات المسلحة بذلك  وتحت إشرافها واغلقوها بالأسمنت نهائيا حتى أن والدتى كانت ترغب في الدفن بجواره لكن لم نلبى طلبها .

وذكر شقيق الشهيد أنه بعد مرور عشرات السنين تم إطلاق اسم شقيقه  على مدرسة إبتدائي  وشارع بالقرية  تكريما له  لكن أسرته تتمنى  أن يلبى رئيس الجمهورية  والمسئولين طلبهم بمنح أحد أفرادها فرصة حج أو توظيف أحد أبنائهم أسوة بأسر الشهداء الذين يسقطون فى هذه الأيام.

وقام الدكتور علاء عبدالحليم محافظ القليوبية اليوم السبت بوضع  إكليل من الزهور على قبر الشهيد بقرية سنديون بقليوب بحضور عدد من التنفيذيين وأسرة الشهيد بمناسبة الذكرى الـ 45 لاحتفالات مصر والقوات المسلحة بنصر أكتوبر المجيدة للوفاء لشهداء مصر وعرفاناً بما قدموه للوطن من بطولات وتضحيات دفاعا عن سلامة الوطن .