سياسي فلسطيني: تدمير الاحتلال مقومات الحياة في غزة يهدد بقاء دولة إسرائيل

سياسي فلسطيني: تدمير الاحتلال مقومات الحياة في غزة يهدد بقاء دولة إسرائيلالدكتور عائد زقوت

عرب وعالم10-2-2024 | 18:10

خمسة أشهر يواصل فيه العدوان الإسرائيلي حربها الغاشمة على قطاع غزة، الذي سكنت فيه ملائكة الموت، وباتت تحصد مائات الأرواح كل يوم، بل كل لحظة، معاناة جسيمة يعيشها جميع سكان القطاع لليوم لـ127 منذ بدء الحرب؛ التي أدت إلى استشهاد ما يزيد عن 27 ألف شهيدًا، 67 ألف مصابًا، معظمهم من الأطفال والنساء، فضلًا عن نزوح أكثر من 90% من سكان القطاع، كل هذا وسط شح الماء والغذاء والدواء، فـ«المعاناة والألم» أصبح عنوانًا بارزًا على جبين جميع سكان قطاع غزة، الذين يمروون بكارثة إنسانية، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وفي ظل هذه المأساة، يخرج رئيس الوزراء الإسرائيلي ويكرر أن الحرب لن تنتهي، وكأنه الفلسطينييون حسب معتقداته الوحشية لا يستحقون الحياة.

يقول الدكتور عائد زقوت الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني لـ«بوابة دار المعارف»: مع بداية الشهر الخامس للحرب العدوانية على الشعب الفلسطيني، ومع إصرار الاحتلال الإسرائيلي على استمرار إطلاق كرة اللهيب المتدحرجة والمتدرجة، لا زال الفلسطينيون يواجهون بصمود وتحدٍ منقطع النضير هذا العدوان الجائر والجامح، عن كل القوانين والأعراف الدولية والدينية والإنسانية، بما يحمله من تدمير متعمد وممنهج لكل مقومات الحياة من بنى تحتية، ومؤسسات ومباني حكومية، لخلق بيئة طاردة بحيث لا يترك للفلسطينيين مجالا للتفكير إلا في الهرب والنجاة بالنفس، وبمعنى آخر تسعى إلى التطهير العرقي وذلك بجعل غزة غير قابلة للحياة.

ويضيف: من خلال الواقع المرير الذي يعيشه أبناء الشعب الفلسطيني، بتعاظم الكارثة الانسانية والبيئية بسبب نذرة المساعدات الانسانية التي تسمح بالبقاء، ومحاربة ومعاقبة المؤسسات الانسانية العاملة في غزة وفي مقدمتها وكالة الأونروا المسئولة عن غوث اللاجئين الفلسطينيين؛ بحجب التمويل عنها بحجة ادعاء اسرائيل أن ما نسبته واحد من الألف من موظفيها شاركوا في أحداث السابع من أكتوبر؛ وإثارة حالة من الفوضى والانفلات الأمني، وظهور البلطجة، وتكدس حوالي مليون ونصف فلسطيني في مدينة رفح صغيرة المساحة، والتي لا تستطيع بنيتها التحتية تحمل هذه الأعداد المهولة من الناس، لا سبيل للخروج من هذه الأزمة إلا بوقف نزيف الدم السائل، وإسقاط الموت، وحِمَام الخوف والتشريد.

ويتابع: العدوان الاسرائيلي على غزة لا ينفصل عن الاستراتيجية الأميركية في المنطقة من حيث دمج اسرائيل في المنطقة، ووضع مقاربة أمنية جديدة لدولها عبر التطبيع مع المملكة العربية السعودية، وتأهيل إيران للشراكة في مسار السلم والحرب في المنطقة الشرق أوسطية، بحيث تشير الاستراتيجية العسكرية الأميركية في المنطقة إلى تقوية نفوذ طهران لا تقويضه، فعلى سبيل المثال الاستراتيجية الغربية حيال اليمن ما زالت على حالها منذ رفض تأييد الحكومة الشرعية والتحالف العربي لتحرير الحديدة، وفرض اتفاقية استوكهولم 2018، ويؤكد هذا محدودية الضربات العسكرية للحوثيين، وكذلك عمدت أميركا إلى عسكرة البحر الأحمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى الاضرار بمصالح الدول العربية المطلة عليه، وفي مقدمتها مصر وأثره البالغ على قناة السويس، وتكون بهذا عالجت الأثر الناجم من الضربات الحوثية للملاحة في البحر الأحمر بديلاً عن الحل الجذري للمشكلة اليمنية.

ويستكمل: بالإضافة إلى عدم اللجوء إلى اجراءات رادعة لإيران مباشرة، علاوة على ذلك غياب التسويات في كافة الدول التي تعمل فيها الأذرع الإيرانية والمتأيرنة على حد سواء مما يساهم في استمرار اضعاف تلك الدول، في هذا الإطار يأتي التعنت الإسرائيلي الذي جاء على لسان نتياهو بالاصرار على استمرار الحرب ليس في غزة بل في المنطقة كلها تماهيا مع الاستراتيجية الأميركية نحو فلسطين، بغرض إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، منقوصة السيادة على أراضٍ من الضفة الغربية وقطاع غزة دون القدس، بحيث لا تمتلك هذه الدولة أسلحتها الخاصة خلال الخمسين سنة المقبلة، ولن تمارس سيادتها الأمنية على حدودها، بل ستحصل على السيادة المدنية الكاملة على أراضيها إلى أن يستقر الوضع الأمني، وبعد ذلك باتفاق الطرفين، قد تكون هناك تغييرات في هذا الشأن.

ويضيف: على الرغم مما تواجهه إسرائيل من تفاعلات معقدة وتحديات دبلوماسية، وسياسية، واقتصادية؛ ومع الأخذ بعين الاعتبار المكاسب الذاتية لرئيس الوزارء الإسرائيلي باستمراره في منصبه حال استمرار الحرب؛ والتجاذبات الداخلية في اسرائيل حيث بات بيني غانتس وحزبة على مسافة الصفر من الانسحاب من مجلس الحرب والحكومة؛ فإنّ هذا لا يعني ضرورة وجود تحوّل استراتيجي في السياسة الإسروأميركية في المنطقة العربية، فكما هو ملاحظ تعمَد اسرائيل وأميركا على تسخين كافة الجبهات وأهمها الجبهة المصرية حول محور صلاح الدين والمنفذ البري بين قطاع غزة ومصر، والتنافر في الرؤيا مع مصر خصوصًا حول خطة اجتياح مدينة رفح، بحيث تنوي اسرائيل إحداث تغيير جيو حركي بنقل موقع الممر البري من موقعه الحالي إلى منطقة معبر كرم أبو سالم في المثلث الحدودي بين مصر وقطاع غزة واسرائيل، لإطباق الحصار على غزة، وخلق منطقة ساخنة باستمرار على الحدود المصرية قد تتطور إلى وضع قواعد اشتباك دائمة لإطباق حدود الدولة المصرية بالمناطق الملتهبة شرقًا وجنوبًا وغربًا؛، والتي قد تنزلق فيها مصر إلى صراع أوسع يقوض عجلة التنمية والبناء واضعاف الدولة المصرية، واعادة توجيه المنحنى العسكريتاري المصري للانكفاء حول ذاته.

ويتابع: تَعمد أميركا لخلق مبادرات مصقولة؛ لتثبيت هيمنتها على المنطقة العربية، وتستمر في حصار العقل العربي، بما تشيعه عبر أدواتها الاعلامية في قضايا عديدة ومن بينها؛ ترسيخ مفهوم، أن عدم إعطاء الفلسطينيين دولة ذات سيادة هو تهديد مستمر لأمن المنطقة الشرق أوسطية بأسرها، بل ويهدد بقاء دولة اسرائيل، هذا التصور يتناقض كليًا مع الاستراتيجية الإسروأميركية القائمة على استمرار حالة اللّا سلم واللا حرب؛ وخلق المشاكل ثم التدخل لادارتها لا حلها؛ وإشاعة مناخ عدم الاستقرار في المنطقة باعتباره الضامن لبقاء إسرائيل.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2