قال مدير مكتبة الإسكندرية الدكتور أحمد عبد الله زايد، إن المكتبة حريصة على تنشئة جيلٍ واعٍ ومثقفٍ، لذلك أولت منذ افتتاحها اهتمامًا خاصًّا بالطفل وأنشطته؛ فسعت إلى غرس حب القراءة في نفسه وإلى صقل مواهبه الفنية وتنمية مهاراته العلمية والإدراكية، وتشجيعه على الإبداع من خلال مختلف برامجها وأنشطتها، موضحا أن تأثيرات الثورة الصناعية الرابعة متعددة ومتعاظمة على الأجيال الجديدة في العالم العربي.
جاء ذلك خلال كلمته في منتدى المجتمع المدني العربي للطفولة السادس تحت شعار "تمكين الطفل العربي لعصر الثورة الصناعية الرابعة وما بعدها"، والذي يقام بالشراكة بين المجلس العربي للطفولة والتنمية وجامعة الدول العربية وبرنامج الخليج العربي للتنمية "أجفند" ومكتبة الإسكندرية، وذلك بمقر مكتبة الإسكندرية.
وقال زايد، إن العالم يتسم اليوم بالتعقيد وسرعة التغير، حيث تتم إعادة تعريف المعايير الاجتماعية والاقتصادية والسياسية باستمرار، فالحد من الفقر، وتعزيز النمو الاقتصادي، والتوظيف، وإدارة التحولات الديموغرافية (علم دراسة السكان)، وتعزيز التنوع والمساواة، ومعالجة تغير المناخ، وضمان السالمة العامة، والاستجابة للتحضر والثورات الصناعية باختلاف مراحلها هي بعض التحديات التي يواجهها كل مجتمع من مجتمعاتنا العربية الآن، والتي ينبغي معالجتها على مستويات متعددة، وهو ما يوضح الحاجة إلى تطوير رؤى واضحة للسلم والازدهار والتنمية المستدامة في المجتمعات.
وأضاف أنه سعيًا لمواجهة كل هذه التحديات المتصاعدة، يقوم المعنيون عبر العالم بالتأمل والاطلاع والبحث للخروج بنظريات ونماذج لمواجهة هذه التحديات، بل أحيانا قد تتعدي هذه النماذج والنظريات حدود أن يكون تطبيقها على مستوى ضيق وتنتشر أفكارها وتطبيقاتها على مستوى عالمي لتكون ثورة كما حدث في الثورات الصناعية التي مر بها العالم بدءًا من الأولى وحتى الخامسة ولعل الذي ميزها بأن تكون ثورة هو مصاحبة نماذجها ونظرياتها بتطبيقات حياتية يستفيد منها البشر بالفعل محدثة طفرات وتحولات كبيرة في جذور المجتمع العالمي.
ونوه بأن التداعيات الكبيرة على المجتمعات المختلفة الناتجة عن التحولات الثقافية والعلمية والمعرفية التي شهدتها السنوات الأخيرة، هي ما أفرز مصطلح الثورة الصناعية الرابعة التي أثرت في جميع مجالات الحياة، ومنها الأثر الكبير على الأجيال الناشئة في مختلف بقاع الأرض وخاصة في منطقتنا العربية.
ومن المعلوم أن تلك الثورة الصناعية الرابعة التي ظهرت كمصطلح جديد يُعرف بأنه استخدام تطبيقات لتكنولوجيات ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء، والمركبات ذاتية القيادة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وتكنولوجيا النانو، والتكنولوجيا الحيوية، وعلم المواد، وغيره، وقد يصاحبها ثورة فكرية للتعامل مع هذه التكنولوجيا المتقدمة؛ الأمر الذي يتطلب من عالمنا العربي وأجيالنا الجديدة الاستعداد والتهيئة من أجل تمكين أطفالنا لهذه الثورة القادمة، ودخول هذا العالم الجديد.
ولفت إلى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تجاوزتِ الحدود التقليدية للألعاب الإلكترونية لتدخل جميع تطبيقات الحياة المعاصرة بما فيها التعليم، والذي تحول من التعليم التقليدي إلى التعليم عن بُعد والتعلم الرقمي والتعليم عبر الوسائط المتعددة، وهو ما يدعو إلى الحفاظ على ركائز التعليم مع الإتاحة للنماذج الرقمية الحديثة.
وذكر مدير مكتبة الإسكندرية، أن تأثيرات الثورة الصناعية الرابعة متعددة ومتعاظمة على الأجيال الجديدة في العالم العربي في ظل البحث عن مستقبل يتم من خلاله استغلال تلك التقنيات الحديثة والإفادة منها مع التأكيد على تجنب آثارها السلبية التي تتجاوز حدود المكان وتتعلق بالجانب الأخلاقي والقيمي للفكر والثقافة العربية في ظل الانفتاح الكبير والهائل لتلك المنظومة التكنولوجية الرابعة.
وبالتالي فإن هذه الثورة لن تؤثر فقط على ما نفعله في التربية والمجتمع والإنتاج فقط، بل ستؤثر أيضًا علينا نحن البشر، وهنا يبدو أطفالنا أمام تحدٍّ حقيقي فيما يرتبط بتداعيات تلك الثورة الصناعية وكيفية المواجهة الثقافية والفكرية والعلمية في سبيل تنمية الطفل وتنشئة أجيال جديدة تواجه المستقبل بوعي وفكر استشرافي جديد.
وأعرب عن سعادته أن يتضمن المنتدى أيضًا هذا العام إطلاق أول دراسة عربية استكشافية حول "مدى جاهزية الطفل العربي في عصر الثورة الصناعية الرابعة"، ومناقشة واقع المجتمع المدني العربي للطفولة في ظل المتغيرات الراهنة، فضلاً عن وجود جلسات حوارية مع الأطفال والشباب، وعرض لتجارب ومبادرات في مجالات المجتمع المدني والثورة الصناعية الرابعة، وذلك بمشاركة ما يقرب من 250 مشاركاً يمثلون الخبراء وممثلي المنظمات العربية والمؤسسات المعنية بالطفل من مختلف الدول العربية.