أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير الدكتور محمد حجازي، أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى مصر تؤشر لمسار جديد من العلاقات الثنائية بين البلدين القائمة على الثقة المتبادلة واحترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشأن الداخلي، مشدداً على أن الزيارة تعد استراتيجية بالنظر إلى أبعادها وتوقيتها.
وقال السفير محمد حجازي، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأربعاء، إن الزيارة تحمل عدة أبعاد، وتتركز على بحث عدة ملفات رئيسية، اتصالا بالأوضاع الإقليمية المرتبطة بالملف الأمني الذي كان عالقا بين الدولتين فيما يخص التعامل مع الأزمة الليبية، فضلا عن الأبعاد الإقليمية والجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، لا سيما فيما يتعلق بالأوضاع في غزة وما يشهده إقليم الشرق الأوسط من تطورات، مضيفاً أن الزيارة تشمل كذلك محورا يتعلق بالعلاقات التجارية والاقتصادية ذات البعد الثنائي.
وأوضح حجازي أنه فيما يتصل بالبعد الأمني والعسكري، فقد توافقت الدولتان على تعزيز قدراتهما في مجال التصنيع المشترك، وكذلك في العديد من الصناعات العسكرية الهامة التي تملك فيها الدولتان إمكانيات متميزة، بالإضافة للعمل من أجل تعزيز قدرات البلدين كدولتين صاحبتي تأثير ومكانة إقليمية مؤثرة، لافتا إلى أن التعاون الأمني والعسكري سيمتد أيضا للأوضاع الإقليمية المرتبطة بالملف الليبي، حيث تتقارب رؤى الدولتين الآن في هذا الملف خاصة بعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية التركي إلى بنغازي وحديثه عن فتح القنصلية التركية هناك.
وأوضح حجازي أن مصر وتركيا باتتا مهيأتين للدفع من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، استناداً إلى انتخابات تقود لتوحيد الوطن الليبي لخدمة شعبه والتوافق بين التيارات السياسية المتنافرة في المرحلة الحالية.
وتابع مساعد وزير الخارجية الأسبق أن القاهرة وأنقرة ستعملان من أجل تثبيت التفاهم المصري التركي استناداً إلى تأسيس علاقات مبنية على عدم التدخل في الشأن الداخلي، مستطردا: "ومن هنا يأتي التواصل في إطار أمن الطاقة، حيث تعتمد أنقرة حاليا على معظم وارداتها من الطاقة على الغاز المصري والذي يصل حجم تبادله لنحو 2 مليار يورو، بالإضافة للآفاق الأوسع للترابط المستقبلي عبر شبكة الغاز المصري إلى الأردن ومنها عبر سوريا، للشبكة التركية ثم إلى الشبكة الأوروبية الموحدة، وبالتالي فإن آفاق التعاون في هذا المجال قائمة، خاصة وأن أنقرة تعلم أن مصر عندما رسمت حدودها مع اليونان احترمت الجرف القاري التركي، وتركت نقاط التماس التي تعترض فيها الجزر اليونانية، (الحدود البحرية التركية)، الأمر الذي دفع تركيا للترحيب بهذا الأمر".
ونوه إلى أن مصر وتركيا بوصفهما القوتين البحريتين الأهم في شرق المتوسط ستكونان عاملي استقرار وتفاهم، خاصة وأن منطقة شرق المتوسط بدت إحدى ركائز أمن الطاقة، في أوروبا ارتباطا بالأزمة الأوكرانية وتوقف الغاز الروسي.
وفيما يتعلق بالعلاقات التجارية والاقتصادية، أشار السفير حجازي إلى أن هناك توقعات بانطلاقة كبرى، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري منذ عام 2022 من 6 إلى 10 مليارات دولار، كما أن استثمارات رجال الأعمال في مصر وصلت لنحو 2 مليار دولار، مما يهيئ لانطلاقة بين البلدين، خاصة وأن تركيا تحتاج السوق المصرية، بوصفها سوقاً ضخمة ومؤثرة.