ما أشبه اليوم بالبارحة ، فلما حان وقت القضاء على جيش العراق ، ادعي المكره وجود أسلحة الدمار الشامل بها ، وهي المحرمة دولياً ، والمباح تملك بلادهم لها ، وساعدهم في تنفيذ خطتهم ، أعوانهم من الخونة والمتآمرين ، الذين نصبوهم في أماكن اتخاذ القرار ، بعد أن جندوهم لتنفيذ أجنداتهم ، و لتكون الصناعة عربية ، و يظلوا هم أصحاب الليقات النظيفة ، رعاة الحرية وحماة حقوق الانسان ، يخدعون البلهاء زيفاَ وزروا.
ولما ضاعت العراق بأكملها وليس الجيش فقط ، بل ضاع الجيش والنظام والبنية التحتية والتراث والتاريخ ، وضاع حلم الابناء ، وضاعت البسمة ، بل نستطيع أن نقول ضاعت الحياة بها ، كل شيئ بها تأثر سلباً ، إلا آبار البترول ففد حافظوا عليها خير محافظة ، لاستغلالها والاستفادة منها.
واليوم بعد أن بدأت مرحلة جديدة ، في تحقيق حلمهم واقامة دولة إسرائيل الكبري ، التي رسموها من النيل الي الفرات ، ولم يصبح الأمر سراً ، بل أعلنوا ذلك تبجحاً في تصريحات غير رسمية
فراحوا يدمرون ما بقي من فلسطين ، ويقضون علي الأشبال و الأطفال والرضع والنساء في فلسطين ، حتي لا يجدوا من يقاومهم في المستقبل.
وراحوا يحاصرون الباقي من الفلسطنين ويدفعونهم بنيران المدافع والقنابل والصواريخ و كأنها جرافات تزيحهم نحو الجنوب ، تمهيداً لإجلائهم وتهجيرهم قسرياً من أرض فلسطين إلي أرض مصر ، علي مرأي ومسمع العالم أجمع ، ضاربين بعرض الحائط مبادئ حقوق الانسان والحرية ، التي طالما صدعوا العالم بها ، وقضوا علي أنظمة دولية بها ، وتدخلوا في أمور دول بها.
ولما وقفت مصر موقف الاسود وهو ليس بجديد عليها ، فهو مصير أم الدنيا علي مر الزمان ، ولما تعلم من دنائة مخطتاتهم ، وخسة أفعالهم ، تدافع عن القضية الفلسطينية وتندد بأعمالهم الاجرامية
راحوا يوجهون الاتهامات لها زوراً وبهتاناً ، لعلهم يلهون العالم عن أفعالهم الاجرامية ، التي أغضبت شعوبهم وجعلتهم ينظمون الوقفات الاحتجاجية منددين بأفعال حكوماتهم ومطالبين بوقف تلك الافعال الإجرامية.
فراحوا يقولون أن مصر تغلق منفذ رفع ولا تسمح بدخول المساعدات للفلسطنين ، في الوقت الذي يشهد العالم كله دور مصر في هذا الأمر ، حتي أنها رفضت خروج الرعايا الاجنبية الا بدخول المساعدات للفلسطنين.
ثم راحوا يتهمون مصر تبجحاً بأن مصر هي التي ساعدت الفلسطنين في أحداث 7 أكتوبر ، ربما يبررون بذلك خيبتهم ، أويجعلوها شماعة يعلقون عليها فضيحتهم وخسارتهم و الآن وبعد أن نجحوا في إزاحة الفلسطنين الي الجنوب ، ولم يبقي إلا تهجيرهم قسرياً الي الأراضي المصرية ، و بعد ان أصبحت مصر هي العائق الوحيد في تحقيق مخطتهم ، راحوا يصرحون بأن مصر تمد الفلسطنين بالسلاح عبر الأنفاق ، و كأنهم يتحرشون ب مصر لجرها في الحرب ، وهو الأمر الذي فشلوا فيه علي مدار سنين كثيرة لوعي القيادة السياسية ، بداية من الحرب في سوريا ، ثم اليمن ، ثم اثيوبيا باستفزازات عديدة
بالأمس كانوا يتهمون مصر بأنها تمنع المساعدات عن الفلسطنين واليوم يتهمون مصر بأنهم يمدونهم بالسلاح عبر الأنفاق
وعلى رأي المثل العربي ، " اذا كان المتكلم مجنون فالمستمع عاقل " إذ كيف لم تستخدم الأنفاق في توصيل المساعدات الغذائية وفي الوقت نفسه تستخدم في توصيل السلاح ، و أين كنتم عندما كانت تلك الأنفاق تصدر الإرهاب الي مصر ، تحت مرآكم ومسمعكم ، ونجحت مصر في منعه والقضاء عليه ورد كيد الكائدين بغلق جميع الأنفاق، والعالم كله يعرف أن المصرين لم يعتدوا أبداً، ولم يكونوا دعاة حرب أبداً ، إنما هم دائماً و أبداً دعاة السلام ، يدفعون بالتي هي أحسن ، عملاً بقول الله تعالي وبتعاليم الإسلام، لكن اذا ما فرض علينا القتال ، فكل المصريين جنود ، يقدمون الغالي والرخيص فداءً للأرض والعرض والكرامة.
فإذا كانت تلك وجهتكم فتذكروا جيداً أن مصر حافظها الله من فوق سبع سماوات، وأن مصر دائما و أبداً مقبرة للغزاة والطامعين ، وأن شعبها غير أي شعب وجندها خير أجناد الأرض كما قال من لا ينطق عن الهوي صلي الله عليه وسلم، وإن كنتم تشكون في ذلك ، فاسمعوا وصف الحجاج بن يوسف الثقفي للمصريين ، وتعرفون من هو الحجاج بن يوسف ، قال عنهم :
أنهم قتلة الظلمة ، وهادمي الأمم ، ما أتي عليهم قادم بخير ، إلا التقموه كما تلتقم الأم رضيعها ، وما أتي عليهم قادم بشر ، إلا أكلوه كما تأكل النار أجف الحطب ، وهم أهل قوة وصبر وجلدة وحمل ، لا يغرنك صبرهم ولا تستضعف قوتهم ، فهم إن قاموا لنصرة رجل ما تركوه إلا والتاج علي رأسه ، وإن قاموا علي رجل ما تركوه إلا وقد قطعوا رأسه , فاتق غضبهم ولا تشعل ناراً لا يطفئها إلا خالقهم , فإنتصر بهم فهم خير أجناد الأرض , وأتق فيهم ثلاثاً : نسائهم فلا تقربهم بسوء , والا أكلوك كما تأكل الأسود فرائسها – أرضهم وإلا حاربتك صخور جبالهم – دينهم وإلا أحرقوا عليك دنياك , وهم صخرة في جبل كبرياء الله تتحطم عليهم أحلام أعدائهم وأعداء الله .
وأذكر نفسي واخواني المصريين بقول الله تعالي : ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾
[ البقرة: 216]