وجع دماغ

وجع دماغعاطف عبد الغني

الرأى18-2-2024 | 17:40

جانب كبير من التقدم العلمي في الغرب " التقدم العلمي لا يعني التحضر " انشغل بأفكار هي في الحقيقة ضد عقائد الإيمان الواردة في الأديان السماوية ، ولا يدرك مدعو الحضارة الغربية ، ولا المبهورون أنهم في حرب مع الله، لأنهم بالأساس ينكرون الأديان أو لأنهم ألهوا الإنسان وجعلوه سيدا مطلقا في الكون، ولا سيد فوقه.

هذا المبدأ الأساسي الذي نادت به الثورة الفرنسية ( الماسونية ). وفي تطور للرؤية السابقة يعرف الغرب الآن حركة يطلق عليها ما بعد الإنسانية (بالإنجليزية: Transhumanism)‏ وتختصر التســمية أحيانـــا إلي الرمزيــــن " >H أو H+ "، وهذه الحركة الفكرية الفلسفية تدعو إلي استخدام العلوم والتكنولوجيا المتطورة بشكل عام؛ لتعزيز قدرة الإنسان العقلية والفيزيائية (الجسدية) وقدرة تحمله، وصولا إلي إلغاء ما يعتبر غير مرغوب فيه مثل الغباء، المعاناة، المرض، الشيخوخة، وصولا إلي التخلص من الموت.. نعم هم يفكرون كيف يلغون الموت؟!، وأكثر من ذلك أنهم يسعون إلي هندسة خليقة غير تلك التي أوجدها الله علي الأرض، ويسمونها .

"ما بعد الإنسان"، ليس حتي الإنسان السوبر، ولكن الإنسان المخلد في الدنيا بجسده ولتحقيق ما سبق يتم اللجؤ إلي كل السبل الحديثة المتاحة لتحقيق الهدف السابق، ومن هذه السبل التقدم التكنولوجي وعلي الأخص في مجالي: زيادة قدرة الحواسيب، والتعمق في دراسة الدماغ والتعرف علي أسرار أدائها بطرق القياس؛ لأجل تحسين العقل البشري، كما يدعي القائمون علي هذه الأبحاث، وغيرهم الذين لا يزالوا يبحثون عن أسرار الطبيعة: كيف نشأ الكون وإلي أين؟ وكيف نشأت الحياة؟!.. وهي كلها كما أسلفنا أسئلة الملاحدة، الذين ينكرون وجود الله ويستبدلونه بالعلم والتكنولوجيا.

ومن وجهة أخري فإن الجهات، التي تصرف الأموال الطائلة علي تلك الأبحاث تسعي إلي الوصول للسيطرة علي عقول البشر والتحكم فيها وتوجيهها، هو جزء مما نعرفه، ويتم توظيفه اليوم في "حروب الجيل الرابع " وبالطبع هناك في الغرب نفسه من يعارض .

ما سبق ويعزو معارضته لهذه الأبحاث وتجاربها، لأسباب أخلاقية ويرفض السير فيها، لكن صوت المعارضة أضعف من أن يوقف هذا العبث، الذي صارت له مؤسسات ضخمة وأفراد تملك أموالا طائلة في الغرب تنفق عليه وتشجعه والسؤال: ألا يصح لأصحاب الديانات والعقائد الصحيحة أن يتوحدوا لإنقاذ الإنسانية، من خلال إعلاء للنموذج المعرفي الإلهي، الذي كرّم الإنسان وجعله سيدا علي باقي المخلوقات وأنه سيد في هذا الكون، وليس سيدا له، لأن سيد الكون وخالقه هو الله، أما الإنسان فهو المخلوق المكلف بعمار الكون وليس تدميره بتجارب عبثية تتضارب مع منهج الخالق الأعظم.. الله

أضف تعليق