عاطف عبد الغنى يكتب: «الورد اللى فتّح فى جناين مصر»!

عاطف عبد الغنى يكتب: «الورد اللى فتّح فى جناين مصر»!عاطف عبد الغنى يكتب: «الورد اللى فتّح فى جناين مصر»!

*سلايد رئيسى19-10-2018 | 15:44

ماذا حدث خلال الـ (7) سنوات الماضية فى عمر مصر؟!

الإجابة: حدث الكثير.. جدًا، من التغيير، لن أتحدث عن حرب الإرهاب ومواجهات أعداء الوطن، ولا عن البنية الأساسية والطرق والكبارى التى تم إنشاؤها، ولا العاصمة الإدارية الجديدة، ولا اكتشافات حقول الغاز بعد ترسيم الحدود البحرية، ولا حملة مكافحة فيروس (سى)، ولا إصرار الدولة والقيادة السياسية على إصلاح أحوال التعليم، ومنظومة الصحة، وضبط التشريعات والقوانين، والمحاولات الخرافية لجذب الاستثمارات فى عالم يتصارع على الفرصة صراع الجبابرة.

لن أتحدث عن رفع قدرات وكفاءة تسليح الجيش، ولا نشاط الرقابة الإدارية الذى يتجاوز مكافحة الفساد إلى العمل على إيجاد بنية معلوماتية أساسية للدولة المصرية بين قوسين (الحديثة).

ولن أتحدث عن نداءات جهاز المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر الموجهة للمواطنين وخاصة الشباب أن تعالوا بأفكار مشروعاتكم، واحصلوا على الأموال الكافية لأن ترى هذه المشروعات النور، ولن أتحدث عما كتبته المجلة الاقتصادية الأولى فى العالم التى لم تتورع فى الماضى القريب عن مهاجمة مصر، وقد نشرت فى أحدث تقرير لها ما يكاد يتطابق مع إعلانات الداخل عن التوقعات المبشرة لمصر خلال الأعوام القليلة القادمة، وهو ما يتوافق مع ما قاله الرئيس السيسى قبل أيام فى الندوة التثقيفية فى الذكرى الـ (45) لنصر أكتوبر واعدًا بأن وجه مصر سوف يتغير خلال عامين..

فأهم من كل ما سبق – من وجهة نظرى – هو الإنجاز المجتمعى.. التغيير الذى حدث فى البشر.

(1)

الأطفال تستغرقهم أحلامهم الصغيرة، والكبار يرون أن مستقبلهم خلفهم وليس أمامهم، والشباب هو الذى يحلم بالتغيير، بأن يأتى بقطعة من الجنة إلى الأرض، دون أى حسابات فهو ينطلق من طموحاته التى لا حدود ولا سقف لها، تغذيها الطاقة الهائلة المختزنة بداخله والتى إذا لم تجد متنفسًا طبيعيًا وإيجابيًا لها فإما أن تقضى على صاحبها يأسا وإحباطا، أو تنفجر فى وجه المجتمع قنبلة إرهاب وتدمير.

(2)

ثلاثة أرباع المصريين – على الأقل – الذين خرجوا إلى الشوارع ونزلوا الميادين فى 25 يناير 2011 وما بعدها، كانوا فى سن الشباب، ويشير أحدث تعداد لسكان مصر (الصادر فى شهر سبتمبر من العام الماضى 2017) إلى أن الفئة العمرية الأكبر من المصريين هى فئة الشباب، أو كما قالت إحصائيات التعداد إن المجتمع المصرى «شابًا وفتيًا» فهناك – على الأقل – حوالى 40 مليون يمكن أن نطلق عليهم اصطلاحًا وصف الشباب هذه الفئة العمرية التى ترى المستقبل أمامها، فتحلم وتسعى إلى التغيير، ومن هؤلاء خرجت النسبة الأكبر إلى الشوارع والميادين قبل 7 سنوات غاضبة بعد تجييشها فى صفوف المعارضة المدمرة.

لقد وصل بهم الإحباط على إثر التهميش وانسداد الأفق إلى حد الكفر بمؤسسات الدولة، والأفراد من أصحاب القرار، وغابت المواثيق الاجتماعية الحاكمة للعلاقات بين الدولة والمواطن، وبين المواطنين وبعضهم البعض، وغابت البرامج والسياسات الشبابية الحقيقية فى كل المجالات، وعلى الإجمال تحول الإصلاح السياسى والاجتماعى إلى ما يشبه التمثيلية، الممثلون فيها كبار المسئولين فى الدولة، والمتفرجون هم الشعب، والعرض الكبير كان يقدم على خشبة الحزب الوطنى، فى مؤتمراته وتحركاته وتمهيده الأرض للتوريث.

.. يحدث هذا فترتفع حدة الغضب عند المواطن وتتسع مساحة القطيعة ما بين غالبية الشباب المهمش ومؤسسات الدولة، ثم ينسحب هذا الغضب وهذه القطيعة إلى الوطن نفسه، فيسعى الشاب لا شعوريًا إلى الانخلاع عن جذوره وانتمائه، ومع تغذية هذا الشعور بدعايات مسمومة كارهة لهذا الوطن، تتحول طاقة الغضب النبيل، إلى طاقة تدمير وهدم.. أليس هذا ما حدث؟!

(3)

والآن وبعد 7 سنوات يحق لنا أن نسأل: أين ذهب هؤلاء الشبان الغاضبون.. وماذا اعتراهم؟!

وكثير من هؤلاء الشبان ممن كانوا فى صفوف المعارضة الغاضبة، أو كانوا من أبناء النظام فى الحزب الوطنى، مقتنعين به، أو منخرطين عن وعى فى عالمه المزيف لأى سبب، هؤلاء وأولئك أنفسهم تغيروا الآن، وقد آمنوا أن الواقع تغيّر بالفعل، وأنهم يستطيعون الآن أن يجدوا موضع قدم لهم فى مستقبل هذا الوطن وعربته التى انطلقت.

هم يرون الأمر جدًّا لا هزل فيه، وأن المشهد واقعى جدا وليس تمثيلا، وأنه لا مكان الآن، لفاسد، ولا فاسد مسنود من مسئول، ولا مسئول يحصل على مزايا المنصب دون بذل جهد حقيقى، وعمل مثمر، وعلى الإجمال هناك أمل كبير فى المستقبل.

(4)

لقد قابلت ثلاثة من هؤلاء الشبان خلال الأسبوع المنقضى وأدرت معهم حوارًا طويلا من خلال ندوة أقمناها عن دور شباب الأحزاب ومنتدى شباب العالم 2018 ، المقرر له الانعقاد خلال الأيام القليلة القادمة فى شرم الشيخ، فماذا قال هؤلاء الشباب ؟!.. قالوا الكثير الذى شعرت أنه خارج من قلوبهم، صادقًا.. فصدقتهم.

والشىء الغريب أننى تذكرت وأنا جالس إليهم عنوانًا أثار كثيرًا من الجدل أيام يناير وفبراير ومارس وشهور أخرى من عام 2011 وما بعده، والعنوان كان: «الورد اللى فتّح فى جناين مصر» وكان الوصف يطلق على بعض الشبان الذين سقطوا ضحايا جراء أحداث العنف التى تفجرت فى هذه الأيام الغاضبة، لكننا اكتشفنا بعد ذلك أن منهم فتاة ماتت منتحرة، ولم تكن من شهداء يناير، وحالات غيرها طالها الشك، وثار الجدل حولها.. تذكرت هذه الأحداث وأنا أنظر إلى الشبان الثلاثة ضيوف الندوة من شباب الأحزاب النشطين، والمشاركين فى منتدى الشباب القادم لتقديم بلدهم لضيوف العالم، فى أجمل وأبهى صورة، ليس للدعاية الفارغة، ولكن لجذب الاستثمارات، والسياحة، ونشر وتدعيم قيم السلام والمحبة فى منطقة ملتهبة بالصراعات، وغيرها من أهداف، وبعد أن اطلعت على أفكارهم وآرائهم الرائعة، وجدتنى أقول لهم أنتم بحق: «الورد اللى فتّح فى جناين مصر».

    أضف تعليق

    حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    إعلان آراك 2