بعد الحرب العالمية الثانية تشكلت هيئة الأمم المتحدة علي جثة "عُصبة الأمم"وفي داخلها تشكل مجلس الأمن أحد أهم وأخطر منظمات الهيئة الوليدة، وتكوّن هذا المجلس من 15 عضوًا بينهم الخمس دول المنتصرة في الحرب وهي أمريكا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا، الدول الخمس هذه، دائمة العضوية، وتمتلك حق النقض أو الاعتراض علي أي قرار والذي أصبح مشهورًا باسم " فيتو ".
هذه الخمس استخدمت الـ"فيتو" مرات عديدة علي مدار تاريخ مجلس الأمن ومعظم هذه القرارات كانت لمصلحتها أو لخدمة مصالح حلفائها، وأمريكا تعتبر ثاني أكبر دولة استخدمت حق ال فيتو في تاريخ المجلس بواقع 83 مرة منها 45 مرة لصالح إسرائيل.
أول قرار "فيتو" استخدمته أمريكا كان عام 1970 لإدانة حكومة الأقلية في زيمبابوي ، وبعد هذا القرار استمرت أمريكا في تسخير هذا الحق لمصلحتها ومصلحة ابنها المدلل إسرائيل، والمتتبع لتاريخ هذا الدعم المريب والمفضوح سيجد أن أمريكا استخدمت هذا القرار 6 مرات في فترة السبعينيات وهي الفترة التي شهدت صراعًا كبيرًا بين العرب واليهود الصهاينة، وقدمت أمريكا بهذه القرارات الستة حماية وغطاء لاحتلال إسرائيل أراضٍي عربية بعد نكسة 1967، وبلغ هذا الاستخدام الأمريكي الموجه والمريب لحق ال فيتو ذروته في فترة الثمانينيات حيث استخدمته أمريكا 22 مرة، من أجل أن تحمي إسرائيل وتشرعن جرام الصهيونية في المنطقة والعالم.
تعطينا هذه القراءة البسيطة في التاريخ المريب لأمريكا بمجلس الأمن، ويعطينا الواقع المرير الذي يعيشه أشقاؤنا في فلسطين ويعيشه كل العرب والمسلمين في بلاد الشرق والغرب، انطباعًا مريرًا وشعورًا عاجزًا بأنه لا فائدة من كل هذا وأننا نحرث في النهر.. "فلن يحك جلدنا غير أظافرنا".
أمريكا لن تتوقف عن دعم الكيان الصهيوني ولن تتواني لحظة عن تقديم الغطاء السياسي والمبررات الدبلوماسية فضلا عن الدعم العسكري اللا محدود طبعا، فلقد بات من المتوقع جدا بل من البديهي أن تقدم أمريكا علي هذا "العار السياسي والقانوني والإنساني"، وأن تهين القانون الدولي وتعطل وتمتهن مجلس الأمن إلي هذه الدرجة، فهي تحمي الاعتداء والاحتلال والإرهاب، وتقدم علي ذلك بحجج واهية وادعاءات أقل ما يمكن أن يقال فيها الاستخفاف بالعقل العالمي وبالأمة العربية والقانون الدولي ومجلس الأمن.
ففي الوقت الذي نراها تقدم كل هذا الدعم المفضوح المعنون بحجج وأدلة واهية رخوة بل وكاذبة، نراها تتحدث عن "دولة فلسطينية"، تتحدث عن مشروع وكيان لا يعلم أحد له شكلا ولا صورة ولا مسمي ولا وصفا ولا حدودا، لأنه بكل بساطة ليس موجودا سوي في الخيال الأمريكي فقط، ورغم ذلك لا تتوقف عن الترويج له، وكأنها تصر علي أن تقول لنا "أنا أسخر منكم.. أنا ألهيكم.....هذه ملهاة يجب أن ننتبه لها، وهذا فخ يجب ألا نسقط فيه.
أمريكا تحاول المراوغة والعبث المستمر من خلال التلويح بمسألة الدولة الفلسطينية وهي في الواقع تعرقل تنفيذ هذا المطلب، وتواصل دعم الكيان الصهيوني وجرائمه وإعطائه المبررات والغطاء السياسي ثم تلتف علينا نحن العرب من أجل أن تقلل من معارضتنا ومواجهتنا والاستفادة من ثرواتنا وأموالنا.
أمريكا تريد إنقاذ إسرائيل من الورطة التي سقطت فيها، وتريد أن تحقق لها ما لم تستطع هي تحقيقه بالحرب لذلك تلوّح بـ" دولة فلسطينية "، واشنطن لا تزال تقوم بشراء الوقت فهي لا تريد حل الصراع بقدر ما تريد إدارة الصراع، وهذا ما وضح جليا بعد استخدامها "ال فيتو الثالث" منذ اندلاع الأزمة، وما ساقته من مبررات واهية لهذا القرار.
نحن العرب يجب ألا نقبل بهذا الوضع المهين الممتهن لحقنا التاريخي في أرضنا العربية وحق الشعب الفلسطيني في الاعتراف بدولته، يجب ألا نرضي بالمراوغة والابتزاز الأمريكي، كما أنه علي العالم كله ألا يرضي بهذا التحكم والاستغلال وعدم التوازن في مجلس الأمن نتيجة امتلاك 5 دول فقط حق "الفيتو"علينا جميعًا أن نرفع "فيتو" في وجه هذا الـ" فيتو ".
نتيجة امتلاك 5 دول فقط حق "الفيتو"علينا جميعًا أن نرفع "فيتو" في وجه هذا الـ" فيتو ".