تزخر النسخة الثامنة من المهرجان الدولي للتصوير اكسبوجر 2024 بآلاف اللقطات الفوتوغرافية لـ400 مصور عالمي يستضيف أعمالهم المهرجان في نسخته الحالية التي تستمر فعالياتها حتى 5 مارس الجاري.
من هذه الصور التي تجبر الزوار والمشاركين في أروقة المهرجان على التوقف أمامها وتأملها، صور المصور الفرنسي المحترف لوران شيهير في معرضه "بعيداً جداً، قريباً جداً".
الملفت في صور شيهير الستة المعروضة جميعها بمقاسات كبيرة 1420v x 1420 تلك الرؤية المغايرة التي ينطلق منها شيهير لالتقاط صوره لمباني باريس المتهالكة والآيلة للسقوط، ومحاولاً إبراز جمالها الفاتن الخفي، ومنحها الخلود عن طريق إعادة العمل على الصور التي يلتقطها باستخدام برنامج الفوتشوب، وإضافة بعض المؤثرات الفنية المستوحاة من العديد من بعض الأفلام العالمية كـ "قلعة هاول" لهاياو ميازاكي، و"البالون الأحمر" لألبرت لاموريس، والكثير من المؤثرات التي تأخذنا للأجواء الفيلمية للمخرج الكبير فيديريكو فيليني، ومارسيل كارنيه وفيم ويندرز.
وفي معرضه لمنازل باريس الطائرة، يركز شيهير على مجموعة محاور هي الأقرب لقلبه، ففي صورته "قطع وأجزاء" يستلهم شيهير صورته من سوق باريس الشهير للسلع المستعملة، كألعاب الأطفال القديمة، والكتب ذات الورق الأصفر، والصور العائلية، والكثير من الأشياء ذات الطابع التراثي، فنرى منزلاً طائراً مغلفاً بهذه الأغراض التي نسيها الناس والزمن، والتي منحتْ العمل الفوتوغرافي بعداً سحرياً مدهشاً.
وواحدة من أجمل الصور التي يعرضها شيهير باكسبوجر 2024 صورةً بعنوان "حياة يعمها السكون" استُلهِمها من صور الحيوانات في "لاميزون ديرول" بيت الحيوانات المحنطة في باريس، و استطاع شيهير بعبقرية مزج كل تلك العناصر في وحدة فنية واحدة ليروي قصته العجائبية بشكل واقعي فريد من نوعه.
والجدير ذكره أن لوران شيهير يقوم بتصوير كل عنصر من عناصر صوره على حدا، وفي الأخير يقوم بتركيب هذه العناصر ليخلق منها فكرته ومنتجه النهائي.
وفي صورته المدهشة "السيرك"، المستوحاة من سيرك قديم مهجور شمال باريس، يجمع شيهير بين فيلمين يعتبران من العلامات في تاريخ السينما، فيلم «لا سترادا» لفيدريكو فيليني، وتحفة ويم فيندرز «أجنحة الرغبة». والصورة التي حمل باب السيرك فيها اسم زامبانو (أنطوني كوين) بطل فيلم لا سترادا، ممتلئة بكل مكونات الكوميديا الإنسانية، وكذلك التراجيديا.
وفي سياق استخدام التصوير لتعزيز قيم الحفاظ على البيئة، أكدت المصورة الأمريكية بيث والد، أنها استخدمت كاميرتها لتصوير الحدائق والغابات والمحميات الطبيعية، لرفع الوعي بأهمية المناطق الخضراء وضرورة الحفاظ عليها، والكشف عن الممارسات الجائرة بحقها.
وقالت بيث والد: "في ثمانينيات القرن الماضي، كانت المحميات الطبيعية في الولايات المتحدة تتعرض لممارسات جائرة، فكنت أحمل الكاميرا وأذهب حينها كمتطوعة مع إحدى المنظمات لتسجيل القصص وعرضها، بهدف رفع الوعي المجتمعي بأهمية الغابات والحفاظ على المناطق الخضراء".
وعن جولاتها العالمية، قالت: "تصاعد شغفي بالمناطق المحمية قادني للسفر إلى بلدان أخرى؛ فزرت المحميات في الأمريكيتين وآسيا، وعندما بدأت السفر لمناطق بعيدة كنت أبحث عن المغامرة والإلهام وتجمعت لدي معرفة وعلم بهذه الأماكن وتاريخها وتأثير الإنسان عليها وكيفية المحافظة عليها وإدارتها".
في السياق نفسه، قال المصور الصحفي الفرنسي الأمريكي جان بيير لافون إن "امتلاك كاميرا فقط لن يجعلك مصوراً ناجحاً، التصوير يعني الكتابة بالضوء".
وأضاف لافون المشارك بمعرض "نيويورك الصاخبة" ضمن فعاليات الدورة الثامنة من المعرض الدولي للتصوير "اكسبوجر 2024" أنه "لكي تكون مصورا ناجحا يتعين عليك أن تتمتع بصفات معينة لا غنى عنها، عليك مثلاً أن تعرف ما الذي ستقوم بتصويره قبل أن تقوم بتصويره؛ أهميته وأبعاده وتاريخه، ويجب أن تقول الحقيقة في صورك".
ويتناول لافون في معرضه "نيويورك الصاخبة" الذي يقام ضمن فعاليات "اكسبوجر2024"، حكاية عشقه عبر أكثر من 4 عقودٍ لمدينة نيويورك، منغمسا بعدسته في أحيائها الأربعة الأكثر شهرة، برونكس ومانهاتن وبروكلين وكوينز، ليروي عبر مجموعةٍ من الصور بالأبيض والأسود قصة المدينة، مخلداً الكثير من اللحظات والأحداث التي مرت بها المدينة في عقد الستينيات.
ووصدر للافون كتابا يحمل اسم المعرض نفسه "نيويورك الصاخبة" و يضم مئات الصور الفوتوغرافية التي التقطت معظمها بالأبيض والأسود، قال عنها لافون: "كان التصوير بالأبيض والأسود هو الطريقة الوحيدة أمام المبتدئين، لأن التصوير بالألوان كان باهظ الثمن، ومخصص أكثر للأزياء والإعلانات".
ويقدم المعرض مجموعة من الصور توثق جوانب مدينة نيويورك عارضة تواريخ مهمة مرت بها الولايات المتحدة الأمريكية وكان لها أثر عالمي كبير، من هذه الأعمال صورة مارتن لوثر كينج وهو يعارض حرب فيتنام، وصور من جنازته بعد أن تم اغتياله، كذلك صورته "لقد انتهت الحرب" من الحفل الذي أقيم بسنترال بارك في نيويورك، وغيرها من اللقطات التاريخية.