من عادات الناجحين ، الاستعداد والتخطيط لكل شيئ وخصوصاً الأشياء المهمة ، و كلما كان الأمر مهماً ، كان الاستعداد له أكبر ، وهذا حال أغلب الناس وكل أمر يقدر بقدره ، فاستعداد المرء لرحلة يوم غير استعداده لرحلة اسبوع أو شهر ، واستعدادات الخطوبة غير استعدادات الزواج وهكذا فعلي سبيل المثال اذا كان بالأسرة طالب داخل علي ثانوية عامة ، صارت الاسرة كلها مشغولة بترتيب دروسه الخصوصية ( قبل أن يبدأ العام الدراسي ) بالبحث عن أمهر المدرسين في كل ماده ، والحرص علي الحجز المبكر ، ووضع خطة محكمة وتنظيم الوقت ، و توفير كل سبل النجاح المادية والمعنوية ، كي يحصل علي الدرجة التي بها يدخل الكلية التي يرغبها ، أو يحلمون بها ، هذا في أمور الدنيا وهو أمر محمود لا بأس به
وفي أمور الأخرة التي هي خير و أبقي ، فالأمر يجب أن يعامل بنفس الطريقة فيأخذ نفس الإهتمام والناصح من يعطيه اهتماماً أكثر .
وفي شهر رمضان الذي هو من أهم العطايا الربانية ، التي من الله بها علينا ، لما فيه من الخير الكثير ، الذي أكدت الأحاديث الصحيحة علي مزيد فضله ، يكفينا فيه ما رواه ابو هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمانا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " رواه البخاري ومسلم فرمضان بمثابة البحر الذي يغسل الناس من أوساخ الذنوب ، فهل لعاقل أن يدخل هذا الشهر ويخرج منه كما كان ؟ بالطبع لا قال النبي صلي الله عليه وسلم عن هذا الشخص الذي دخل عليه شهر رمضان وانتهي وهو كما كان قبل رمضان " رَغِمَ أنفُ امرئٍ أدرك رمضانَ فلم يُغْفَرْ له " والمعني انه خاب وخسر ولأستثمار هذا الشهر استثماراً جيدا لا بد أن يكون لنا فيه خطه ، تمكننا من الاستفاده منه علي الوجه الأمثل ، ومن المعلوم أن الكتابة تساعد علي انجاز أكثر ، فاكتب خطتك أو اتبع ما نكتب عسي ربنا أن يكتبنا واياكم من المقبولين ومن الرابحين فيه بإذن الله و أول ما يجب عمله في هذا الشهر الكريم الاخلاص لله : ينوي العبد أداء كل الأعمال قربة لله عز وجل فهو المستحق وحده للعباده ولا أحد سواه .
العزيمة و الإصرار : أن يكون للمرء عزيمة تمكنه من أن يكون من الرابحين في هذا الشهر الكريم ، وانه سيقوم بما يلزم علي أكمل وجه لتحقيق ذلك ، و يحسن الظن بالله ، بأنه سيجعله من المقبولين .
المحافظة علي الصلاوات : المحافظة علي الصلاوات المكتوبة فهي رأس الاسلام وعموده ، و هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة ، فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله ، وبالتالي لا يسمن أي عمل ولا يغني من جوع إذا ضيعت الصلاة ، والحرص علي صلاة الجماعة لأنها تعدل صلاة الفرد ببضع وعشرين درجة .
التقرب بالنوافل : التقرب والاكثار من النوافل لما فيها من الاجر العظيم خاصةً في شهر رمضان لحديث النبي صلي الله عليه وسلم : عمرة في رمضان كحجة معي " فهنا النبي صلي الله عليه وسلم لم يجعل فضل السنة( النافلة ) في رمضان كفضل الفريضة وحسب ، وانما زاد عليها شرف معيته صلي الله عليه وسلم.
ومن المؤكد أن صلاة الفرض في رمضان يكون لها أيضاً من الفضل ما ليس في غير رمضان فعليك بالسنن الرواتب وقيام الليل فأنه شرف المؤمن ، فيكون لك مع الله كل ليلة موعد في عدد ركعات لا تتنازل عن أدائها قراءة القرآن : فلقراءة القرآن في رمضان فضل عظيم فكان جبريل عليه السلام يأتي النبي كل ليلة في رمضان يدارسه القرآن ، فيجب علي المرء أن يكون له ورد يومي من القرآن حيث أن قراءة القرآن فيها أجر عظيم فبكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها ويضاعف الله لمن يشاء.
ذكر الله : اجعل لسانك دائماً رطباً بذكر الله ، فما اسهلها من عبادة ، أجعل لك كل يوم نصيب معين من التسبيح والتهلليل ، من الاستغفار ، من الشكر ، فبذكر الله تطمئن القلوب ، والاعراض عنه يجلب الضنك في المعايش، وقد أعد الله للذاكرين مغفرةً و اجراً عظيماً يكون لك ورد يومي من الصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم فهي سبب السعاده في الدنيا والاخرة ، وبها نغفر الذنوب وتكفي الهموم حلق الذكر : احرص علي حلق الذكر ودروس العلم فهي محفوفة الملائكة ، وهي كثيرة في رمضان.
الدعاء : أحرص دائما علي الدعاء فمع غروب شمس كل يوم وعند الافطار جعل الله للمسلم الدعاء مقبول لقول النبي صلي الله عليه وسلم " إنَّ للصَّائمِ عندَ فِطرِه دعوَةٌ ما تُردُّ ".
الزكاة والصدقة : فالزكاة ركن من أركان الاسلام وهي طهرة للصائم ، والصدقة من الأسباب التي تُؤدّي إلى قبول العمل والعبادة عند الله، ومضاعفة الأجر والثواب لصاحبها الذي يُظَلُّ في ظلّها يوم القيامة ، والنبي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ.
صلة الارحام : فهي من أفضل الاعمال التي يتقرب بها الي الله في رمضان ولها من الفضل الكثير يكفينا قوله صلي الله عليه وسلم " مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَه " والله سبحانه وتعالي يقول " قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَي " فاعمل جدول زيارات لذوي رحمك و أقاربك ترضي ربك و تنل بذلك الأجر الوفير.
تحري ليلة القدر : فيجتهد الانسان في العشر الاواخر من رمضان يلتمس فيها ليلة القدر فهي ليلة قال عنها ربنا عز وجل خير من ألف شهر أي ما خير من ما يقرب من ثمانين عاماً ، و قال عنها رسول الله صلي الله عليه وسلم من حرم خيرها فقد حرم .
الاعتكاف : فالاعتكاف من السنن الشبه مهجورة لظروف الحياة و أحداثها السريعة رغم أن فيها من الفضل الكثير ، فيمكن أن ينال الانسان خيرها بأن ينوي عند دخول المسجد الاعتكاف المدة التي يتسطيعها ، ولو نصف ساعة بنية الاعتكاف فقد يصيب السنة .
افطار صائم : فان تيسر لك الأمر فقم بافطار صائم او أكثر فان مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ قراءة الاحاديث أو السيرة : فاجعل لسنة المصطفي نصيب من وقتك في هذا الشهر الكريم واقرأ ولو كل يوم حديث واعمل به أجعل لسيرة الأنبياء والصالحين نصيباً فاقرأ عنهم وتعرف عليهم واقتدي بهم العمرة : إن تمكنت من قضاء عمرة في هذا الشهر المبارك ، فقد نلت شرف المكان وشرف الزمان ، وكانت لك أجر حجة في صحبة النبي صلي الله عليه وسلم عود مريضاً ، أمشي في جنازة ، أمر بمعروف ، انهي عن منكر ، اهدي ضالاً ، ارشد تائهاً ، انصح مبتلي ، ساعد محتاجاً ، عاون اهلك ، جالس أبناءك ،فرج هم مهموم ، نفث كرب ، أجبر خاطر ، قل خيراً أو اصمت نظم وقتك : فالوقت هو الحياة وكم من رصيد حياتنا ضاع في غير مفيد ، فاحرص علي عدم اهدار الوقت ، نم مبكراً وابعد عن السهر بلا فائدة تغنم.
وعلينا أيضاً أن نتجمل بما يلي : سلامة الصدر : فبها بلغ الصحابة الدرجات العلي ، فكانوا يبيتون وليس في صدورهم غلاً لأحد ، ومن ذلك أيضاً المسامحة ، لأنها من شيم الكبار ، فقد مدح الله الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ، فلا تدخل رمضان وقلبك فيه مثقال ذرة من بغض أو حقد على إنسان وسامح لوجه الله.. واحذر الخصام فإنه يمنع رفع الأعمال .
سلامة اللسان : لقول النبي صلي الله عليه وسلم " وهل يكب الناس علي وجههم في النار الا حصائد ألسنتهم " فنبتعد عن كل غيبة وعن كل نميمة، ونكون كالشافعي ، عندما قيل له فلان يذكرك بسوء فقال له : إن صدقت فأنت نمام وإن كذبت فأنت فاسق ، واحذر الكذب والسب فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، الصيام جُنَّةٌ، إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يَرفُث ولا يصخب، إن سابَّه أحدٌ أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم ".
مراعاة شعور الآخرين : وخصوصاً الجار ، فلا يشم رائحة طعامك إلا أعطيته منه ، ولا يري أبناؤه فاكهتك الا وتعطيعهم منها ، ولا تتحدث عن غناك أمام فقير ولا صحتك أمام مريض ، ولا سعادتكم امام حزين ، تحسس في كلامك فلكل مقام مقال
واحذر أخي الحبيب من لصوص شهر رمضان ، الذين يسرقون الاجور ويضيعون الأعمال في رمضان ويحبطونها.
احذر جليس السوء : ينم ويغتاب ويجاهر بالمعصية ، فالصاحب ساحب ، فتخير من يعينك علي البر والتقوي ، تخير من يأخذ بيدك الي طريق الله ، تخير من يذكرك دائما بالجنة ويخوفك من النار ، فخير الاصحاب من إذا ذكرت الله أعانك و اذا نسيته ذكرك .
احذر الجلوس أمام شاشات التليفزيون : فهي تضيع وقتك بين أفلام ومسلسلات وبرامج تافهه ، مشاهد عاريه ومناظر سوء ، تضعف ايمانك وتقلل من عزيمتك ، وتلهيك عن طاعة الله .
احذر الجلوس علي الانترنت ،الكمبيوتر والموبايل : وخصوصاً ما بها من برماج كالتوكتوك وكوياي وما شابه فإنها تأكل الوقت كما تأكل النار الهشيم ، مقطع يجر مقطع و مشهد يجر مشهد وموقع يجر موقع ، حتي يضيع اليوم
احذر الرياء : فانما يتقبل من العمل اخلصه و أصوبه سراً كان أم علانيةً .
النوم المبالغ فيه : فلا يستوي من صام اليوم وهو يؤدي يومه طبيعي ومن نام طول النهار واستيقظ علي أذان المغرب .
نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم و أن يجعلنا وإياكم من الفائزين بخير هذا الشهر الكريم .
وكل عام وانتم بخير