دائما ما تتجلي الوحدة الوطنية، في أسمي معانيها، بين أشقاء الوطن، خاصة في المناسبات الدينية، وفي شهر رمضان المبارك ودائما ما يعكس الإخوة الأقباط صورة مضيئة عن العلاقة الأزلية بين شطري الأمة المصرية بإقامة العديد من الموائد الرمضانية ليتقاسموا حبات التمر والوجبات الرمضانية مع انطلاق مدفع الإفطار وصدح المساجد بالآذان.
ما أقوله ليس مجرد كلام جرائد كما يزعم البعض، أو شغل سياسة كما يروج المشككون، ولكنها حقيقة مؤكدة نراها بأم أعيننا في الشوارع والميادين، حيث تُعلق اللافتات التي تدعو الصائمين لتناول وجبات الإفطار و السحور .
فمنذ عدة سنوات كنت أشاهد حيث أقطن في مدينة بدر الميادين تتلألأ بالأنوار وتتزين بالفوانيس، بل والأكثر من ذلك مائدة إفطار كبري يتزاحم عليها الصائمون، وكنت أظن أن القائم علي ذلك، إما جهاز المدينة وإما مظاهر من مظاهـــر فرحـــة المسلمين بقدوم الشــــهر الكـــريم، ولكن تبين لي أنها مبادرة من شاب مسيحي الديانة مصري الجنسية يدعي جمال عازر.
لا تتعجبوا فهذه هي حقيقة المصريين الذين يؤمنون كل الإيمان أن الدين لله والوطن للجميع، وما الأخ عازر إلا واحد من ملايين المسيحيين الذين لم يتوقف تأكيدهم لروح الأخوة والمودة.
فلننتبه جميعًا إلي أن ما يقوم به الإخوة الأقباط من لفتات طيبة خاصة في شهر رمضان يدخل الفرح في قلوب المسلمين ورسالة قوية انهم في حب وسلام وترابط إلي يوم الدين.
هذه الرسالة الوطنية دفعت مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام أن يشيد بمثل هذه التصرفات، قائلًا في أحد تصريحاته: "إن التجربة التاريخية المصرية أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أن المصريين جميعًا يعيشون في أخوة وتعاون وتكامل، وأشار إلي أن فتاوي دار الإفتاء وغيرها حريصة أشد الحرص علي تعزيز هذه العلاقات الطيبة بين المصريين جميعًا وأن النسيج المجتمعي المصري لم يميز بين مواطن وآخر، بل يحيي في منظومة متناغمة تحقق العيش المشترك الذي تحيطه المحبة والتسامح والسلام.