كشف الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي عن أفضل نصيحة تساعد الشخص الذي يعاني من الخوف تجاه المستقبل على التغلب على هذا الشعور.
وأضاف خالد في ثامن حلقات البرنامج الرمضاني "الفهم عن الله – الجزء الثاني"، أن "الخوف سلوك بشري طبيعي، لكن المشكلة عندما يزيد عن الحد المقبول والمعقول"، مبينًا أن الخوف يحدث "عندما يرتفع التحدي وأنت قدراتك قليلة، لكن لو التحدي مرتفع وقدراتك عالية يقل الخوف جدًا بل يتحول لإثارة ومتعة".
التغلب على المخاوف
ونصح خالد بالتغلب على تلك المخاوف بحسن التوكل على الله، لأن التوكل معناه إدخال الله معك في معادلة الحياة.. "وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا ۚ وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا آذَيْتُمُونَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ".
وأوصى قائلاً: "إياك أن تتحرك بدون استشارة غيرك ممن تثق في رأيهم، أو تأخد قرارًا بمفردك، "وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ"، داعيًا إلى إخراج الإحسان من الداخل، "فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ".
وبين خالد أن الخطة لمواجهة الخوف في الأشياء الصعبة في الحياة، هي أن تجتهد وترفع قدراتك حتى تخرج أحسن ما عندك وأنت مطمئن "إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا".
وذكر أن آيات التوكل في القرآن دائمًا ما يأتي معها استعراض لقدرة وعظمة ربنا في الكون، كأن المعنى: "إذا كان هذا وكيلك كيف توكل غيره وهو الذي يعرض عليك؟".
جدد عقد التوكل مع ربنا
لكنه شدد على أن "عقد التوكل لابد أن يتجدد يوميًا أو أسبوعيًا وألا تنساه.. يحتاج إلى تذكير.. كان النبي صلى الله عليه وسلم يردده 7 مرات في أذكار الصباح كل يوم".
وبين خالد كيف أن سيدنا موسى عليه السلام تغلب على الخوف بالتوكل على الله. فالقرآن يقول حكاية عنه: " كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ"، مما اعتبره تدريبًا ربانيًا على الانتقال التدريجي من الخوف إلى التوكل.
من الخوف إلى قمة التوكل
وروى أن هناك ثلاث مواقف لموسى نقلته من الخوف إلى قمة التوكل عندما سلم الأمر لله عندما لاحقه فرعون وجيشه، إذ لم يقل اطمئنوا سيشق الله البحر الآن، لأنه لم يكن يدري أن ربنا سيختار هذه الوسيلة لنجاتهم، فقط هو متأكد أنه لن يتركه، لذلك لم يحدد طريقة فقط قال " إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ"، أنا واثق ومسلم وسيلة بأن النجاة من عنده.
غموض القدر وتركيبة الحياة
وأوضح خالد أن الحياة مبنية على الغموض، وأن غموض القدر جزء أساسي في تركيبة الحياة، حتى تختار الخوف أم الأمل، مبينًا أن مفاتيح الغيب خمسة لا يعلمها إلا الله وحده.. جمعها ربنا في آية واحدة في ختام سورة لقمان " وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ".
وذكر أن قدر الإنسان مكون من 5 أشياء غيبية لا يعلمها إلا الله وحده، وهي:
" إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ"، لا أحد يعمل يوم القيامة.
" وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ"، الغيث ليس فقط المطر، الغيث هنا مادي ومعنوي.. ما سيحصل من متغيرات في الأرض تغير كل مقدرات وأرزاق البشر نتيجة نزول المطر.
"وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ"، لا أحد يعلم أيكون شقيًا أم سعيدًا؟.. لونه وجيناته وطوله وعرضه عندما يكبر، ولون عينه ولون شعره.. "هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".
"وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا"، لا يعلم ماذا سيكسب من مال في المستقبل.
الخامسة والأخيرة "وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ"، متى وأين؟
وخلص خالد إلى أن المعنى: "كل مقدراتكم الكبرى بيد الله وحده.. يا عبادي هذا قدركم بين يدي وحدي.. توكل أم خوف وتوتر وقلق؟.. أنت من سيختار".
وقال إنه كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل منها"، وكان من دعائه أيضًا: "اللهم احفظني بعينك التي لا تنام"، و"اللهم بك آمنت ولك أسلمت وعليك توكلت وأنا بك وإليك".
وأكد خالد أن "الحياة مليئة بالأشياء الغامضة في المستقبل.. الرزق – الحب – السعادة – الصحة والمرض – الموت وموعده وأين ومتى... كلها غيب وغموض".
6 محطات ومفارق طرق كلها غموض
وأشار إلى أن كل شخص يمر في حياته بـ6 محطات ومفارق طرق كلها غموض، هي:
مرحلة الدراسة.. ماذا سأدرس وأين؟
مرحلة العمل.. هل سأجد عملاً وما حجم الراتب والمستقبل؟
مرحلة اختيار شريك الحياة.. من سأتزوج وهل سأكون سعيدًا؟
مرحلة تأخر الرزق.. متى يأتي المال؟
مرحلة مفارق الطرق في سن الأربعين.. في أي طريق سأتجه.. وكيف ستكون حياتي؟
مرحلة مستقبل الأولاد.. أملي وحلم حياتي.. كيف يكون مستقبلهم؟
وقال خالد إن كل مرحلة غموضها مختلف عما قبلها، لكن كلها تشترك في الخوف والتوتر والقلق من غموض المستقبل.. غموض القدر.
وأكد أن "كل هذا يضع ضغطًا نفسيًا شديدًا على الإنسان وصفه الله بقوله "إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا* إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا* وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا* إِلَّا الْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ".
واعتبر خالد أن "غموض القدر هو سر كل إبداع ونجاح واكتشاف في الحياة، لأن الإنسان لديه فضول، وشغف أنه يكتشف ما هو قادم، حتى يكتشف أن قدر ربنا كله خير،" وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ".
وبين أن التعامل نفسيًا وعقليًا مع هذا الغموض يكون من خلال التوكل والإحسان، مما يؤدي إلى حل مشكلة غموض القدر.
قاعدة اليوم:
واختتم خالد بذكر القاعدة الثامنة، وهي: غموض القدر يضعك بين اختيارين لا ثالث لهما.. إما أن تستسلم لخوفك من المستقبل.. أو تقوم بتفعيل التوكل والإحسان حتى يتلاشى الخوف أو يصبح في الحد الأدنى الذي تستطيع أن تتحمله".