منذ أيام انتهى مارثون انتخابات نقابة المحامين بإعلان فوز الأستاذ عبد الحليم علام نقيبا عاما بالإضافة إلى ٢٨ عضوا في مجلس النقابة.
ورغم ماسبق العملية الانتخابية من إرهاصات وطعون وإشكاليات قانونية أدت إلى تأجيل إجرائها من يوم ٩ مارس إلى ٢٣ من الشهر ذاته، وعلى الرغم أن قرار التأجيل كان محلا لاعتراض بعض المرشحين إلا أن الانتخابات جرت فى جو يسوده الهدوء سواء الفترة السابقة على الاقتراع أو يوم الاقتراع ذاته، مع التزام الحملات الدعائية لكل مرشح بالمبادئ الأخلاقية وما تفرضه قيم المحاماة وأصولها.
ولكن مع إعلان نتيجة الاقتراع حدثت عدة مفاجآت ومفارقات
ومن أهم هذه المفارقات ثلاث، نرصدها فيما يلي:
المفارقة الأولى: هو إعلان فوز الأستاذ عبدالحليم علام رغم أن كل المؤشرات واستطلاعات الرأى كانت ترشح فوز الأستاذ سامح عاشور، وكانت تقول إن منافسه على مقعد النقيب سيكون الأستاذ نبيل عبدالسلام، وقد قدم للجمعية العمومية برنامجا انتخابيا طموحا ورؤية مستقبلية متفردة سواء على المستوى المالى أو الإداري.
ولم يأت ترجيح كفة الأستاذ سامح عاشور من فراغ بل كان لها ما يؤيدها على أرض الواقع فقد قيل: إن سامح عاشور واثق من الفوز وإلا ما كان أقدم على الاستقالة من مجلس الشورى والحق أقول: إن هذا الرأي سانده حجم الدعاية الانتخابية وعدد الحضور فى المؤتمرات التى عقدها فى مختلف المحافظات حتى أنه قيل يكفى لنجاح عاشور الحاضرين فى هذه المؤتمرات.
ولكن فى اعتقادى أن حملة عاشور لم تكن موفقة فى أمور كثيرة ومن سقطاتها على سبيل المثال لا الحصر، أنه تم الترويج ونشر صورة دعائية قديمة لسامح عاشور مسطور أسفلها بعض بنود أحد برامجه الانتخابية منذ عشرين عاما، التي لم ينفذ منها الكثير بشهادة الكثير المحامين، فكانت هذه سقطة استغلها المنافسون للدعاية السلبية ضده.
وفى المقابل ورغم تأخر الحملة الانتخابية لعلام فى الظهور على الساحة إلا أن علام كان من الذكاء أنه قام بافتتاح بعض غرف المحامين، وبعض منافذ الخدمات النقابية ووضع أساسا لعدد من النوادي، وأضاف للنقابة بعض الثروات العقارية كل ذلك تم أثناء الفترة السابقة على يوم الانتخاب مما لفت أنظار المحامين، ورجح كفته.
وهنا أقول: إن هذا الأسلوب الدعائى أحدث هذا الفارق فى عدد الأصوات التى حصل عليها كل منهما وأتت بالمفارقة التى لم يتوقعها أكثر خبراء التوقعات تفاءلا.
المفارقة الثانية: هى خلو مجلس النقابة من العنصر النسائى رغم أن المحاميات تمثلن تقريبا ثلث الجمعية العمومية وعلى الرغم من الزخم الإعلامى والمؤتمرات التى عقدتها بعض الجمعيات النسائية تحت عنوان "انتخبوا المحاميات"، ورغم أيضا أن المرشحات من المحاميات سواء من اللاتي لهن تجارب انتخابية أو ممن تصدين حديثا للعمل العام مثل المحامية عزة جاد، كل واحدة منهن جديرة بالحصول على مقعد العضوية ولكن كانت النتيجة مخيبة للآمال.
وأعتقد أن السبب الرئيسى لهذا الإخفاق هو أن التمثيل النسائى فى مجلس النقابة السابق لم يكن على القدر الكافي والمرضي لطموح المحاميات وآمالهن، والسبب الثانى هو عدم التنسيق فيما بينهن، فعملت كل واحدة منهن على انفراد وعليهن من الآن دراسة ما وقعن فيه من أخطاء لتجنبه فى انتخابات الفرعيات.
المفارقة الثالثة: هى خروج المحامين المهنيين من السباق، فمن عجب العجاب ألا يحظى الدكتور محمد الجندي والفقيه أحمد أبو المعاطى والفقيه عدنان عبد المجيد وأيمن عطالله بثقة الجمعية العمومية، وفى المقابل يعود إلى المجلس بعض الأعضاء ممكن كانت تدور حولهم علامات استفهام وتعجب وأغلبهم ممن ينتمون إلى المدرسة العاشورية فكيف نجحوا دونه؟.
ولكن كما يقال إن للانتخابات حسابات أخرى، ولكن على أى حال فإن الأيام القادمة ستكشف عما إذا كان اختيارت الجمعية العمومية صائبة هذه المرة أم كالعادة، سنرى تراجعا يسبقه تراجع، يدفع ثمنه المحامون، ويعانون أشد المعاناة في مهمتم.