أحمد عاطف آدم يكتب: المراهقة وتحديات العصر

أحمد عاطف آدم يكتب: المراهقة وتحديات العصرأحمد عاطف آدم يكتب: المراهقة وتحديات العصر

*سلايد رئيسى24-10-2018 | 16:56

شتان الفرق بين فترتي الطفولة وفترة المراهقة ، ليس فقط في حدوث تلك التغيرات المختلفة من الخصائص النفس جسدية وانعكاساتها الاجتماعية ، بل هناك تحد أكبر وأخطر ، وهو تقلبات وتطورات العصر تكنولوجيًّا وتقنيًّا .

هل تتذكر عزيزي القارئ عندما كنت تجلس وأنت طفل مع جدك أو جدتك تستمع إلي حكاياتهم وهم صغار وكيف كانت طفولتهم تزخر بالأحداث المثيرة والدافعة لعمل مقارنات ملهمة بين جيلهم وجيلنا .

غالبا ما كنا ننبهر بها ، ولا نحبذ مغادرة جلستهم المليئة بالصور الممتعة والخبرات المذهلة ، وسرعان ما اختلف الأمر قليلا مع بلوغنا فترة المراهقة ، فدائما ما كنا نظهر تمعضًا وزجًرا ، ولكن بأدب جم ممزوج بخوف من إغضاب الأب أو الأم أو حتي أي كبير ناصحا وموجها لنا ، وبالرغم من أن وسائل الإعلام لم تكن بالزمن الجميل مثلما هي الآن من تقدم وتطور مذهل لاسيما علي المستوي التقني والاتصالي ، إلا أن دوافع الالتزام كانت تتطور بشكل أرقي من آلياتنا التفاعلية مع التكنولوجيا ذاتها ، ذلك الرقي النابع من قناعتنا بأن مبعث تقدمنا أخلاقيا وعلميا هم أهالينا ومعلمونا وكبراؤنا سنا وعلما .

ولكن الآن أصبحنا نتفق جميعا بأن تلك الثوابت والأصول العرفية والأخلاقية بدأت تتلاشي بسرعة الضوء عند الأجيال الآنية .

يقول أحد الأصدقاء إنه لم يسترق السمع أثناء تواجده بإحدى المصالح الحكومية ، عندما دار حديث مسموع بين سيدتين تجاورتا بالقرب منه في انتظار دوريهما علي شباك خدمة العملاء وبدا أنهما لا يعرفان بعضهما البعض من قبل ، حيث قالت السيدة الجالسة خلفه للأخري ، إنها كانت قد انتهت من إعداد وجبة الغداء لأبنائها ثم نادت علي ابنتها طالبة الثانوية العامة لتتناول وجبتها حيث كانت تجلس بغرفتها تراجع دروسها قرب الامتحانات ولكنها لم تجبها، ففتحت الباب لتتفاجأ بها جالسة أمام جهاز الكمبيوتر تشاهد أحد الأفلام المخلة واضعة سماعات الأذن ، ولم تشعر حتى بدخول أمها ، فلم تتمالك الأم نفسها وهي تصفعها بالقلم علي وجهها .

وبدأت في استجوابها ، لتفاجئها الفتاة بأنها وكثيرات من زميلاتها يشاهدونها ويتبادلونها بحجة الوعي والتثقيف وأن الزمن اختلف ، ثم أتبعت سببها السفيه بآخر ربما يكون أكثر منطقية وإقناعًا من الأول وهو لأن والدتها لا تتحاور معها ولا تثقلها من خبراتها وتقربها منها.

وربما تدفعنا القصة سالفة الذكر للتوقف عند السبب الأخير الذي ساقته الفتاة كمبرر يستمد إقناعه ومنطقيته من تلك الفجوة بل الهوة السحيقة بين الجيلين، جيل راديو الترانزستور واحترام وتبجيل المعلم في حياته وبعد مماته ، وجيل آخر بدأ بتعدد وانفتاح قنوات الفضاء الملاكي التي تبيع هواءها لمن يدفع أكثر للإعلان خلال دقائقها السفيهة في كثير من الوقت ، مرورا بساحات وباقات الإنترنت المسرطن بفيروسات غربية تدعم تشرذم وشذوذ كل ما هو ناطق للغة الضاد ، وصولا لمواقع "الفصام الاجتماعي " وهي الأخطر علي الإطلاق، لأنها تعتمد على تأصيل إستراتيجية قتل القدوة في عقول أهم شريحة في مجتمعاتنا المتهالكة وهم الشباب .

وهنا أقول لكم ..انتبهوا لفلذات أكبادكم ، قربوهم منكم ، اسمعوهم ، أقنعوهم بخطورة زمانهم ونبهوهم لتحدياته، وأكدوا عليهم أن كل ما تم اختراعه من التكنولوجيا ظاهره أدوات تساعدهم علي التواصل والتطور وفي باطنه التخريب والتدمير الممنهج لأصولهم وعاداتهم التي فشلت كل المحاولات السابقة لتغريبها أو محو عروبتها.

    أضف تعليق

    وكلاء الخراب

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    إعلان آراك 2