التقاء المصالح بين الأعداء يكون أصعب كثيرًا من التقاء المصالح بين الأصدقاء خاصة فى الحالة الإيرانية، حيث تم استخدام إيران فى تحقيق أهداف استراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها مقابل إطلاق يد إيران فى مد نفوذها فى المنطقة العربية، ولولا تباين الآراء بين أمريكا وإسرائيل والحلفاء الغربيين فيما يخص الشأن الإيرانى لأصبحت إيران رأس حربة حلف الناتو فى الشرق.. رغم الدعوات العدائية التى يطلقها نظام الملالى فى إيران ضد الولايات المتحدة الأمريكية ووصفها بالشيطان الأكبر وربيبتها إسرائيل بالشيطان الأصغر وهو الشعار الذى أطلقه الإمام الخمينى بعد أن أصبح مرشد الثورة الإيرانية، وهى الدعاية التى قامت عليها عملية ترسيخ العلاقات بين دول الطوق العربى حول إسرائيل وبين إيران ما عدا مصر والأردن..
وقد أعلن نظام الملالى فى إيران العداء تجاه السياسة المصرية بعد توقيع مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل وقد تم استغلال ذلك ببراعة للدعاية الإيرانية للتقرب مع دول عربية فيما عرف بجبهة الرفض العربى، إلا أن الحرب الإيرانية العراقية فى بداية الثمانينيات كشفت كثيرًا من النوايا الإيرانية فى بسط نفوذها ليس على الخليج العربى فقط، إنما التدخل المباشر فى أنظمة الحكم فى العراق وسوريا واليمن ولبنان، وربما فضيحة العلاقات السرية بين إيران وأمريكا وإسرائيل إبان الحرب العراقية الإيرانية والتى أطلق عليها إعلاميا ( إيران كونترا و إيران جيت) والتى كشفت الوثائق السرية عن مساعدات أمريكية ل إيران ونقل أسلحة عن طريق إسرائيل إلى الحرس الثورى الإيرانى.
كل ذلك ينقل بوضوح أن هناك تنسيقًا يتم بطرق مختلفة بين إيران من جهة وأمريكا وإسرائيل من جهة أخرى، وحتى لا يلتبس علينا الأمر يجب أن نفرق بين أطماع إيران من ناحية واستغلال أمريكا فزاعة إيران لابتزاز دول الخليج لضمان تدفق النفط وزيادة مبيعات الأسلحة الغربية لدول الخليج لمواجهة الخطر الإيرانى المرتقب، وهذا ما يبدو أن الطرفين الأمريكى والإيرانى قد اتفقا عليه ضمنيًا، ويمكن اختصار ذلك فى كلمات بسيطة، إيران تشعل الاضطرابات الطائفية فى المنطقة العربية خاصة الخليج العربى دون المساس بالمصالح الأمريكية والإسرائيلية وأن تغض أمريكا الطرف عن تمدد النفوذ الشيعى فى العراق ولبنان وسوريا اليمن.. حدث هذا ولا يزال يحدث حتى ولو أعلنت أمريكا أنها ضد التوغل الإيرانى فى الخليج العربى.. لكن يبدو أن شهر عسل غرام الأفاعى بين أمريكا و إيران قد انتهى.